نشرت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، اليوم الثلاثاء، مقال رأي لإدارتها التحريرية تناقش فيه قضية السماح للمرأة بقيادة السيارة في السعودية، وانعكاس تلك الخطوة على الحريات في المملكة.
وترى الصحيفة أن اقتراب موعد رفع السلطات السعودية للحظر عن قيادة المرأة للسيارات، تزامن مع تقييد الحريات واعتقال المطالبات بحقوق المرأة، وما يبدو في ظاهره أنه عملية إصلاح، ليس إلا سيرا في الاتجاه المعاكس وكبتا للحريات.
وتتابع الصحيفة البريطانية أنه في دولة تتجاوز فيها مطالب النساء مسألة القيادة، لم يرغب ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، أن تكون الناشطات اللواتي طالبن لسنوات بإنهاء التمييز ضد المرأة، مثالاً للتمرد والثورة. وبدلاً من خوض النقاش، اختار ولي العهد إسكاتهن. وعوضاً عن أن يتم تكريمهن لدفاعهن عن حقوق المرأة السعودية، يتم تخوينهن وتشويه سمعتهن.
وتعتبر "ذا غارديان" أن المملكة السعودية تعامل نصف سكانها على أنهم مواطنون من الدرجة الثانية، إذ تحتاج المرأة السعودية إذن وصيا ذكرا للسفر أو العمل أو حتى الحصول على العلاج الطبي. وتتنقل من الولادة حتى الممات من وصاية رجل إلى آخر، من الأب إلى الزوج ومن ثم الأبناء.
ويضيف المقال أن الناشطات كن على حق بإرسال عريضة إلى القصر الملكي يشتكين فيها من نظام الوصاية ومطالبتهن بإلغائه، وما شجاعتهن إلا شهادة على ما يمكن أن يجري عندما يواجه المنطق عالماً لا يمتلك شيئاً منه. ويتابع أن "حرية التعبير أساسية كونها لا تساهم بتحديد القضايا الضرورية فقط، بل تكشف عن الشرائح المهمة في المجتمع أيضاً".
وتعتقد الصحيفة أن قول السعودية بأنها جادة في برامج الإصلاح ما هو إلا تغطية على مدى جديتها في القمع. وما سعي ولي العهد السعودي للحصول على دعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي يقوض تقاليد الديمقراطية الأميركية ويسعى لتركيز السلطات في يديه من خلال شيطنة الأقليات المستضعفة ومنها النساء، إلا نذير شؤم.
وتطالب الصحيفة الدول العربية بضرورة اللحاق بركب العالم المتحضر، خصوصاً أن أغلبها لا يمتلك قوانين لمحاربة التمييز الجنسي ضد النساء. وترى أن على دول المنطقة القبول بأن مساهمة البنات في المجتمع ممكنة مثل الأبناء، وأن يتمكن الرجال والنساء من الحصول على الخيارات ذاتها لتحقيق إمكاناتهم كي تستطيع اقتصادات هذه الدول استخدام كافة مواردها، بمعنى تحقيق المساواة بين الرجال والنساء.
ويتابع المقال بأنه "لا مكان في المنطقة يحتاج لمثل هذه التطورات مثل المملكة السعودية، ولكن دولاً أخرى تفشل في الامتحان أيضاً. فأن تكون ديمقراطياً في الشرق الأوسط في مرحلة ما بعد الربيع العربي، يعني أن تكون عاقلاً في عالم يسوده الجنون".
وتضرب الصحيفة مثال مصر، التي أعيد فيها انتخاب عبد الفتاح السيسي بنسبة 97 في المائة من الأصوات مسبقاً هذا العام، معتبرة أن هذه "الديمقراطية" لا تمتلك شيئاً من الحقوق المدنية؛ ففي مارس/ آذار الماضي اعتقلت السلطات المصرية سيدة كان ذنبها أنها تحدثت لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" عن اختفاء ابنتها القسري.
وعن تونس التي تعتبر المثال الديمقراطي في العالم العربي، تقول الصحيفة "عندما تمكن الإسلاميون المعتدلون من الانتصار في الانتخابات المحلية وقدموا مرشحة غير محجبة لتكون أول سيدة عمدة في تاريخ العاصمة، كان الحزب العلماني هو الذي منعها من استلام السلطة، في نفي تام لقدرتها السياسية".