لم تستطع روايات النظام المصري بشأن وفاة الباحث الإيطالي، جوليو ريجيني، الذي عثر على جثته ملقاة خارج القاهرة، في فبراير/شباط الماضي، وعليها آثار التعذيب، إبعاد شبهة تورط أجهزته الأمنية في تصفية الباحث.
وفي هذا الصدد، ذكر الكاتب الصحافي، روبرت فيسك، أن ريجيني دفع فاتورة محاولته التحقيق في ما يجري بمصر في عهد الرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي، موضحا أن الطالب انتبه إلى كون النقابات العمالية تشكل أكبر تهديد للنظام الديكتاتوري.
فيسك، الذي نشر مقاله اليوم بصحيفة "ذي اندبندنت"، قال إنه "قد تعوّدنا على لجوء الطغاة لشماعة الإرهاب من أجل تبرير القمع"، وأضاف أن السيسي وظّف الحملة التي شنها على جماعة الإخوان المسلمين، تحت ذريعة محاربة الإرهاب، لتعذيب الآلاف من المصريين، والزج بهم في السجون وتصفيتهم.
كما أوضح الكاتب البريطاني أن التهديد الحقيقي، الذي يواجهه النظام المصري الحالي، كما هو الحال في فترة الاستعمار البريطاني وفترة السادات ومبارك، يأتي دائما من المعارضة العلمانية الاشتراكية، التي تتجسد في الحركات العمالية المستقلة. وحسب فيسك، فإن العلمانية والاشتراكية الحقيقية كانت دائما عدوة الطغاة بمصر. ونقل في هذا الصدد ما كتبه ريجيني قبل بضعة أسابيع، إذ قال إن "تحدي النقابات العمالية لحالة الطوارئ، ودعوات النظام لتحقيق الاستقرار والسلم الاجتماعي، التي تُبرَّر بـ"الحرب على الإرهاب"، تمثل.. تشكيكا واضحا في الخطاب الضمني الذي يستخدمه النظام لتبرير سبب وجوده والقمع الذي يمارسه بحق المجتمع المدني".
إلى ذلك، لفت فيسك إلى أن "كاتب هذه السطور تسبب في إحراج نظام السيسي، وبأن رجال السيسي في الأمن بعد وفاته قالوا في البداية إنها نجمت عن حادث سير، وفي رواية أخرى بأن "عصابة إجرامية" اختطفته وقامت بتصفيته، وفي أخرى بأن وفاته ناجمة عن خلاف عاطفي".
وأضاف أن إيطاليا، التي ساءها كثيرا ما جرى لمواطنها، ترى أن "العصابة الإجرامية" ليست سوى أجهزة السيسي الأمنية.
فيسك قال إنه لا ينبغي الانشغال بالتركيز على الأعذار التي قدمها النظام المصري، وصب الانتباه بدل ذلك على المؤسسات التي كان ريجيني يجري أبحاثه حولها بالقاهرة لنيل شهادة الدكتوراه، أي النقابات العمالية المستقلة التي تمثل، على المدى البعيد، تهديدا خطيرا لنظام السيسي، والتي كانت السبب المباشر في تصفية الطالب الإيطالي.