بعد تأخر تصويره وعرضه ضمن باقة مسلسلات موسم الدراما الرمضانيّة، بسبب جائحة كورونا، بدأ قبل أسبوعين عرض مسلسل "دانتيل"، من بطولة سيرين عبد النور ومحمود نصر، في ثاني تعاون يجمعهما بعد "قناديل العاشق" عام 2017.
يجمع "دانتيل" وجوهاً لبنانية وسورية، مثل: سلوم حداد وسليم صبري وأنس طيارة وسارة أبي كنعان ونقولا دانيال ونهلا داوود. إذ يتناول العمل قصة دار أزياء شهيرة أسسها "منير التلة" (سليم صبري)، بعدما فضّ شراكته مع شقيقه "سامي" (سلوم حداد)، وبنى إمبراطورية لها ثقلها في عالم الأزياء والموضة، وتحتوي على أكثر من مئتي موظف. تقع الدار في أزمة مالية بسبب مطالبة المصارف بإيفاء الديون المترتبة عليها، وتضيق السُّبل بالمؤسس الذي لا يجد مهرباً من الانتحار برمي نفسه من شرفة مكتبه.
يُشكل خبر انتحار "منير بيك" صدمة لعائلته ولابنه الوحيد "يوسف" (محمود نصر) القادم للتو من الولايات المتحدة الأميركية. يحدث انقلاب في الحلقة الثانية يؤجج الصراع داخل العائلة. هذا الانقلاب يضع العاملين في الدار، ومنهم "ميرنا" (سيرين عبد النور) التي ترتبط بقصة حب سرية منذ الطفولة مع "يوسف"، في محنة اقتصادية، بسبب الخوف على المصير الشخصي وفقدان الأمن الوظيفي. تتشابك قصة حب "ميرنا" و"يوسف" في عزّ المأساة التي ضربت المؤسسة الشهيرة، وتصل إلى حد الانفصال بعد عرض يتلقاه "يوسف" من عمه "سامي" (سلوم حداد) لإنقاذ العائلة ودار الأزياء من الإفلاس، شرط أن يتزوج بابنة عمه "ميرا" (ساندي فرح حكيم). يحاول "يوسف" بدايةً الرفض، وخصوصاً أنه عاد ليفوز بقلب حبيبته "ميرنا"، لكنه يرضخ في النهاية، ظناً منه أنها محاولة إنقاذ أخيرة، لكن الواضح أنها غير ذلك.
لعل أبرز ما يتسم به العمل، عرضٌ ليوميات مجموعة من العاملات النساء في مشغل الخياطة ذاته. مجموعة من النساء متّحدة في العمل والسكن، إذْ يتضامنَّ مع "ميرنا" لنقل صورة واقعية عن المجتمع اللبناني والعربي عموماً، عبر تصوير هموم العمل وحالات الحب والمرض، والبحث عن فرص أخرى لتحسين الوضع المعيشي. محاولة جيدة من قبل المخرج المثنى صبح في العبور إلى يوميات مأخوذة من واقع قريب يعيشه أكثر المشاهدين. ولو أن النص بدا ضعيفاً في بعض المشاهد والمواقف، لكنه يحاكي تطلعات الفتيات في لحظات البحث عن سند يضمن الأمان غير المشروط. من أبرز الأدوار في "دانتيل"، تقمص سارة ابي كنعان لدور "عليا"، الفتاة المقدامة الطيبة والعاشقة بصمت لزميلها في العمل والمغروم في الوقت نفسه بشقيقتها "نادين" (زينة مكي)، لكن "عليا" تحاول استمالته لتأكدها من إهمال شقيقتها له.
إيقاع سريع لأحداث اجتماعية وعائلية غير معقدة، ولو أنها تفتقر إلى المبررات أو الهوامش التي لم يراعِ فيها المخرج تعريفنا بها كنوع من التشويق البارد، وذلك ربما بسبب سياسة "تطويل" الحلقات (المسلسل مؤلّف من 30 حلقة).
محاولة "دانتيل" بسيطة، لكنها باردة خارج إطار التنافس الرمضاني. القصة مقتبسة عن عمل إسباني، والأدوار لا تحتاج جهد درامي قوي. لكن ما يحسب للمخرج المثنى الصبح، إعطاء الفرصة لوجوه شبابية، تظهر للمرة الأولى بطريقة مقنعة وعفوية.