يطالب مسلمو فرنسا، منذ فترة طويلة، بأن تمنحهم الحكومة يوم عطلة، على الأقل، في أحد أعيادهم، خصوصاً أنّ الفرنسيين يحظون بالعديد من العطل ذات الأصل المسيحي. لكنّ الدعم جاء هذه المرة من مركز أبحاث "تيرّا نُوفَا"، المقرب من الحزب الاشتراكي، الذي اقترح عام 2017 منح الجاليتين الإسلامية واليهودية يومي عطلة في السنة: عيد الأضحى ويوم كيبور، حتى تنشأ "مساواة بين الديانات". لم يتحقق ذلك، هذا العام أيضاً، وإن كان كثير من الفاعلين يرون أنّ الأمر لا بدّ له من أن يحصل، في المستقبل.
يتحدث العجوز جزائري الأصل، عيسى أمهاوش، وهو مقيم في فرنسا منذ 45 عاماً، لـ"العربي الجديد"، عن عيد الأضحى، فيشدد على التحولات التي شهدها، طوال إقامته، من فترة البدايات التي لم يكن يعرف فيها أحداً إلى الفترة التي بدأ فيها بعض المهاجرين يحضرون عائلاتهم، ويتجمّعون في أحياء شعبية، إلى أن بدأت تظهر مساجد وزوايا في الأحياء والضواحي. يقول: "تغيّرت الأوضاع، وأصبحت بعض الأماكن شبيهة بما يحدث في بلداننا الأصلية؛ حُشود في المصلَّيات، رجال ونساء وأطفال". تغيّرت الأمور كثيراً عما كانت عليه حين وصل المهاجرون الأوائل إلى فرنسا. وأصبح العيد معروفاً على المستوى العام، إذ تتحدّث عنه وسائل الإعلام الفرنسية ويعرفه مواطنون فرنسيون باسم "عيد الخروف".
توجّه المسلمون إلى مساجدهم، أمس، كما في كلّ عيد أضحى، ليشهد الحدث تسامحاً من كثير من أرباب العمل مع موظفيهم وعمالهم، الذين تغيّبوا بعض الوقت في صباح العيد. ولم تتردّد بلديات تتميز علاقاتها مع مواطنيها المسلمين بالسلام والمودة، في فتح منشآتها الرياضية كمصلَّيات، حتى تكتمل فرحة هذا المكوّن من المجموعة الوطنية الفرنسية.
اقــرأ أيضاً
أحمد الريفي، متقاعد في شركة نظافة الميترو، يتذكّر أنه لم يُرفض لهُ أبداً طلب التغيّب نصف يوم من أجل العيد. وكثيرون مثل أحمد أيضاً استفادوا من تساهل مشغّليهم. لكنّ هذا العيد يظل، أيضاً، مرتبطاً بأضحية العيد، وهنا مربط الفرس. وقد كان الأمر في البدايات يمرّ سهلاً، إذ كانت تجتمع أُسَر عدة وتتفق على شراء عجل، كما يقول مصطفى العبدي، وهو من أصول مغربية، و"كان صاحب المزرعة الفرنسيّ يسمح لنا بذبح الأضحية وتوزيع اللحوم على العائلات". كما كان الأئمة يحرصون على إقناع العائلات التي لا تستطيع ذبح "كبش أقرن وأملح" على التشارك حول عجل، أو التطوع بثمنه لعائلات فقيرة في بلدانهم الأصلية، أو لعائلات فقيرة في أحيائهم، ما دام الأمر يتعلق بسُنّة لا فريضة.
وقوع العيد في الصيف جاء "برداً وسلاماً" كما يقول الحاج الذهبي، وهو ذو أصل جزائري، فهذا المواطن لا يتذكر أنّه أمضى فترة عيد أضحى في فرنسا: "كنت دوماً أصرّ على السفر وقضاء العيد في أجواء إسلامية مع العائلة في وهران". لكنّ الظروف تغيّرت حقاً، الآن، مع وجود جالية إسلامية تقترب من 5 ملايين شخص في فرنسا. أصبحوا يشكلون سوقاً يثير لعاب التعاونيات الفلاحية، مثلما يشكّل شهر رمضان فرصة اقتصادية كبرى.
