انقلبت الرسالة المفتوحة إلى إيران التي وقعها 47 عضواً في مجلس الشيوخ الأميركي من المنتمين للحزب الجمهوري، وهاجموا فيها المفاوضات حول الملف النووي الإيراني، إلى وبال على حزبهم، بسبب ردود الأفعال الغاضبة، التي نجمت عنها على المستويين الرسمي والشعبي، في حين انبرى المرشد الديني الإيراني علي خامئني ووزير خارجيته جواد طريف للدفاع عن الرئيس باراك أوباما في وجه "طعنات الظهر المعتادة" في واشنطن، على حدّ تعبيره.
واتُهم الموقعون على الرسالة بالخيانة في وقت كانوا يجمعون حقائبهم لمغادرة واشنطن، بحجة الهروب من عاصفة ثلجية، في حين كانت العاصفة سياسية، تخللتها مطالب شعبية واسعة بمحاكمتهم بتهمة تقويض السياسة الخارجية لبلادهم. فيما ألقت وسائل الإعلام الأميركية باللائمة على سيناتور جمهوري "مستجد ورّط زملاءه في رسالة أسفرت عن ردود فعل عكسية لصالح الخصوم الديمقراطيين".
اقرأ أيضاً (مذكرة أميركية تتهم نواباً جمهوريين بـ"الخيانة" لمراسلتهم إيران)
واستفاد الرئيس الأميركي من الردود الغاضبة على الجمهوريين لكسب المزيد من التعاطف لصالح إدارته، إذ نشر البيت الأبيض على موقعه الرسمي عريضة شعبية وقعها ما يقارب مائتي ألف مواطن أميركي، طالبوا فيها البيت الأبيض بملاحقة أعضاء مجلس الشيوخ من الحزب الجمهوري، الذين لم ينج منهم من الانتقاد الحاد سوى سبعة أعضاء فقط، لم يتورطوا في توقيع الرسالة كما فعل الآخرون.
واعتبرت العريضة أن أعضاء مجلس الشيوخ، ومن بينهم ثلاثة مرشحين محتملين إلى الرئاسة في 2016، ارتكبوا خيانة عبر انتهاك قانون يعود لعام 1799 ويحرم على المواطنين الأميركيين التخاطب مع حكومات أجنبية، من دون أخذ موافقة السلطة التنفيذية. ورغم عدم جدية المطالبة بالمحاكمة كونها تأتي في سياق السجال السياسي، إلا أنها تكشف الطابع المثير للجدل للرسالة التي اعترف بعض الجمهوريين، ومن بينهم السيناتور البارز جون ماكين، بخطأ كتابتها، في حين لزم غالبية الموقعين الصمت.
وتحدثت السيناتور سوزان كولينز، وهي من من بين الجمهوريين الذين رفضوا توقيع الرسالة، عن فداحة الخطأ، الذي ارتكبه الموقعون، وذكرت في حديث تلفزيوني لمحطة "سي إن إن" أن من واجب أعضاء مجلس الشيوخ أن يقدّموا النصح للرئيس ولوزير خارجيته، وليس لقادة الدول الأجنبية.
كما برر زميلها السيناتور الجمهوري جيف فلايك أسباب امتناعه عن التوقيع بالقول إن المفاوضات مع إيران معقدة أصلاً، ولم يكن هناك ما يستدعي إضفاء المزيد من التعقيد عليها.
وفي السياق نفسه، كشف السيناتور المستقل أنجوس كينج، أنه بسبب الرسالة المثيرة للجدل بدأ يعيد النظر في وقوفه مع الجمهوريين، في مسألة سنّ تشريع يعطي مجلس الشيوخ اليد الطولى في تقرير مصير المفاوضات مع إيران. وأضاف كينج في مقابلة مع "إم إس إم بي سي"، أن الاتفاق مع إيران يجب أن يكون من مسؤولية السلطة التنفيذية، وأنّ "التخاطب المباشر من جانب أعضاء في السلطة التشريعية مع حكومة أجنبية هو أمر غريب".
وتجدر الإشارة إلى أن التشريع الذي يمنع المواطنين الأميركيين من التخاطب مع حكومات أجنبية يعود إلى عهد الرئيس الثاني للولايات المتحدة جون آدامز. ويطلق عليه قانون لوجان نسبة إلى السياسي الأميركي جورج لوجان، الذي كان عضواً في البرلمان المحلي لولاية بنسلفانيا، وتفاوض مع الفرنسيين بدون تصريح من الحكومة الفدرالية أثناء خوض الولايات المتحدة حرباً ضدّ الفرنسيين عام 1798.
