وأوضح بيان المنظمة الصادر اليوم أن مسؤولين إيرانيين اعتقلوا نرجس حسيني في 29 يناير/كانون الثاني الماضي لخلعها حجابها احتجاجاً على فرضه خلال وقوفها على صندوق كابلات كهربائية في أحد شوارع طهران. كما اعتُقلت عزام جانغرافي يوم 14 فبراير/شباط الجاري، وشاباراك شاجريزاده يوم 21 منه في ظروف مماثلة. وأشارت مصادر لـ"هيومن رايتس ووتش" إلى الإفراج عن حسيني وجانغرافي بكفالة، في حين أن شاجريزاده مازالت رهن الاعتقال.
وقالت مديرة قسم الشرق الأوسط في "هيومن رايتس ووتش"، سارة ليا ويتسن: "فرضت السلطات الإيرانية على مدى عقود قانوناً إجبارياً على النساء ينتهك حريتهن الأساسية في التعبير عن أنفسهن، وقيّد فرصهن الاقتصادية والاجتماعية. والآن عندما بدأن بالاحتجاج سلميا على قانون الملابس التمييزي، صعّدت السلطات من إساءاتها باعتقالهن".
وأعاد البيان التذكير بانطلاق آخر موجة احتجاجات ضد فرض الحجاب في 27 ديسمبر/كانون الأول 2017، عندما انتشرت صور على وسائل التواصل الاجتماعي لامرأة خلعت حجابها ولوحت به في شارع انقلاب (الثورة) في طهران. وأشار إلى ما كتبته نسرين سوتوده، المحامية الحقوقية البارزة، على صفحتها على "فيسبوك" في 21 يناير/كانون الثاني، أن السلطات اعتقلت المرأة في 27 ديسمبر/كانون الأول. وبدأت منشورات وسائل التواصل الاجتماعي لاحقا تطلق عليها اسم "فتاة شارع الثورة". في 28 يناير/كانون الثاني أكدت سوتوده عبر "فيسبوك" أنه أُفرج عن المرأة بكفالة.
وتابع البيان مجريات الأحداث مشيراً إلى أن العشرات من "فتيات شارع الثورة" أزلن حجابهن، منذ ذلك الحين، وهن واقفات على صناديق المرافق الكهربائية في جميع أنحاء البلاد. وفي 29 يناير/كانون الثاني، وقفت حسيني (32 عاما) على صندوق الكهرباء نفسه تلوح بحجابها احتجاجا، فاعتقلتها السلطات على الفور ونقلتها إلى سجن قرتشك في طهران.
ونقل عن سوتوده، التي تمثل حسيني، أنها تواجه اتهامات بارتكاب "فعل فاضح"، و"انتهاك الحشمة العامة" و"تشجيع الفجور أو الدعارة"، بموجب المادة 639 من قانون العقوبات الإيراني. وتتراوح عقوبة تهمة التشجيع على الفجور أو البغاء بالسجن بين سنة و10 سنوات. وفي 17 فبراير الجاري أفرجت السلطات عن حسيني بكفالة، ومن المقرر إجراء محاكمتها اليوم السبت.
وتابع "في 22 فبراير/شباط، قالت سوتوده لـ"راديو فردا" إن "السلطات اعتقلت شاجريزاده وضربتها. في اليوم نفسه، نُشر شريط فيديو على "تويتر" أظهر قيام ضابط شرطة بدفع امرأة لا ترتدي حجابا من فوق صندوق كهرباء حيث كانت تحتج سلميا. كما أشارت تقارير إلى الإفراج عن جانغرافي في انتظار المحاكمة".
وأوضح أنه في الأول من فبراير الجاري، ذكرت "وكالة أنباء إيلنا" العمالية، نقلا عن الشرطة الإيرانية، اعتقال 29 شخصاً في إطار الجهود الرامية إلى مكافحة حملة "مسيح آلينجاد المناهضة لارتداء الحجاب". آلينجاد هي ناشطة إيرانية في مجال حقوق المرأة تعيش خارج البلاد أطلقت حملة ضد الحجاب الإجباري منذ عام 2014.
وصرحت حسيني وجانغرافي، في لقاءات إعلامية أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي أنهما قررتا بشكل مستقل المشاركة في الاحتجاج السلمي ضد قوانين الحجاب الإجباري الإيرانية.
ولفت البيان إلى أن لإيران تاريخا طويلا من فرض قواعد بشأن لباس المرأة، في انتهاك لحقوقها الأساسية. في ثلاثينيات القرن الماضي، منع الحاكم آنذاك، رضا شاه، النساء من ارتداء الحجاب، وأُمرت الشرطة بخلع حجاب المرأة بالقوة. في أعقاب ثورة 1979، فرضت السلطات الإيرانية في مطلع الثمانينيات قانونا يفرض الحجاب على جميع النساء.
في مايو/أيار 2017، وثقت "هيومن رايتس ووتش" حالات عدة تعرضت فيها المرأة للتمييز خلال تقدّمها لوظيفة أو في مكان العمل، بسبب ملابسها.
وقالت المنظمة إن تطبيق قانون ملابس إجباري على النساء في إيران ينتهك حقوقهن في الحياة الخاصة والاستقلال الشخصي وحرية التعبير وحرية الدين والفكر والوجدان. كما أنه شكل من أشكال التمييز القائم على نوع الجنس المحظور بموجب القانون الدولي.
ولفت البيان إلى أن "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، الذي صادقت عليه إيران، يكفل حق الناس في حرية التعبير والخصوصية وحرية الدين. ونقل انتقادات خبراء أمميين مستلقين للقوانين التي تفرض ارتداء لباس ديني في الأماكن العامة، ومنهم المقررة الخاصة السابقة للأمم المتحدة المعنية بحرية الدين أو المعتقد أسماء جهانكير، التي قالت: "يُنظر إلى استخدام الأساليب القسرية وتطبيق العقوبات على من لا يرغبون في ارتداء اللباس الديني أو رمز معين على أنه رادع ديني. تتعارض الإجراءات التشريعية والإدارية عادة مع القوانين الدولية لحقوق الإنسان".
وأكد البيان معارضة "هيومن رايتس ووتش" سياسات فرض الحجاب والنقاب بالقوة وكذلك القيود على ارتداء الثياب الدينية، وتراها تدخلا غير متناسب وتمييزيا. ولفت إلى معارضة حظر فرنسا العام لغطاء الوجه الكامل، فضلا عن حظر الحجاب الإسلامي والرموز الدينية المرئية الأخرى في المدارس الحكومية، التي تشكل انتهاكا لحقوق الإنسان. وأكد معارضة القوانين والسياسات في دول مثل السعودية وأفغانستان تحت حكم طالبان، القاضية بإجبار النساء على تغطية شعرهن أو وجوههن، بما أن هذا الأمر يحرمهن من الاستقلال الذاتي والحق في حرية التعبير والمعتقد والدين.
وقالت ويتسن: "يجب أن تمتلك المرأة في إيران وأماكن أخرى حرية ارتداء الملابس التي تريد. يشمل هذا اتخاذ قرار بشأن ارتداء الحجاب أم لا، بغض النظر عن رأي السلطات".