أصبح أفراد الجالية أحياناً أكثر حرصاً، من العديد من الأئمة، على ذبح الأضحية. وولّى الزمن الذي كانت فيه الجالية تعير سَمعاً لهجمات الممثلة بريجيب باردو على المسلمين بسبب ذبح الأضحية. ولهذا السبب تقترح مساجد كثيرة على المصلين أن تتكفل بذبح أضحياتهم، وتحضر الذبائح إلى بيوتهم، من دون عناء. كذلك، اقترحت بعض الجزارات الإسلامية أن تتبرّع بـ 20 يورو من ثمن الأضحية لتشييد مساجد.
لكنّ الفكرة الأصيلة التي تكرست هذه السنة كانت "آلو خروف (Allo Mouton)" التي وصلت إلى البريد الإلكتروني لمعظم أبناء الجالية العربية في فرنسا. هي شركة فتية أسسها، سفيان وروكسان، في يناير/ كانون الثاني 2015، وأصبحت، الآن، متخصصة في مجال الخراف وفي الذبح الحلال. تحاول الشركة التي تمارس التجارة على الإنترنت المزاوجة بين احترام الشريعة الإسلامية والتواريخ والشفافية والنوعية واحترام آجال التسليم. وتقترح هذه الشركة التي تشتغل بشعار "احتفلوا بالعيد بين عائلاتكم، آلو خروف تهتم بالباقي" التكفل باستقبال وتوزيع الهبات على الجمعيات الخيرية وعلى المحتاجين. يصل ثمن الأضحية، كما تقترحه هذه الشركة، بعد ذبحها وتقطيعها وإيصالها إلى بيت المشتري إلى 269 يورو، في حين يكلف شراء أضحية والتصدق بها لجمعية خيرية 229 يورو.
بدوره، يختصر إمام أحد المساجد في باريس فيقول: "عيد الأضحى رمزٌ من رموز تديّننا شريطة إشهار التضامن والإيثار والتضحية". يسأل: "ألم يُضَحِّ إبراهيم الخليل بفلذة كبده؟!".
يتحدث العجوز جزائري الأصل، عيسى أمهاوش، وهو مقيم في فرنسا منذ 45 عاماً، لـ"العربي الجديد"، عن عيد الأضحى، فيشدد على التحولات التي شهدها، طوال إقامته، من فترة البدايات التي لم يكن يعرف فيها أحداً إلى الفترة التي بدأ فيها بعض المهاجرين يحضرون عائلاتهم، ويتجمّعون في أحياء شعبية، إلى أن بدأت تظهر مساجد وزوايا في الأحياء والضواحي. يقول: "تغيّرت الأوضاع، وأصبحت بعض الأماكن شبيهة بما يحدث في بلداننا الأصلية؛ حُشود في المصلَّيات، رجال ونساء وأطفال". تغيّرت الأمور كثيراً عما كانت عليه حين وصل المهاجرون الأوائل إلى فرنسا. وأصبح العيد معروفاً على المستوى العام، إذ تتحدّث عنه وسائل الإعلام الفرنسية ويعرفه مواطنون فرنسيون باسم "عيد الخروف".
توجّه المسلمون إلى مساجدهم، أمس، كما في كلّ عيد أضحى، ليشهد الحدث تسامحاً من كثير من أرباب العمل مع موظفيهم وعمالهم، الذين تغيّبوا بعض الوقت في صباح العيد. ولم تتردّد بلديات تتميز علاقاتها مع مواطنيها المسلمين بالسلام والمودة، في فتح منشآتها الرياضية كمصلَّيات، حتى تكتمل فرحة هذا المكوّن من المجموعة الوطنية الفرنسية.
