أثار قرار السلطات المغربية في عدد من المدن الكبرى، مثل الدار البيضاء والرباط وفاس ومراكش، بمنع "فندق الخروف" أياما قليلة قبل حلول عيد الأضحى في المغرب، امتعاض وغضب العديد من الشباب العاطلين من العمل، كما أفضى إلى تذمر سكان الشقق الضيقة خاصة من قاطني "المساكن الاقتصادية".
ودأب عدد من الشباب في كثير من الأحياء الشعبية بالمغرب على استخدام محلات ودكاكين فارغة يضعون فيها أكباش العيد بطلب من سكان الحي الذين لا يجدون مأوى لهذه الخرفان بسبب ضيق البيت، أو لعدم توفر سطح خاص بالأسرة، وذلك مقابل أجر يومي متفق عليه بين الشاب "صاحب الفندق" وطالب خدمة الإيواء.
غضب الشباب والسكان
وخاب ظن شبان مغاربة عاطلين من العمل كانوا ينتظرون حلول عيد الأضحى بفارغ الصبر من أجل استئجار "فندق الخروف" للراغبين في هذه الخدمة مقابل تعويض مالي زهيد كل يوم يصل إلى 20 درهما فقط، يجمعون فيه رؤوس الأضاحي، بعد أن قررت السلطات المحلية تنبيه هؤلاء الشباب إلى ضرورة إغلاق هذه المحلات، تحت تهديد التعرض لغرامات مالية.
ويقول عبد الأحد، شاب في عقده الثاني، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن فندق الخروف كان يوفر له طيلة 10 أيام على الأقل قبل حلول "العيد الكْبير" ما يعينه على مصروف الجيب، فضلاً عن مساعدة أسرته الفقيرة في هذه المناسبة التي تتطلب ميزانية استثنائية، موردا أن قرار المنع صدمه بشدة وجعله يفكر في طريقة أخرى لتدبر الرزق.
من جهته، يؤكد حمودة الملقب بـ"ولد الدرب" لـ "العربي الجديد" أنه اعتاد على تخصيص محلهم الفارغ أسفل البيت ليكون مأوى لأكباش العيد لسكان الحي، وأنه اقتنى هذه السنة معدات الإقامة من علف وغيره، لكنه فوجئ بقرار المنع، ما جعله يتكبد خسارة مالية لم تكن في الحسبان.
ويوضح إبراهيم الديايم، ممثل سكان إحدى العمارات السكنية بالرباط، إن منع "فندق الخروف" يضر بالشباب الذين يعملون في هذه "المهنة الموسمية"، كما يضر أكثر بالساكنة، موضحا أنه كرب أسرة لا يجد مكانا للخروف الذي يقتنيه لأنه يسكن شقة ضيقة جدا رفقة أطفاله، كما أن سطح العمارة غير آمن من ظاهرة السطو على الأكباش.
ويتابع المتحدث ذاته بأن "فندق الخروف" يساعد على التخلص من مشكلة إيواء الكبش وأتعاب العناية به من تبن وماء، فضلا عن فضلاته ومخلفاته"، مبينا أن الداعين إلى منع هذه "الفنادق" بسبب ما يعتبرونه أضرارا بيئية وجمالية لا يعلمون العديد من المزايا التي توفرها هذه "الخدمة الشعبية" أكثر من سلبياتها.
— Bluesman بلوزمان (@feryate) ٢٢ سبتمبر ٢٠١٥ " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
بداوة المدن
يعلق الباحث في مركز الدراسات الاجتماعية بجامعة الرباط كريم عايش على الموضوع بالقول لـ "العربي الجديد" إن قرار منع "فنادق الخروف" يأتي انسجاما مع استراتيجية حكومية لمحاصرة بداوة المدن التي تحولت إلى قرى إسمنتية كبيرة تغزوها الأنشطة غير المنظمة وعادات الأرياف".
ويسجل الباحث السوسيولوجي أن هذا المعطى يطرح إشكالية ذات وجهين، الأول غياب تنظيم الدولة للمهن الموسمية التي يلجأ إليها الشباب العاطل، وعدم اقتراح أي حلول تمكن من خلق شغل ولو موسميا لفئة عريضة من الشباب، وكذلك ضعف الاستراتيجيات التنموية لتطوير مهن بسيطة.
والوجه الثاني، وفق عايش، يتمثل في كون هذه الأنشطة التي لا تخضع لأي ضوابط قانونية، على اعتبار أن رعاية الماشية من اختصاص الفلاحين في القرى، الذين خضعوا لعملية ترقيم القطيع، ما يجعل بيع الأضحية عملية بيع مباشرة بين الفلاح والمستهلك والذي يتحمل مسؤولية رعاية أضحيته ما دامت موجهة للاستهلاك.
ونبه عايش إلى عامل صحة الأضحية ومدى سلامة وسطها وعلفها المقدم لها قبل عيد الأضحى، ما يجعل الخروف عرضة للمخاطر بدون حماية قانونية للمستهلك، مبينا أن "فندق الخروف من الأنشطة الاقتصادية غير المنظمة، وتخالف قواعد التعمير وعادات المدن وطريقة عيشها، كما تحول الأحياء إلى بؤر تلوث وفضاء للضجيج، بفعل وجود رؤوس أغنام كثيرة في مكان واحد.
وخلص المتحدث إلى أنه يجب التفكير في إحداث مراكز رعاية وحراسة للخرفان، تشغل الشباب وتضمن صحة أفضل للأكباش، وتلوثا أقل للأحياء، وفق قوانين تنظيمية تسهل حياة المواطنين الذين سيعتبرون هذه الخطوة عونا لهم في الحياة بشكل أفضل، خاصة في الأحياء التي تضم شقق السكن الاقتصادي الضيقة وذات الكثافة السكانية العالية.