أطلقت مجموعة من الشخصيات العشائرية في محافظة الأنبار، اليوم الأحد، تهديداً بالانشقاق عن مجلس العشائر الموحد للمحافظة، الذي يدير شؤون المحافظة الاجتماعية منذ نحو ثلاثة أشهر بعد خروج عدد من المدن عن سيطرة الحكومة المركزية.
ورهنت المجموعة هذه الخطوة في حال عم توضيح 11 عشيرة موقفها من تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش". كما ربطتها بكشف المتورطين في اغتيال القيادي في قوات الصحوة، نصر الذيب.
وكان الأخير اغتيل، الخميس الماضي، عندما انفجرت عبوة ناسفة في سيارته شمال مدينة الرمادي. كما تم استهداف مجلس عزائه بعد يوم واحد، ما أدى إلى مقتل وجرح عشرات المواطنين.
ويعتبر الذيب أحد زعماء قبيلة البو علوان. وكان أعلن عن رفضه التعاون أو التعامل مع تنظيم "داعش"، واعتبره خطراً يهدد الانبار أكثر من قذائف وصواريخ الجيش الحكومي.
وقال زعيم عشيرة البو فهد في الأنبار، الشيخ رافع عبد الكريم الفهداوي، في حديث لـ"العربي الجديد": "كلنا ضد سياسية المالكي، لكن هذا لا يعني أن نتحالف مع داعش". وأضاف "هو سرعان ما سينقلب علينا كما فعل في سوريا مع الجيش الحر، لكن مع الأسف هناك عشائر تحالفت مع "داعش" في مناطق نفوذها غرب وجنوب الرمادي ووسط الفلوجة". وتابع "نحن نعتبر ذلك سابقة خطيرة على أمن ومستقبل الأنبار".
وأوضح الفهداوي أن مجلس العشائر منقسّم على نفسه، بين رافض للتحالف مع "داعش" وبين مؤيد في الوقت الحالي. وأضاف: "نحن نرى أن ذلك خطراً يهدد المجلس ويشتت العشائر". وأشار إلى أن عدم التوصل إلى اتفاق على مدى الأيام الثلاثة الماضية، "هو ما دفعنا إلى هدر دم شخصيات عشائرية نعتقد أنها متورطة باغتيال الذيب الأسبوع الماضي".
من جهته، قال رئيس مؤتمر صحوة الأنبار، أحمد أبو ريشة، إن شيوخ العشائر التي تحالفت مع التنظيم ستدفع ثمن ذلك، وتتحمل عاقبة مقتل الذيب وغيره. وأضاف أبو ريشة، في حديث لـ"العربي الجديد": "نحن نحمل "داعش" (مسؤولية) شق صفنا ووحدتنا". وأوضح أنه "يتوجب على العشائر اليوم تجميد عملياتها العسكرية ضد الجيش، كي نعزل عناصر التنظيم ونميزها في صفوفنا". واعتبر أن "ما جرى قبل يومين من استعراض قوة للتنظيم في الفلوجة يعتبر رسالة تخويف للفصائل العشائرية والوطنية المسلحة وليس لقوات المالكي".
وكان تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام، قد أقام استعراضاً للقوة بعدد من العربات والمدرعات التي استولى عليها من قوات الجيش في الفلوجة. كما أعلن عن إقامة محكمة شرعية لفض النزاعات.
واعتبر أبو ريشة أن ما حصل تطور خطير للغاية. وأشار إلى أنه "يجب اجتثاث "داعش" والعودة إلى المعارضة السلمية والتفاوض برعاية الأمم المتحدة والاتحاد الاوروبي اللذين أعربا عن استعدادهما التدخل للوساطة".
من جهته، رد رئيس المجلس العسكري لثوار العشائر في الأنبار، علي الحاتم، على دعوة أربعة من زعماء العشائر إهدار دمه بالقول: "تلك الدعوة متوقعة بعد وصول مليارات المالكي إلى الأنبار ونجاحها بشراء ذمم عدد من زعماء العشائر".
وأضاف الحاتم، في حديث لـ "العربي الجديد"، "نحن نرى أن "داعش" صنيعة إيرانية خلقت لإخماد الثورات في العراق وسوريا وقد تمتد إلى دول أخرى، ولن ولم نتحالف مع تنظيم الدولة". وتابع "لكن على من أهدر دمنا أن يسأل نفسه هل الانبار فقط تعاني من "داعش" أم أنها في جميع مدن العراق". وتساءل "هل الذيب أول شخصية عشائرية تُقتل في الأنبار أم أنها سلسلة من استهداف مخطط له في عموم العراق".
واعتبر الحاتم أن "إهدار الدم لا يعني شيئاً، وعلى الجميع أن يعلم أن تخلف أربعة أو خمسة عن الثورة لن يضرها في التراجع ونحن نتهم من اتهمنا بالتحالف مع "داعش" بأنه خائن وسنوقع عليه الحكم العشائري المناسب للخونة ونحذرهم من أي تقارب مع المالكي فثمنه سيكون غالياً".
وفيما رفض أمير قبيلة جملة بالعراق وزعيم الثوار في مدينة الكرمة شرق الفلوجة، رافع الجميلي، الإدلاء بتفاصيل حول قرار إهدار دمه من شخصيات عشائرية مختلفة في الانبار، اكتفى بالقول لـ"العربي الجديد": "ليفرح المالكي وتفرح إيران على هذا التصعيد". وأضاف "نحن براء من "داعش" و"ماعش"، كل ما نناضل لأجله هو حياة كريمة لا نكون بها مواطنين درجة ثانية".
ويطلق ثوار الأنبار مصطلح "ماعش" اختصاراً لما يصفونه بـ"مليشيات إيران والعراق في الشام". وطالب الجميلي شيوخ العشائر بعدم إطلاق أي تصريحات للإعلام والصبر حتى جلاء الحقيقة.
ويخشى سكان الأنبار من حرب داخلية في الانبار، بعد هذه التطورات. وتشغل محافظة الأنبار نحو 33 في المئة من مساحة العراق. وتضم 11 مدينة رئيسية، أبرزها الفلوجة، الرمادي، القائم، هيت، الكرمة، لرطبة. وتجاور ثلاث دول هي السعودية، الأردن وسوريا.
وقال عضو محافظة الأنبار السابق، رياض العاني، لـ"العربي الجديد": "نحن قلقون من نجاح محاولات المالكي بتحويل الصراع من خارجي إلى داخلي في الانبار". وأضاف "لم تمض ثلاثة أشهر بعد والخلافات بدأت بين العشائر". واعتبر أن "ترك السلاح أفضل من الصراع الداخلي". وشدد على أن "المواطنين هم من يدفعون الثمن، وعلى العشائر والفصائل التوحد، لأنه عندها لن يكون لـ"داعش" مكان بينهم وسيكون المالكي مضطراً للتحاور".