لم يعد غريباً أن نصادف على مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات لتنظيم "الدولة الإسلامية ـ داعش"، وعناصره يرتكبون عمليات الإعدام ذبحاً أو رمياً بالرصاص، ويعاقبون بالجلد أو الصلب رجالاً ارتكبوا "معصية"، بحجة تطبيقه "شرع الله" في بعض المناطق السورية التي يعتبرها إمارات لدولته. لكن من الملفت أن نرى مشاهد لأب سوري يرجم ابنته حتى الموت، بمشاركة رجال من "داعش"، بعدما ارتكبت "جريمة الزنا" على حد تعبيرهم.
يبدأ الفيديو الذي تناقله ناشطون إعلاميون على مواقع التواصل الاجتماعي ليل أمس ( ويمتنع الموقع عن نشره حفاظاً على مشاعر قرائه)، بعنصر من "داعش" متحدثاً مع امرأة ترتدي عباءة سوداء وتقف مقابله، ثم نفهم أنّها "أول من يطبّق عليها حدّ شرعي في منطقة ريف حماة الشرقي، نتيجة للأعمال التي اقترفتها، ولم يجبرها عليها أحد" كما يقول الرجل، طالباً منها "الاستسلام لله سبحانه وتعالى، وتوجيه كلمة أخيرة قبل أن تنتقل إلى دار الآخرة".
تهمس الامرأة بصوت مرتجف قائلة: "أنصح كل حرمة المحافظة على عرضها أكثر من روحها، وأنصح كل أب قبل أن يزوج ابنته، أن يعرف البيئة التي يبعثها إليها"، في إشارة إلى مسؤولية أبيها عمّا فعلته. تترجّى الامرأة أبيها الذي يحضر عملية الرجم، مسامحتها قبل أن تموت، إلّا أنه يرفض، فيتدخّل شيخ من "داعش" مقنعاً الأب حتى يقبل بذلك، لتتمثّل أمام المشاهد، صورة نادرة "للمجرم المتشفّع للضحية".
يقيّد الأب بحبال ابنته التي بالكاد يظهر وجهها، ومن ثم يزجّها في حفرة قبرها، ليباشر مع مجموعة من عناصر "داعش" رجمها بحجارة كبيرة، وليس بوسع الشابة الملقاة في القبر إلّا أن تتفوّه بـ"لا إله إلا الله"، قبل أن يختتم الفيديو بآية قرآنية "كل نقس ذائقة الموت، وإنما توفّون أجوركم يوم القيامة".
فيديو رجم المرأة أحدث ضجة كبيرة في الأوساط الإعلامية، كما حظي بآلاف المشاهدات والتعليقات من مختلف أرجاء الوطن العربي، والتي انقسمت بين مؤيّد للرجم، كرامي همام الذي علّق "هاد هو شرع الله، ومن لم يعجبه هذا فهو ليس بمسلم وليراجع عقيدته"، وبين مندد للعملية، مثل سمير سامي الذي كتب "الخطأ لم يكن في الدين، وإنما في من يطبقونه على أهوائهم"، في حين تولّى آخرون تعليقات السباب والشتائم تارةً ضد "داعش"، وتارةً أخرى ضد ما أسموهم بـ"الملحدين".
لم تنحصر ردود الفعل هنا، بل تجاوزتها إلى الرسمية، إذ أصدر "الائتلاف السوري المعارض" بياناً رسمياً اليوم، أدان فيه "الجريمة البشعة التي ارتكبها داعش"، لافتاً إلى أنّ "الجريمة لا تمت لمبادئ الثورة السورية بصلة". كما طالب الائتلاف في بيانه، المجتمع الدولي، "بتزويد الجيش الحر بالأسلحة الثقيلة للدفاع عن المدنيين، ومحاربة التنظيمات الإرهابية".
وكان "داعش" قد رجم فتاتين حتى الموت في مدينة الرقة بوقت سابق، حسب ما أفاد شهود عيان من المدينة رفضوا الكشف عن أسمائهم لـ"العربي الجديد"، وحسب توصيفهم فإنّ "أهالي الفتاتين لم يتواجدوا أثناء عملية الإعدام، التي أحدثت صدمة كبيرة لدى أهالي الرقة، ولم توثّق بصور".