يقف عبد القادر، وهو رجل متقاعد يستغل سيارته الخاصة لنقل الزبائن وتوفير قوت يومه، في آخر الطابور أمام إحدى محطات الوقود في العاصمة الجزائرية. ينتظر دوره وهو يكاد ينفجر غيظاً، ويقول لـ "العربي الجديد": "هكذا هو حالنا في بلد يعد من أغنى الدول النفطية". طوابير السيارات تزيد امتداداً، الضغط يزيد حدة. المشهد اليومي يزيد غرابة أمام محطات الوقود في عدد من ولايات الجزائر، وذلك منذ مطلع الشهر الحالي. فقد كانت الطوابير محصورة في السابق بالولايات الحدودية الشرقية والغربية للبلاد، حيث ينشط عمل مهربي الوقود".
"بلد لم يستثمر ثرواته"
لم يعتد أصحاب سيارات الأجرة والمواطنون بعد على فكرة أن الحصول على لترات من البنزين أو المازوت سيصبح إنجازاً عظيماً. فقد بدأت الأزمة في الولايات الداخلية ثم الشرقية لتتجه تدريجياً نحو ولايات الوسط والغرب، بعد انتشار معلومة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تشير إلى إقبال الولايات الداخلية على أزمة وقود حادة في شهر فبراير/شباط.
معلومة دفعت المواطنين إلى التهافت على تخزين الوقود، لا بل قام الكثيرون بقطع مسافات طويلة بحثاً عن المحطات التي تقل بها الطوابير. وهذه الأزمة أحدثت إرباكاً في حركة المرور ونقل السلع والبضائع داخل المدن وخارجها.
يقول الخبير الاقتصادي، عبد المالك سراي، إن ما يحصل في الجزائر يعد أمراً طبيعياً، لأن الأمر يتعلق ببلد لم يستثمر ثرواته بطريقة عقلانية ومدروسة، لإقامة مصافي تكرير البترول وتطويرها بما يحقق له الاكتفاء الذاتي ويمكنه حتى من التصدير، ليجعل من ذلك مورداً آخر لمداخيله من العملة الصعبة.
ويضيف سراي لـ "العربي الجديد": لا يوجد في الجزائر عدد كاف من مصافي تكرير البترول، مما يجعلها غير قادرة على تلبية حاجيات السوق الوطنية المقدرة مؤخراً بنحو 14 مليون طن سنوياً، إذ لا يتعدى إنتاجها حالياً حدود الثمانية ملايين طن سنوياً، في ظل التوسع المتواصل لعدد السيارات بالبلاد التي وصلت الى أكثر من 5.5 ملايين سيارة، بعد أن كانت قبل عام 2012 في حدود 3 ملايين سيارة، ناهيك عن السعر المتدني للمازوت والبنزين في الجزائر.
ليست الأزمة الأولى
أزمة الوقود، التي تعرفها الجزائر اليوم، ليست الأولى من نوعها، فقد شهد شتاء الأعوام 2011، 2012 و2013 أزمات مماثلة، وتعزو مصادر في شركة "نفطال" ومسؤولون محليون في مديريات الطاقة والمناجم وجود أسباب تقنية عدة تسبب هذه الأزمات، منها الأعطال المتكررة التي تصيب المصفاة الرئيسية في منطقة سكيكدة، بالإضافة إلى الاضطرابات الجوية الأخيرة، التي ضربت مناطق واسعة من البلاد، وأدت إلى انقطاعات عديدة في الطرقات مما أعاق التوزيع على المحطات، إضافة إلى تأخر وصول بواخر استيراد الوقود التي وجدت صعوبة في الرسو على الموانئ لتفريغ حمولتها نهاية شهري يناير/ كانون الثاني وبداية فبراير/ شباط. ويضاف إلى هذه العوامل عدم وجود مراكز تخزين محلية من الحجم الكبير يمكنها أن تضمن عملية تزويد السوق بالوقود لأسبوع في حال انقطاع الإمدادات. وتم "احتجاز" شاحنات إمداد في عدة مواقع في الجنوب من طرف المحتجين على الغاز الصخري. وتستمر ظاهرة تهريب الوقود المتواصلة عبر المنافذ الحدودية البرية الثلاثة للبلاد، تستنزف سنوياً نحو 1.5 مليار لتر من الوقود.
من جهتها، تقول مديرة فرع التكرير في شركة "سوناطراك"، زبيدة بن موفق، في اتصال مع "العربي الجديد"، إن الاضطرابات الجوية تقف وراء الأزمة الحالية، مما نتج عنها تذبذب في التوزيع على مستوى محطات الوقود، بسبب الانقطاعات التي مست عدة طرق وطنية.
وتضيف: "أن الجزائر ستتوقف عن استيراد الوقود مع بداية عام 2016 لتسجل فائضاً في الإنتاج يمكن أن يوجه للتصدير، حيث يتم حالياً إعادة تأهيل مصفاتي كل من الجزائر العاصمة، "سكيكدة" وكذا "أرزيو" في وهران، لتشتغلا بطاقتهما الكاملة، بالإضافة إلى إنشاء ثلاث وحدات جديدة لتكرير وتحويل النفط، بكل من تيارت غرب البلاد وإليزي في جنوبها وبسكرة في شرقها.
