في السنوات الأولى للثورة السورية، عمل النظام السوري على تجنيد عدد من الشباب السوري المهتم بالإعلام ليكونوا مراسلين حربيين له على الجبهات، يرصدون تحركات جيشه ويهللون ويطبلون له على خطوط التماس، وخصص لهؤلاء المراسلين حيزاً كبيراً من ساعات البث على قنواته الرسمية والخاصة، تحت مسمى "الإعلام الحربي".
ارتكب العديد من هؤلاء المراسلين انتهاكات جسيمة بحق الجسد السوري في محاولة لكسب الشهرة من خلال وحشية وفظاظة ما يصورونه. من أشهر تلك الانتهاكات لحرمة الجسد صور السيلفي التي كانت تلتقطها مراسلة قناة "سما" الفضائية، كنانة علوش، حيث التقطت صورة سيلفي مع الجثث المتفحمة، لتؤكد على إنجازات الجيش بالقضاء على الإرهاببين، على حد تعبيرها. وكذلك المراسل شادي حلوة، الذي صور فيديو مع الأسرى والمعتقلين لدى النظام السوري، والذين بدت عليهم علامات الضرب والتعذيب الجسدي. والمراسل نبراس المجركش، الذي التقط صورة سيلفي مع بقايا وأشلاء جثث لمواطنين ماتوا إثر انفجار في العاصمة دمشق.
ضجت منصات الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي بتلك الفضائح، وسط غضب شعبي طاول مؤيدي النظام السوري قبل معارضيه، فطرحت العديد من الأسئلة حول مدى كفاءة هؤلاء المراسلين. ليرد إعلام النظام السوري بأهمية الإعلام الحربي برصد ما يحصل بالميدان وما يتعرض له هؤلاء المراسلون من مخاطر لنقل الحقيقة، وأبقاهم على رأس عملهم. بالإضافة إلى ذلك، فإن النظام السوري بدأ يفكر اليوم بتلميع صورة هؤلاء المراسلين عن طريق أعمال درامية، حيث بدأ مؤخراً تصوير فيلم "سبع ساعات في سورية"، الذي يتناول قصة مراسلة حربية تقوم بتغطية المعارك على خطوط التماس، وتقوم تلك المراسلة بتغطية إحدى المعارك الدائرة في ريف دمشق، وهي حامل بشهرها السابع. وخلال تواجدها هي والمصور الذي يرافقها لتغطية الوقائع وتقدم الجيش السوري على أحد خطوط التماس يتعرض الخط لهجوم من "الإرهابيين"، مما يدفعها إلى الهروب برفقة المصور، لتتحاصر المنطقة فيما بعد ويستحال عليهم الخروج بسبب النيران، وفي تلك الأثناء يحدث للمراسلة مخاض مفاجئ.
الفيلم من إنتاج شركة "سمايلي" المحدثة، ومن بطولة ميريانا معلولي ويامن سلمان، وتتولى مهمتي كتابة وإخراج هذا الفيلم المخرجة الشابة، سارة الزير، والتي نشرت بدورها مجموعة من الصور والفيديوهات على وسائل التواصل الاجتماعي، بعنوان "استطلاع"، تقوم فيها بالتقاط صور لأماكن سبق وأن دمرها النظام السوري في ريف دمشق، باعتبار هذه الأماكن استديوهات محتملة لفيلمها المقبل، وتحتار بالاختيار بين تلك الأماكن، وتطلب مساعدة الجمهور. وبذلك يكون الفيلم الذي تم تخصيصه لتلميع صورة مراسلي إعلام النظام السوري الحربي، قد وقع بدوره في العديد من الانتهاكات الإنسانية قبل تصويره. وذلك حين تعامل مع حطام المدن ومقابر الناس بوصفها خيارات متاحة للتصوير، في لوحة تهدف للتفاخر بانتصارات النظام والدمار الذي حل بمعارضيه.