الخامس من مايو/أيار، أو كما يطلق عليه "سينكو دي مايو" بات مناسبة للاحتفال، ليس فحسب بين أوساط المكسيكيين الذين يعيشون في الولايات المتحدة، ويشكلون نسبة كبيرة من سكانها، ولكنه أصبح أيضاً مناسبة يجد فيها الأميركيون فرصة للاستمتاع بالثقافة المكسيكية الغنية، بدءاً من تناول "الفاهيتا والجواكامولي والناشوز" اللذيذة، وكثير من "المارغريتا"، وانتهاء بالطرب على عزف موسيقى "المارياتشي" العريقة.
وبينما يلقى "سينكو دي مايو" اهتماماً محدوداً في المكسيك، إلا أنه يعد مناسبة هامة يُحتفل بها في الولايات المتحدة، كيف لا وهي السوق الترويجي الكبير لأي مناسبة صغيرة كانت أم كبيرة!، فقد تجاوزت الاحتفالات في هذا البلد معناها الحقيقي، لتصبح مجرد حملات ترويجية وعروض تسويقية هدفها ضخ مزيد من الدولارات في جيوب أصحاب المتاجر الكبيرة والمطاعم ومصانع الكحول والمنتجعات السياحية.
في عام 2014، كان "سينكو دي مايو" اليوم الأكثر استهلاكاً للكحول، عدا عن أنه واحد من بين العطلات الخمسة الأولى الأكثر استهلاكاً للكحول بشكل عام في أميركا.
ويعود الاحتفال بهذا اليوم إلى ذكرى انتصار قوة صغيرة تابعة للجيش المكسيكي على القوات الفرنسية الكبيرة في معركة بوبيلا (85 كيلومتراً شرقي مكسيكو سيتي) في الخامس من أيار/مايو عام 1862.
وكانت المكسيك تعرضت أواخر عام 1861 للغزو من قبل إسبانيا وفرنسا وبريطانيا، ولكن إسبانيا وبريطانيا قررتا الانسحاب في غضون ستة أشهر. ومن هنا فإن المكسيكيين يحتفلون بهذا اليوم الذي يذكرهم بانتصارهم ويعد مصدر فخر لهم.
ورغم أن الاحتفال بـ"سينكو دي مايو" كان قائماً منذ انتهاء المعركة، وخاصة في مناطق غرب الولايات المتحدة حيث يكثر المهاجرون المكسيكيون، إلا أن المناسبة كانت غير معروفة إلى حد كبير في معظم أنحاء الولايات المتحدة حتى نهاية الستينيات، عندما بدأ نشطاء مكسيكيون أميركيون بالترويج له.
إقرأ أيضاً:"دوما" تتحدى الموت بالغناء
ماوريسيو دافيا، وهو مكسيكي يعيش وعائلته في الولايات المتحدة، أوضح لـ"العربي الجديد" سبب ذلك:"أعتقد أن "سينكو دي مايو" أصبح احتفالاً مهماً في الولايات المتحدة، لأن المجتمع المهاجر من ولاية بويبلا المكسيكية تمركز بقوة في بعض المدن الرئيسية مثل نيويورك وشيكاغو. وربما، مع تزايد نفوذ المهاجرين العائدين إلى المكسيك، اكتسب "سينكو دي مايو" مزيداً من الأهمية في المكسيك نفسها، لكنه لا يزال في مراحله الأولى هناك".
ويرى ماوريسيو الذي لا يحتفل بهذا اليوم أنه "لا يحمل المعنى الرمزي الذي تحظى به الاحتفالات السنوية الأخرى مثل يوم الاستقلال أو الثورة المكسيكية، وهما مناسبتان رئيسيتان في المكسيك وتؤكد عليهما برامج التعليم الأساسي".
أما إرنيستو فيابولوس، وهو موسيقي ومدير فرقة "الأخوة فيابولوس" المكسيكية في نيويورك، فيرى أن الاحتفال بهذا اليوم لا يجب أن يطغى على المسائل الأخرى التي يعاني منها المجتمع المكسيكي. ويقول:"كموسيقي أحب مشاركة الناس هنا بموسيقى وطني. ومع ذلك، ونظراً للظروف التي يعيشها المكسيكيون في المكسيك والتي يسودها العنف والفساد والتدهور الاجتماعي والبيئي، أعتقد أنه من المهم أن نخفف من احتفالاتنا هذه، والتركيز بدلاً من ذلك على التعليم".
وانتقد إرنيستو المفاهيم الخاطئة التي ترافق الاحتفال بهذه المناسبة في أميركا قائلاً: "لقد أصبح الخامس من أيار في الولايات المتحدة مرادفاً لعيد استقلال المكسيك، وهو اعتقاد خاطئ. وللأسف أصبح مرادفاً أيضا لشرب الكحول الجنوني، والاحتفال السطحي بكل الأمور المكسيكية النمطية. إن ذلك يغير مفهوم الناس عن المكسيك ويقلل من حجم المشاكل الاجتماعية والاقتصادية العميقة الموجودة فيه".
إقرأ أيضاً:ديما الأثيوبيّة