وتعد الجزائر من بين أبرز الدول المنتجة والمصدرة للنفط حيث تصنف في المراتب الـ 18 الأولى عالمياً من حيث احتياطي النفط بأكثر من 12 مليار برميل، والمرتبة 12 عالمياً من حيث الإنتاج، الذي يقدر بـ 1.2 مليون برميل يومياً، لكنها تستورد نحو 30% من احتياجاتها من الوقود بصنفيه البنزين والمازوت، لتلبية الطلب المتزايد على هذه المادة في السوق الداخلية.
إقرأ أيضاً: التلوّث البصري السمعي والشمّي ينهك الاقتصادات العربية
معلومة دفعت المواطنين إلى التهافت على تخزين الوقود، لا بل قام الكثيرون بقطع مسافات طويلة بحثاً عن المحطات التي تقل بها الطوابير. وهذه الأزمة أحدثت إرباكاً في حركة المرور ونقل السلع والبضائع داخل المدن وخارجها.
يقول الخبير الاقتصادي، عبد المالك سراي، إن ما يحصل في الجزائر يعد أمراً طبيعياً، لأن الأمر يتعلق ببلد لم يستثمر ثرواته بطريقة عقلانية ومدروسة، لإقامة مصافي تكرير البترول وتطويرها بما يحقق له الاكتفاء الذاتي ويمكنه حتى من التصدير، ليجعل من ذلك مورداً آخر لمداخيله من العملة الصعبة.
ويضيف سراي لـ "العربي الجديد": لا يوجد في الجزائر عدد كاف من مصافي تكرير البترول، مما يجعلها غير قادرة على تلبية حاجيات السوق الوطنية المقدرة مؤخراً بنحو 14 مليون طن سنوياً، إذ لا يتعدى إنتاجها حالياً حدود الثمانية ملايين طن سنوياً، في ظل التوسع المتواصل لعدد السيارات بالبلاد التي وصلت الى أكثر من 5.5 ملايين سيارة، بعد أن كانت قبل عام 2012 في حدود 3 ملايين سيارة، ناهيك عن السعر المتدني للمازوت والبنزين في الجزائر.
ليست الأزمة الأولى
أزمة الوقود، التي تعرفها الجزائر اليوم، ليست الأولى من نوعها، فقد شهد شتاء الأعوام 2011، 2012 و2013 أزمات مماثلة، وتعزو مصادر في شركة "نفطال" ومسؤولون محليون في مديريات الطاقة والمناجم وجود أسباب تقنية عدة تسبب هذه الأزمات، منها الأعطال المتكررة التي تصيب المصفاة الرئيسية في منطقة سكيكدة، بالإضافة إلى الاضطرابات الجوية الأخيرة، التي ضربت مناطق واسعة من البلاد، وأدت إلى انقطاعات عديدة في الطرقات مما أعاق التوزيع على المحطات، إضافة إلى تأخر وصول بواخر استيراد الوقود التي وجدت صعوبة في الرسو على الموانئ لتفريغ حمولتها نهاية شهري يناير/ كانون الثاني وبداية فبراير/ شباط. ويضاف إلى هذه العوامل عدم وجود مراكز تخزين محلية من الحجم الكبير يمكنها أن تضمن عملية تزويد السوق بالوقود لأسبوع في حال انقطاع الإمدادات. وتم "احتجاز" شاحنات إمداد في عدة مواقع في الجنوب من طرف المحتجين على الغاز الصخري. وتستمر ظاهرة تهريب الوقود المتواصلة عبر المنافذ الحدودية البرية الثلاثة للبلاد، تستنزف سنوياً نحو 1.5 مليار لتر من الوقود.
من جهتها، تقول مديرة فرع التكرير في شركة "سوناطراك"، زبيدة بن موفق، في اتصال مع "العربي الجديد"، إن الاضطرابات الجوية تقف وراء الأزمة الحالية، مما نتج عنها تذبذب في التوزيع على مستوى محطات الوقود، بسبب الانقطاعات التي مست عدة طرق وطنية.
وتضيف: "أن الجزائر ستتوقف عن استيراد الوقود مع بداية عام 2016 لتسجل فائضاً في الإنتاج يمكن أن يوجه للتصدير، حيث يتم حالياً إعادة تأهيل مصفاتي كل من الجزائر العاصمة، "سكيكدة" وكذا "أرزيو" في وهران، لتشتغلا بطاقتهما الكاملة، بالإضافة إلى إنشاء ثلاث وحدات جديدة لتكرير وتحويل النفط، بكل من تيارت غرب البلاد وإليزي في جنوبها وبسكرة في شرقها.
وتعد الجزائر من بين أبرز الدول المنتجة والمصدرة للنفط حيث تصنف في المراتب الـ 18 الأولى عالمياً من حيث احتياطي النفط بأكثر من 12 مليار برميل، والمرتبة 12 عالمياً من حيث الإنتاج، الذي يقدر بـ 1.2 مليون برميل يومياً، لكنها تستورد نحو 30% من احتياجاتها من الوقود بصنفيه البنزين والمازوت، لتلبية الطلب المتزايد على هذه المادة في السوق الداخلية.
إقرأ أيضاً: التلوّث البصري السمعي والشمّي ينهك الاقتصادات العربية