وتتناول الرسالة المفتوحة الموجهة لقادة إيران أوباما، إذ تشكّك في مصداقية إدارته بالقول إن "أي اتفاق يوقع في عهده سوف يتم إبطاله بجرة قلم، بمجرد مغادرة أوباما البيت الأبيض بعد أقل من عامين". وسخر أوباما من الجمهوريين، قائلاً إنّ المتشدّدين باتت لديهم "قواسم مشتركة مع المتشددين في إيران".
بدوره، أكد وزير الخارجية الأميركي جون كيري من خلال تصريحات متتالية خلال اليومين الماضيين، أنّ أعضاء الكونغرس لن يكون بمقدورهم تعديل أي اتفاق بين الولايات المتحدة وإيران.
ومن المقرر أن تستأنف المفاوضات مع إيران، بقيادة كيري عن الجانب الأميركي خلال الأيام المقبلة في لوزان بسويسرا، في سباق مع الزمن للإيفاء بمهلة تنتهي بنهاية مارس/آذار للتوصل إلى اتفاق إطار، قبل التوصل إلى اتفاق نهائي في يونيو/حزيران يخفف العقوبات على إيران، مقابل فرض الرقابة على مشروعها النووي.
خامنئي يهاجم الجمهوريين
في المقابل، سارع مرشد الجمهورية الإيرانية إلى مهاجمة رسالة الجمهوريين، وقال إنه كلما حققت المفاوضات تقدّماً، اتخذ الأميركيون موقفاً "أكثر تشدّداً وتعنتاً وصرامة"، وهو هنا لا يدافع عن أوباما بقدر ما يحاول تجيير رسالة الجمهوريين لصالح موقف بلاده، في تحميل واشنطن مسؤولية الفشل المحتمل للمفاوضات الخاصة بمشروع إيران النووي.
وأضاف أن "جميع دول العالم تبقى ملتزمة بكل التعهدات الدولية بعد أي انتخابات أو أي تغييرات في حكوماتها، إلا أن الكونغرس يقول صراحة إن أي حكومة مقبلة لن تعترف بأي التزام تجاه إيران، وهذا يعني انهياراً أخلاقياً في السياسة".
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إرنا" عن خامنئي قوله إن "عديدين يظنون أن الولايات المتحدة التي تمتلك قدرات سياسية واقتصادية وعسكرية هائلة، لا تحتاج للخداع لتحقيق أهدافها، ولكن التجربة التاريخية تثبت أنهم لا يتعاملون بوضوح وشفافية وهذا يزيد قلق إيران".
أما الدفاع القوي في طهران عن أوباما فقد جاء على لسان أحد أبرز قيادات الاعتدال، وزير الخارجية جواد ظريف، الذي أعرب عن دهشته من قيام بعض أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بكتابة رسائل موجهة لقيادات دول أخرى ضدّ رئيسهم وإدارتهم.
وأشار ظريف إلى أنّه من خلال قراءة الخطاب المفتوح اكتشف أنّ القائمين على صياغته لا يفقهون القانون الدولي وغير واعين لمعاني دستورهم. واتهم الموقعين على الخطاب بالجهل في القانون الدولي، قائلاً إن القانون الدولي لن يعفي الإدارات الأميركية اللاحقة بالتزامات الإدارة الحالية. وحاول تذكير من وصفهم بالسذاجة بأن اتفاق إيران المحتمل بشأن مشروعها النووي لن يكون مع الولايات المتحدة فقط، بل سيكون اتفاقاً دولياً يشارك فيه جميع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، ولن يكون بمقدور الكونغرس الأميركي إلغاؤه بجرة قلم، كم يدعي الجمهوريون.