أحمد الريفي، متقاعد في شركة نظافة الميترو، يتذكّر أنه لم يُرفض لهُ أبداً طلب التغيّب نصف يوم من أجل العيد. وكثيرون مثل أحمد أيضاً استفادوا من تساهل مشغّليهم. لكنّ هذا العيد يظل، أيضاً، مرتبطاً بأضحية العيد، وهنا مربط الفرس. وقد كان الأمر في البدايات يمرّ سهلاً، إذ كانت تجتمع أُسَر عدة وتتفق على شراء عجل، كما يقول مصطفى العبدي، وهو من أصول مغربية، و"كان صاحب المزرعة الفرنسيّ يسمح لنا بذبح الأضحية وتوزيع اللحوم على العائلات". كما كان الأئمة يحرصون على إقناع العائلات التي لا تستطيع ذبح "كبش أقرن وأملح" على التشارك حول عجل، أو التطوع بثمنه لعائلات فقيرة في بلدانهم الأصلية، أو لعائلات فقيرة في أحيائهم، ما دام الأمر يتعلق بسُنّة لا فريضة.
وقوع العيد في الصيف جاء "برداً وسلاماً" كما يقول الحاج الذهبي، وهو ذو أصل جزائري، فهذا المواطن لا يتذكر أنّه أمضى فترة عيد أضحى في فرنسا: "كنت دوماً أصرّ على السفر وقضاء العيد في أجواء إسلامية مع العائلة في وهران". لكنّ الظروف تغيّرت حقاً، الآن، مع وجود جالية إسلامية تقترب من 5 ملايين شخص في فرنسا. أصبحوا يشكلون سوقاً يثير لعاب التعاونيات الفلاحية، مثلما يشكّل شهر رمضان فرصة اقتصادية كبرى.
أصبح أفراد الجالية أحياناً أكثر حرصاً، من العديد من الأئمة، على ذبح الأضحية. وولّى الزمن الذي كانت فيه الجالية تعير سَمعاً لهجمات الممثلة بريجيب باردو على المسلمين بسبب ذبح الأضحية. ولهذا السبب تقترح مساجد كثيرة على المصلين أن تتكفل بذبح أضحياتهم، وتحضر الذبائح إلى بيوتهم، من دون عناء. كذلك، اقترحت بعض الجزارات الإسلامية أن تتبرّع بـ 20 يورو من ثمن الأضحية لتشييد مساجد.
لكنّ الفكرة الأصيلة التي تكرست هذه السنة كانت "آلو خروف (Allo Mouton)" التي وصلت إلى البريد الإلكتروني لمعظم أبناء الجالية العربية في فرنسا. هي شركة فتية أسسها، سفيان وروكسان، في يناير/ كانون الثاني 2015، وأصبحت، الآن، متخصصة في مجال الخراف وفي الذبح الحلال. تحاول الشركة التي تمارس التجارة على الإنترنت المزاوجة بين احترام الشريعة الإسلامية والتواريخ والشفافية والنوعية واحترام آجال التسليم. وتقترح هذه الشركة التي تشتغل بشعار "احتفلوا بالعيد بين عائلاتكم، آلو خروف تهتم بالباقي" التكفل باستقبال وتوزيع الهبات على الجمعيات الخيرية وعلى المحتاجين. يصل ثمن الأضحية، كما تقترحه هذه الشركة، بعد ذبحها وتقطيعها وإيصالها إلى بيت المشتري إلى 269 يورو، في حين يكلف شراء أضحية والتصدق بها لجمعية خيرية 229 يورو.
بدوره، يختصر إمام أحد المساجد في باريس فيقول: "عيد الأضحى رمزٌ من رموز تديّننا شريطة إشهار التضامن والإيثار والتضحية". يسأل: "ألم يُضَحِّ إبراهيم الخليل بفلذة كبده؟!".