اعتبرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن فرض تونس للإقامة الجبرية على أشخاص متهمين بقضايا إرهاب، انعكس بصورة سلبية على حياة عدد منهم، وجعلهم عاجزين عن متابعة الدراسة والعمل.
وأوضحت مديرة مكتب "هيومن رايتس ووتش" في تونس، آمنة القلالي، لـ"العربي الجديد"، أنهم راسلوا وزارة الداخلية التونسية منذ أسبوعين لتوضيح الأسس المعتمدة لوضع الأشخاص تحت الإقامة الجبرية، كما طالبوها بالإفصاح عن العدد النهائي لهؤلاء الأشخاص، لكنهم لم يتلقوا أي رد حتى الآن".
وكانت وزارة الداخلية أعلنت منذ أشهر أنها وضعت 139 شخصا تحت الإقامة الجبرية، من العائدين من "بؤر توتر"، أو من يشتبه بصلتهم بجماعات متشددة مثل "أنصار الشريعة"، التي صنفتها الحكومة جماعة إرهابية في سبتمبر/ أيلول 2015.
ورأت القلالي أن "حالة الطوارئ لا تخوّل الحكومات تقييد الحقوق بالمطلق بعلة التدابير الاستثنائية على غرار الإقامة الجبرية"، معتبرة أن "من الضروري أن تكون هذه القرارات قابلة للاستئناف ومحدودة زمنيا لكي تكون قانونية".
ووفقا للمعايير الدولية، تعتبر الإقامة الجبرية أحد أشكال الاعتقال، وتستلزم ضمانات معينة لاعتبارها قانونية، حتى أثناء حالة الطوارئ. وطالبت القلالي السلطات التونسية بفرض أوامر الإقامة الجبرية لأوقات محدودة، وأن تقدّم نسخة كتابية لتلك القرارات، وتجعلها قابلة للاستئناف وللمراجعة القضائية الفعالة.
وشددت على وجوب إخضاع تجديد أوامر الاعتقال لموافقة المحكمة، على أن تثبت سلطات الدولة ضرورة استمرار التوقيف، آخذة بعين الاعتبار ظروف المعتقل كافة، بما فيها قدرته على إيجاد عمل.
وأعلن الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي حالة الطوارئ في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، بعد التفجير الانتحاري في تونس العاصمة الذي تسبب بمقتل 12 من الحرس الرئاسي وجرح 20 آخرين، وجُددت حالة الطوارئ مرات عدة، كان آخرها في 16 سبتمبر/ أيلول 2016.
وبحسب بيان أصدرته "هيومن رايتس ووتش"، فإنها قابلت 13 شخصا قالوا إنهم متهمون بجرائم تتعلق بالإرهاب، إلا أن أوامر الإقامة الجبرية ليس لها أي صلة رسمية بتلك التهم، بحسب نفس البيان.
ونقلت عن المتهمين أيضاً أن الشرطة قدمت لهم أسبابا غامضة لأوامر الإقامة الجبرية، وجعلتهم يوقعون على القرار دون السماح لهم بالاحتفاظ بنسخة عنه.
وعلى الرغم من عدم تقديم الشرطة أوامر مكتوبة للإقامة الجبرية، تمكن المحامي حافظ غضون الذي يدافع على كثير منهم، من الحصول على أمرين مكتوبين أثناء إجراءات المحكمة بحسب ما أكده لـ"العربي الجديد".
وأوضح غضون أن عدم توفر الأوامر المكتوبة صعّب على كثيرين ممن أرادوا الطعن بحكم الإقامة الجبرية أمام المحكمة الإدارية، التي تراجع القرارات الإدارية، إذ إن المحكمة تطلب من مقدم الشكوى نسخة من القرار الإداري عندما يريد الطعن، وهذا ما لا توفره وزارة الداخلية للمحكوم عليه بالإقامة الجبرية.
وتستند حالة الطوارئ في تونس إلى مرسوم رئاسي لعام 1978 يعطي وزارة الداخلية صلاحية الأمر بفرض الإقامة الجبرية على أي شخص "يعتبر نشاطه خطيرا على الأمن والنظام العامين". ويضيف المرسوم أن على السلطات اتخاذ كل الإجراءات لضمان معيشة هؤلاء الأشخاص تحت الإقامة الجبرية، وعائلاتهم.