لم تجد الشيخوخة كثيمة سوى اهتماماً متقطعاً في تاريخ الفن، حيث ظهرت منذ اللوحات التي تناولت موضوعات تاريخية أو من الكتاب المقدس، وكانوا كبار السن هؤلاء من الأنبياء ورجال الدين والعلماء وفلاسفة العصور القديمة عادة، قبل أن يبدأ ظهور هذه الفئة في البورتريهات التي تجسد الأثرياء والسياسيين والشخصيات الأدبية المختلفة وحتى الفنانين أنفسهم.
لكن الموضوع بات يستحوذ مؤخراً على العديد من الدراسات الفنية التي تحاول فهم علاقة هذه المرحلة بالهوية والجنوسة والجسد كفضاء يثير الخوف أو الرهبة أو مشاعر متناقضة، مع تراكم العديد من التجارب التي لم تعد تصنّف الأشخاص المسنيين ضمن صورة نمطية مسبقة.
افتتح "غاليري لمسات" في القاهرة معرضاً جماعياُ افتراضياً لعدد من الفنانين التشكيلين في مصر والعالم العربي بعنوان "شيخوخة"، في الخامس من الشهر الجاري ويتواصل لأسبوع بينما يتواصل عرض الأعمال المشاركة على المنصّات الإلكترونية للغاليري.
يشير بيان المنظّمين إلى "عرض مجموعة من الأعمال الفنية تتضمّن عدد كبير من المنحوتات والخزفيات القديمة، اللوحات الفنية القديمة، الصور الفوتوغرافية القديمة، القطع الفنية اليدوية القديمة والمستوحاة من معني لفظ شيخوخة، والمعرض يتبنى فلسفة أن القديم يعبر عن الأصالة والعراقة ولا يقل أهمية عن الذهب، ويحمل دعوة لتقدير الأشياء القديمة حتى نستلهم منها الجديد والمبتكر".
يشارك الفنان أحمد الجنايني (1954) الذي يقدّم الوجوه في لوحاته بملامح أو موتيفات فرعونية تخرج بالسريالية إلى نطاق التجريد، حيث تنزاح عن الواقع وتصبح مغايرة للمالوف وتحيل إلى دلالات عديدة أهمّها الاغتراب والتباس الهوية، بينما يقدم مصطفى بط (1943) أجساداً تمزج بين البعد الأسطوري والواقعي من خلال توظيف تعبيرية سحرية مستمدة من الفن الشعبي وعناصر من التراث المصري القديم.
كما يحضر الفنان أحمد نبيل (1937) الذي يركّز في مجمل تجربته على علاقة الإنسان بالطبيعة ضمن مستويات متعددة سواء في دراسة الظل والنور، أو إيقاعات وحركات الجسد في فضاء يشبهه ويختلف عنه في الوقت نفسه، وكذلك أحمد سليم (1936) الذي يصّور الجسد في طقوس احتفالية وفي مشاهد درامية غالباً.
إلى جانب مشاركة كلّ من محمد فتاح من العراق، وأحمد كنعان من فلسطين، وبدور اليافعي من السعودية، وأيمن عمارة ومحمد محيي الدين ومروة عقت وسامية الحديدي وأحمد رمزي وسارة مصطفى وإسراء أحمد إسماعيل وريم بسيوني من مصر.