السيناتور "الطائش"
وغمز ظريف من دور للسيناتور الأميركي توم كونتون في صياغة الرسالة المثيرة للجدل، قائلاً إنّه صاغ الخطاب بلهجة متعالية ومتغطرسة تنم عن طيش. وتوم كونتون هو عضو شاب جديد في مجلس الشيوخ حارب في العراق وأفغانستان، وينتمي إلى ولاية أوكلاهوما الجنوبية التي هزم فيها الجمهوريون منافسيهم الديمقراطيين في الانتخابات الأخيرة. ووصف البيت الأبيض السيناتور الشاب، دون أن ذكر اسمه، بأن ما يقوم به هو "عمل طائش وغير مسؤول". وحملت بعض عبارات الرسالة ما كان يصرح به سابقاً السيناتور الشاب من تحذيرات لإيران؛ بأنّها تغامر باتفاق مع إدارة أوباما لن يدوم بعد رحيل الإدارة الأميركية الحالية. وكونتون محارب سابق في العراق وأفغانستان، وسيناتور جمهوري محافظ في الكونغرس، ويحظى بشعبية بين المتشدّدين الجمهوريين.
وفي الوقت الذي قوّض فيه الجمهوريون موقفهم بأنفسهم في ما يتعلق بالاتفاق مع إيران، فإنّ المخاوف الجدّية لدى الحزب الديمقراطي تتمحور حول تأثير حالة الانقسام، والتمترس الحزبي على تفويض الحرب الذي طلبه أوباما ضد تنظيم "داعش". ومثلما خلق الملف الإيراني انقساماً حاداً بين الجمهوريين والديمقراطيين، فإن التفويض الذي طلبه أوباما وحّد الديمقراطيين والجمهوريين، وإن كان الهدف مختلفاً بين الجانبين. ويتزعم العضو البارز في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ السيناتور روبرت منينديز، المعارضة ضدّ أوباما داخل الحزب الديمقراطي، إذ أعلن قبيل بدء النظر في طلب أوباما الحصول على تفويض رسمي للحملة على "داعش"، أن أعضاء مجلس الشيوخ غير مستعدين لمنح هذا الرئيس أو أي رئيس آخر تفويضاً مفتوحاً للحرب أو "شيكاً على بياض".
وفي المقابل، يطالب الجمهوريون بأن يقلل التفويض من القيود المفروضة على الجنرالات المسؤولين عن الحملة على "داعش".
ويربط كيري بين الحرب على "داعش" والمفاوضات مع إيران، عبر القول إنّ صدور التفويض على الحرب بموافقة حزب واحد فقط سيكون أسوأ من عدم صدور التفويض، في مقارنة غير مباشرة مع حالة الانقسام الشبيهة بتلك التي أدت إلى المعارضة المسبقة للاتفاق مع إيران من جانب حزب واحد فقط بغالبية أعضائه.
واتُهم الموقعون على الرسالة بالخيانة في وقت كانوا يجمعون حقائبهم لمغادرة واشنطن، بحجة الهروب من عاصفة ثلجية، في حين كانت العاصفة سياسية، تخللتها مطالب شعبية واسعة بمحاكمتهم بتهمة تقويض السياسة الخارجية لبلادهم. فيما ألقت وسائل الإعلام الأميركية باللائمة على سيناتور جمهوري "مستجد ورّط زملاءه في رسالة أسفرت عن ردود فعل عكسية لصالح الخصوم الديمقراطيين".
اقرأ أيضاً (مذكرة أميركية تتهم نواباً جمهوريين بـ"الخيانة" لمراسلتهم إيران)
واستفاد الرئيس الأميركي من الردود الغاضبة على الجمهوريين لكسب المزيد من التعاطف لصالح إدارته، إذ نشر البيت الأبيض على موقعه الرسمي عريضة شعبية وقعها ما يقارب مائتي ألف مواطن أميركي، طالبوا فيها البيت الأبيض بملاحقة أعضاء مجلس الشيوخ من الحزب الجمهوري، الذين لم ينج منهم من الانتقاد الحاد سوى سبعة أعضاء فقط، لم يتورطوا في توقيع الرسالة كما فعل الآخرون.
واعتبرت العريضة أن أعضاء مجلس الشيوخ، ومن بينهم ثلاثة مرشحين محتملين إلى الرئاسة في 2016، ارتكبوا خيانة عبر انتهاك قانون يعود لعام 1799 ويحرم على المواطنين الأميركيين التخاطب مع حكومات أجنبية، من دون أخذ موافقة السلطة التنفيذية. ورغم عدم جدية المطالبة بالمحاكمة كونها تأتي في سياق السجال السياسي، إلا أنها تكشف الطابع المثير للجدل للرسالة التي اعترف بعض الجمهوريين، ومن بينهم السيناتور البارز جون ماكين، بخطأ كتابتها، في حين لزم غالبية الموقعين الصمت.
