"هيومن رايتس ووتش": النظام السوري استخدم أسلحة كيميائية بالغوطة الشرقية بدعم روسي
قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، اليوم الأحد، في تقرير، إنّ النظام السوري يستخدم أساليب غير قانونية في هجومه على الغوطة الشرقية بريف دمشق، مستفيداً من استمرار الدعم الروسي، بما في ذلك ما يبدو أنّه استخدام أسلحة محظورة دولياً.
ودعت المنظمة، المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان، ومقرّها مدينة نيويورك، مجلس الأمن الدولي، إلى "المطالبة بشكل عاجل بمنح فريق مراقبة أممي إمكانية الوصول الفوري إلى مناطق الغوطة الشرقية، الخاضعة الآن لسيطرة النظام".
وقالت إنّ "على الفريق توثيق أي جرائم ارتُكبت بالفعل، كما أنّ وجوده قد يردع أي انتهاكات أخرى. على الفريق أيضاً زيارة المواقع التي تنقل إليها الحكومة سكان الغوطة الشرقية، نظراً لوجود مخاوف كبيرة حيال معاملتهم".
كما اعتبرت أنّ على الجمعية العامة للأمم المتحدة الدعوة إلى النشر الفوري للمراقبين، في حال استخدمت روسيا حق النقض (الفيتو) ثانية ضد عمل المجلس.
وأعربت المنظمة عن "مخاوف كبيرة حول تعامل القوات الحكومية مع السكان في المناطق التي خضعت لسيطرتها، في ضوء تقارير سابقة عن الإعدامات الانتقامية".
وقالت لما فقيه، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "هيومن رايتس ووتش"، إنّه "بدلاً من مجرد مشاهدة التحالف العسكري السوري-الروسي وهو يفتك بالغوطة الشرقية، على مجلس الأمن الدولي العمل على إنهاء هذه الهجمات غير القانونية. إذا حاولت روسيا ثانية حماية الحكومة السورية عبر عرقلة قرارات المجلس، على الجمعية العامة طلب إرسال مراقبين إلى سكان الغوطة الذين تعرضوا للتجويع والقصف لأسابيع، والآن يواجهون خطر الاعتقال وحتى الإعدام".
وتعرّضت الغوطة الشرقية بريف دمشق، لأعنف حملة عسكرية من قبل النظام السوري وروسيا، منذ 19 فبراير/شباط الماضي، بينما يحاصر 400 ألف مدني فيها، منذ عام 2013.
وذكرت "هيومن رايتس ووتش"، أنّ "التحالف السوري الروسي، قصف الغوطة الشرقية ولم يميز بين أهداف مدنية وعسكرية، ودمّر المناطق السكنية والمستشفيات والمدارس والأسواق".
وأوردت توثيق "المكتب الإغاثي الموحد في الغوطة الشرقية"، مقتل ما لا يقل عن 1699 شخصاً في الغوطة الشرقية، منذ 19 فبراير/شباط.
وأشارت المنظمة في التقرير، إلى أنّ "هناك أدلة على استخدام العملية السورية-الروسية في الغوطة الشرقية أسلحة محظورة دولياً، منها الذخائر العنقودية والأسلحة الحارقة والأسلحة الكيميائية".
وتحدّثت "هيومن رايتس ووتش"، بحسب التقرير، إلى 3 شهود ذكروا أنّه، في 7 مارس/آذار 2018، هاجم النظام السوري، بدعم من روسيا، مناطق سكنية في حمورية، بذخائر عنقودية أرض-أرض، وجو-أرض، وذخائر أخرى.
ووفق أطباء محليين ومسعفين، قُتل 20 شخصاً على الأقل في الهجوم. واطّلعت "هيومن رايتس ووتش" على صور لبقايا أسلحة التقطها ناشط إعلامي محلي في أحد مواقع الغارات، وحددت الذخيرة على أنّها صواريخ بالستية تكتيكية أرض-أرض قصيرة المدى، من طراز "أو تي آر-21" (OTR-21)، أو "توشكا".
وقال أحد المسعفين لـ"هيومن رايتس ووتش"، إنّ عدة هجمات متتالية بالذخائر العنقودية وقعت يومها، وأيضاً في حمورية، لكنّه لم يستطع تذكر تفاصيل دقيقة عن موقعها، نظراً لقيامه بالإسعاف إثر هجمات عديدة مشابهة، مشيراً إلى أنّ الدفاع المدني السوري، أنقذ أكثر من 40 شخصاً يومها.
كما أشارت إلى أنّ "هناك أدلة على استخدام الذخائر العنقودية في عدة هجمات على الغوطة الشرقية في مارس/آذار".
وأفاد تقرير الدفاع المدني السوري، وفق المنظمة، إلى استخدام الذخائر الحارقة الملقاة جواً في منطقة كفر بطنا في الغوطة الشرقية، ما أسفر عن مقتل 61 شخصاً على الأقل، وجرح أكثر من 200 آخرين، في 16 مارس/آذار الحالي.
وأظهرت الصور الفوتوغرافية والفيديوهات التي قدمها أطباء لـ"هيومن رايتس ووتش"، بحسب التقرير، 15 جثة على الأقل مصابة بحروق بالغة.
وذكر التقرير، أنّ الصور التي قدّمها الدفاع المدني السوري، والتقطت فور وقوع الهجوم، أظهرت عدة حرائق صغيرة متوهجة، ما يشير إلى إمكانية استخدام الذخائر الصغيرة "زاب" (ZAB) الملقاة من قنابل سوفياتية أو روسية الصنع من طراز "آر بي كي-500".
ونقلت "هيومن رايتس ووتش"، في تقريرها، عن أطباء، أنّهم عالجوا أعراض استخدام الكلور من هجمات متعددة، بما في ذلك، في 25 فبراير/شباط في الشيفونية، و7 مارس/آذار، في حمورية و11 مارس/آذار، في عربين.
ولم تؤكد "هيومن رايتس ووتش"، بشكل مستقل، استخدام الكلور في هذه الهجمات، لكنّها سبق لها توثيق استخدام الكلور كسلاح كيميائي في سورية، بما في ذلك أثناء عملية النظام في حلب، في ديسمبر/كانون الأول 2016.
وحذرت فقيه من أنّه "مع كل ساعة يحول فيها فيتو روسي محتمل دون أي إجراء حاسم من جانب مجلس الأمن الدولي، يواجه المدنيون على الأرض في الغوطة الشرقية خطراً حقيقياً يتمثل بالانتقام".
وختمت بالقول إنّ "أقل ما يمكن أن يفعله مجلس الأمن الآن هو نشر مراقبين لتقديم بعض الحماية للمدنيين. إذا لم يتمكن المجلس من القيام بذلك، فعلى الجمعية العامة أن تتصرف كما فعلت في حالة حلب".
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة، قد أقرّت، في ديسمبر/كانون الأول 2016، إنشاء آلية ادعاء شبه خاص في سورية، نتيجة الغضب على الطريقة التي منعت بها روسيا المجلس من اتخاذ إجراءات لحماية المدنيين، خلال العملية السورية-الروسية الوحشية لاستعادة حلب، وفق التقرير.
(*مصدر الصور: Getty)