تمر في مارس الجاري الذكرى الرابعة لبدء الثورة السورية. الثورة التي بدأت انتفاضة سلمية وأطلقها الأطفال الذين خطوا عبارات مناهضة للحكومة على جدران مدينة درعا، والتي تحولت في ما بعد إلى حرب أهلية أدخل المنطقة برمتها في دوامة العنف، وتسبب في مقتل المئات من الآلاف من الأشخاص"، بهذه العبارات اختارت صحيفة "ذي غارديان" تسليط الضوء على معاناة الشعب السوري المتواصلة لأربعة أعوام.
وتحدثت الصحيفة، في مقال رأي نشر الأربعاء، عن كون القضية السورية تحولت إلى أكبر كارثة إنسانية يشهدها العالم منذ الحرب العالمية الثانية، الأمر الذي تسبب في ترحيل الملايين من السوريين، وهو ما يستدعي توثيق الجرائم لمتابعة الضالعين في تنفيذها. أمام هذا الوضع، رفعت المؤسسات التي تعنى بتوفير المساعدات الإنسانية ووسائل الإعلام من وتيرة عملها في تغطية الأزمة، وذلك من خلال التركيز، في الوقت الراهن، على تنظيم الدولة الإسلامية، كما ورد في المقال، الذي أوضح في المقابل شح المعلومات والمعطيات الموثوق من صحتها بشأن عدد القتلى وأسباب الوفاة أو التعرض للإصابات.
وبلغة الأرقام، أشار المقال إلى كون إحصائيات الأمم المتحدة تتحدث عما يفوق 200 ألف قتيل، علاوة على قرابة مليون شخص يعانون من إصابات بليغة أو إعاقات جسدية. غير أن هاته الأرقام تظل معطيات خام تم الوصول إليها بعناء شديد بالاستعانة بالمعطيات التي تحتفظ بها عدة منظمات حقوق الإنسان. ويرى كاتب المقال أن "مركز توثيق الانتهاكات في سورية"، يظل المصدر الوحيد الذي يملك معطيات موثوق من صحتها بخصوص عدد حالات الوفاة بسبب النزاع في الأراضي السورية.
كما توقف المقال عند دراسة، ستصدر قريباً، أنجزتها جامعة "لوفان" ببلجيكا، أشارت إلى وجود دلائل بخصوص ممارسة القتل الممنهج بواسطة الأسلحة. الدراسة التي اعتمدت على معطيات المركز السوري من مارس 2011 حتى يناير 2015، أوضحت وجود حالات من القتل الممنهج، يدخل فيها الجنس والسن في ارتباط وثيق بنوعية الأسلحة المستخدمة. وحسب خلاصات الدراسة فإن الصواريخ، والأسلحة الكيماوية، والقصف الجوي تشكل أكثر الأسلحة تهديداً لحياة النساء والأطفال في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.
ورغم أن النظام السوري يدعي بأنه يستخدم سلاح الجو لاستهداف "الإرهابيين" في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، يوضح المقال، فإن الأدلة المتوافرة تشير إلى كون النساء والأطفال كانوا أهم الضحايا الذين سقطوا خلال هاته العمليات. وختم المقال بالتشديد على ضرورة العمل على توفير معطيات أكثر دقة لتوثيق الانتهاكات التي تجري في الأراضي السورية، وفي غياب هاته المعطيات فإن المنتظم الدولي يواجه مغبة اعتباره غير مبال ومتواطئ في المعاناة التي يمر بها الملايين من السوريين والجهات التي تأثرت بالأزمة.