وتحدثت السيناتور سوزان كولينز، وهي من من بين الجمهوريين الذين رفضوا توقيع الرسالة، عن فداحة الخطأ، الذي ارتكبه الموقعون، وذكرت في حديث تلفزيوني لمحطة "سي إن إن" أن من واجب أعضاء مجلس الشيوخ أن يقدّموا النصح للرئيس ولوزير خارجيته، وليس لقادة الدول الأجنبية.
كما برر زميلها السيناتور الجمهوري جيف فلايك أسباب امتناعه عن التوقيع بالقول إن المفاوضات مع إيران معقدة أصلاً، ولم يكن هناك ما يستدعي إضفاء المزيد من التعقيد عليها.
وفي السياق نفسه، كشف السيناتور المستقل أنجوس كينج، أنه بسبب الرسالة المثيرة للجدل بدأ يعيد النظر في وقوفه مع الجمهوريين، في مسألة سنّ تشريع يعطي مجلس الشيوخ اليد الطولى في تقرير مصير المفاوضات مع إيران. وأضاف كينج في مقابلة مع "إم إس إم بي سي"، أن الاتفاق مع إيران يجب أن يكون من مسؤولية السلطة التنفيذية، وأنّ "التخاطب المباشر من جانب أعضاء في السلطة التشريعية مع حكومة أجنبية هو أمر غريب".
وتجدر الإشارة إلى أن التشريع الذي يمنع المواطنين الأميركيين من التخاطب مع حكومات أجنبية يعود إلى عهد الرئيس الثاني للولايات المتحدة جون آدامز. ويطلق عليه قانون لوجان نسبة إلى السياسي الأميركي جورج لوجان، الذي كان عضواً في البرلمان المحلي لولاية بنسلفانيا، وتفاوض مع الفرنسيين بدون تصريح من الحكومة الفدرالية أثناء خوض الولايات المتحدة حرباً ضدّ الفرنسيين عام 1798.
وتتناول الرسالة المفتوحة الموجهة لقادة إيران أوباما، إذ تشكّك في مصداقية إدارته بالقول إن "أي اتفاق يوقع في عهده سوف يتم إبطاله بجرة قلم، بمجرد مغادرة أوباما البيت الأبيض بعد أقل من عامين". وسخر أوباما من الجمهوريين، قائلاً إنّ المتشدّدين باتت لديهم "قواسم مشتركة مع المتشددين في إيران".
بدوره، أكد وزير الخارجية الأميركي جون كيري من خلال تصريحات متتالية خلال اليومين الماضيين، أنّ أعضاء الكونغرس لن يكون بمقدورهم تعديل أي اتفاق بين الولايات المتحدة وإيران.
ومن المقرر أن تستأنف المفاوضات مع إيران، بقيادة كيري عن الجانب الأميركي خلال الأيام المقبلة في لوزان بسويسرا، في سباق مع الزمن للإيفاء بمهلة تنتهي بنهاية مارس/آذار للتوصل إلى اتفاق إطار، قبل التوصل إلى اتفاق نهائي في يونيو/حزيران يخفف العقوبات على إيران، مقابل فرض الرقابة على مشروعها النووي.
خامنئي يهاجم الجمهوريين
في المقابل، سارع مرشد الجمهورية الإيرانية إلى مهاجمة رسالة الجمهوريين، وقال إنه كلما حققت المفاوضات تقدّماً، اتخذ الأميركيون موقفاً "أكثر تشدّداً وتعنتاً وصرامة"، وهو هنا لا يدافع عن أوباما بقدر ما يحاول تجيير رسالة الجمهوريين لصالح موقف بلاده، في تحميل واشنطن مسؤولية الفشل المحتمل للمفاوضات الخاصة بمشروع إيران النووي.
وأضاف أن "جميع دول العالم تبقى ملتزمة بكل التعهدات الدولية بعد أي انتخابات أو أي تغييرات في حكوماتها، إلا أن الكونغرس يقول صراحة إن أي حكومة مقبلة لن تعترف بأي التزام تجاه إيران، وهذا يعني انهياراً أخلاقياً في السياسة".
