وصعّدت الإدارة التركية، خلال الأيام الماضية، من لهجتها ضد "الكردستاني" الذي تصنّفه أنقرة "منظّمة إرهابية". وفيما أشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى إمكانية نزع الجنسية التركية عن أنصار "الكردستاني"، وصولاً إلى إخلاء المناطق السكنية التي تشهد اشتباكات مع "الكردستاني" وتدميرها ومن ثم إعادة بنائها، أكد رئيس الوزراء التركي، أحمد داود أوغلو، رفضه التام لأي حوار مع "الكردستاني".
ميدانياً، أعلنت هيئة الأركان التركية أنّ قوات الأمن التركية تمكّنت، أول من أمس الأربعاء، من قتل 23 من عناصر "العمال الكردستاني"، خلال الاشتباكات الجارية في كل من مدن شرناق، وهكاري، وتونجلي، وماردين، وباتمان، وموش، شرقي البلاد. في المقابل، قتل جندي تركي وأصيب 4 آخرون، بينهم 3 عناصر من الشرطة، في هجمات لعناصر "الكردستاني" في ولايتَي دياربكر وهكاري. وقالت مصادر أمنية لوكالة "الأناضول"، إن عناصر من الحزب أطلقوا النار على سيارة كان يستقلها الجندي التركي في قضاء بيسميل في دياربكر، ما أدى إلى مقتله. وأشارت إلى أن قوات الأمن في المنطقة بدأت عملية بحث وتمشيط بهدف إلقاء القبض على المهاجمين.
وعلى الرغم من أنّ "الكردستاني" يخوض معارك ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في كل من سورية والعراق، عبر فروعه الموجودة هناك، مدعوماً بسلاح الجو الأميركي، وكذلك ضد قوات المعارضة السورية مدعوماً بالطيران السوري والروسي، ومعارك أخرى شرسة ضد قوات الأمن التركية في جنوب شرقي تركيا، آثرت قيادة "الكردستاني" التمدد مرة أخرى، لاستفزاز أنقرة، مستغلة الاشتباكات التي اندلعت في إقليم ناغورني قره باغ.
وتشير تقارير إعلامية إلى قيام "الكردستاني" بإرسال وحدات عسكرية تابعة له من مدينة القامشلي السورية، ومعسكرات شمال العراق، يصل تعدادها إلى قرابة الأربعمائة مقاتل لمساندة القوات الأرمينية في الاشتباكات ضد أذربيجان، من بينهم 150 مقاتلاً أرمنياً سوريّاً من محافظتَي الحسكة وحلب، الذين يحاربون في صفوف قوات حزب "الاتحاد الديمقراطي" (الجناح السوري للعمال الكردستاني).
وترأست هذه القوات قيادات أرمينية معروفة في صفوف "الكردستاني" يطلق عليهم لقب "صقور أغري"، وهم: ليوان كاراداغ، وهيماران كيرفجيان، وثروت باغوبشين، الذين يعتبرون من قيادات جيش تحرير أرمينيا السري (أسالا). وهذه الأخيرة منظمة ماركسية لينينية معادية لتركيا، نفّذت عدداً من الهجمات ضد المصالح التركية في أوروبا بعدما أعلنت تحالفها مع العمال "الكردستاني" في أبريل/ نيسان 1980، لتختفي المنظمة بعد انتقال "الكردستاني" إلى معسكرات البقاع اللبناني عام 1983، وتتحول إلى فرقة في قواته تحت مسمى "صقور أغري".
وانضمت الوحدات الجديدة إلى 80 مقاتلاً آخرين أرسلهم "الكردستاني" في وقت سابق إلى معسكر فاردينيس في منطقة بحيرة سيفان الأرمينية عبر ولاية أغري الحدودية التركية. وتولّى مهمة التنسيق مع الأرمن بيسة هوزات، الرئيس المشارك لاتحاد المجتمعات الكردستاني، وهي المظلة التي تعمل تحتها جميع التشكيلات والأحزاب التابعة لـ"العمال الكردستاني". وقام "الكردستاني" باختيار عناصر ذوي خبرة في صفوفه، إذ تمّ توزيع مقاتلي "الكردستاني" في 3 مدن في إقليم ناغورني قره باغ، وهي: لاتشجي، وشوشا، وكيلبيجير. ومن هناك، تم توزيعهم على أربعة محاور اشتباك رئيسية هي: أغدام، وجبرائيل، وزنغيلان، وفضولي.
في غضون ذلك، تستمر المشاورات التركية ـ الأميركية حول كيفية تحرير المناطق التي يسيطر عليها "داعش" في ريف حلب المواجهة للحدود التركية، في ظل الرفض التركي القاطع لأي محاولة للتقدم غرب الفرات من قبل "الاتحاد الديمقراطي".
وفي ظلّ الاتهامات التركية التي تطاول الولايات المتحدة لجهة دعمها العسكري للقوات الكردية في تركيا وسورية، نفى السفير الأميركي في أنقرة، جون باس، أمس الخميس، قيام واشنطن بتقديم مساعدات عسكرية بالذخائر أو الأسلحة لـ"العمال الكردستاني" وجناحه السوري، مشيراً إلى أن الأسلحة الأميركية التي تم العثور عليها في يد "الكردستاني" في تركيا، كانت قد قدمتها واشنطن للجيش العراقي.
وقال باس: "نتشارك المعلومات مع الحكومة التركية حول بعض المنظمات الإرهابية، بما في ذلك حزب العمال الكردستاني. وكانت أنقرة قد قدمت لنا معلومات عن عثورها على أسلحة أميركية الصنع في تركيا، وأكدنا لها بأن هذه الأسلحة سلّمناها للجيش العراقي"، مضيفاً "لا نسلّح الاتحاد الديمقراطي، ولا نرسل له الذخائر". وأوضح أنّ واشنطن تعارض جهود أي جماعة سورية لإحداث تغيير ديموغرافي بالمنطقة "وراء ستار قتال داعش". وتتهم تركيا وحدات "حماية الشعب" الكردية بارتكاب "تطهير عرقي" في بلدات يقطنها عرب وتركمان. وكرّر باس دعوته لحزب "العمال الكردستاني" لإلقاء السلاح والتوقف عن شن هجمات على تركيا.