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إرنا" عن خامنئي قوله إن "عديدين يظنون أن الولايات المتحدة التي تمتلك قدرات سياسية واقتصادية وعسكرية هائلة، لا تحتاج للخداع لتحقيق أهدافها، ولكن التجربة التاريخية تثبت أنهم لا يتعاملون بوضوح وشفافية وهذا يزيد قلق إيران".
أما الدفاع القوي في طهران عن أوباما فقد جاء على لسان أحد أبرز قيادات الاعتدال، وزير الخارجية جواد ظريف، الذي أعرب عن دهشته من قيام بعض أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بكتابة رسائل موجهة لقيادات دول أخرى ضدّ رئيسهم وإدارتهم.
وأشار ظريف إلى أنّه من خلال قراءة الخطاب المفتوح اكتشف أنّ القائمين على صياغته لا يفقهون القانون الدولي وغير واعين لمعاني دستورهم. واتهم الموقعين على الخطاب بالجهل في القانون الدولي، قائلاً إن القانون الدولي لن يعفي الإدارات الأميركية اللاحقة بالتزامات الإدارة الحالية. وحاول تذكير من وصفهم بالسذاجة بأن اتفاق إيران المحتمل بشأن مشروعها النووي لن يكون مع الولايات المتحدة فقط، بل سيكون اتفاقاً دولياً يشارك فيه جميع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، ولن يكون بمقدور الكونغرس الأميركي إلغاؤه بجرة قلم، كم يدعي الجمهوريون.
السيناتور "الطائش"
وغمز ظريف من دور للسيناتور الأميركي توم كونتون في صياغة الرسالة المثيرة للجدل، قائلاً إنّه صاغ الخطاب بلهجة متعالية ومتغطرسة تنم عن طيش. وتوم كونتون هو عضو شاب جديد في مجلس الشيوخ حارب في العراق وأفغانستان، وينتمي إلى ولاية أوكلاهوما الجنوبية التي هزم فيها الجمهوريون منافسيهم الديمقراطيين في الانتخابات الأخيرة. ووصف البيت الأبيض السيناتور الشاب، دون أن ذكر اسمه، بأن ما يقوم به هو "عمل طائش وغير مسؤول". وحملت بعض عبارات الرسالة ما كان يصرح به سابقاً السيناتور الشاب من تحذيرات لإيران؛ بأنّها تغامر باتفاق مع إدارة أوباما لن يدوم بعد رحيل الإدارة الأميركية الحالية. وكونتون محارب سابق في العراق وأفغانستان، وسيناتور جمهوري محافظ في الكونغرس، ويحظى بشعبية بين المتشدّدين الجمهوريين.
وفي الوقت الذي قوّض فيه الجمهوريون موقفهم بأنفسهم في ما يتعلق بالاتفاق مع إيران، فإنّ المخاوف الجدّية لدى الحزب الديمقراطي تتمحور حول تأثير حالة الانقسام، والتمترس الحزبي على تفويض الحرب الذي طلبه أوباما ضد تنظيم "داعش". ومثلما خلق الملف الإيراني انقساماً حاداً بين الجمهوريين والديمقراطيين، فإن التفويض الذي طلبه أوباما وحّد الديمقراطيين والجمهوريين، وإن كان الهدف مختلفاً بين الجانبين. ويتزعم العضو البارز في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ السيناتور روبرت منينديز، المعارضة ضدّ أوباما داخل الحزب الديمقراطي، إذ أعلن قبيل بدء النظر في طلب أوباما الحصول على تفويض رسمي للحملة على "داعش"، أن أعضاء مجلس الشيوخ غير مستعدين لمنح هذا الرئيس أو أي رئيس آخر تفويضاً مفتوحاً للحرب أو "شيكاً على بياض".
وفي المقابل، يطالب الجمهوريون بأن يقلل التفويض من القيود المفروضة على الجنرالات المسؤولين عن الحملة على "داعش".
ويربط كيري بين الحرب على "داعش" والمفاوضات مع إيران، عبر القول إنّ صدور التفويض على الحرب بموافقة حزب واحد فقط سيكون أسوأ من عدم صدور التفويض، في مقارنة غير مباشرة مع حالة الانقسام الشبيهة بتلك التي أدت إلى المعارضة المسبقة للاتفاق مع إيران من جانب حزب واحد فقط بغالبية أعضائه.