واتهم وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، ستيفن أوبراين، يوم الأربعاء، حكومة النظام السوري بأنها تجاهلت في العام 2015 معظم طلبات المنظمة الدولية لإرسال مساعدات إنسانية إلى نحو 4.6 ملايين شخص يعيشون في مناطق محاصرة ويصعب الوصول إليها وإن 620 ألف شخص فقط هم الذين حصلوا على مساعدات. وقال أوبراين، أمام مجلس الأمن الدولي، إن "الأمم المتحدة قدّمت 113 طلباً إلى الحكومة السورية العام الماضي للموافقة على دخول قوافل إغاثة، لكن لم تتم الموافقة سوى على 10 في المائة فقط من الطلبات". وطالب الدول التي تتمتع بالنفوذ على الأطراف المتنازعة القيام بمزيد من الجهود والخطوات لضمان امتثال الأطراف على الأرض بالتزاماتها بحسب القانون الدولي ومطالب مجلس الأمن وقراره الأخير رقم 2139.
أما المديرة التنفيذية لبرنامج الغذاء العالمي، إرثين كازين، فأكدت أن هناك 18 منطقة محاصرة في سورية، وفيها نصف مليون شخص لا يمكنهم الحصول على الطعام أو على مساعدات إنسانية. مما يجعل مجمل عدد الأشخاص الذين يتواجدون في المناطق المحاصرة أو مناطق يصعب الوصول إليها حوالي 4.5 ملايين.
ووصفت "فورين بوليسي" الخطة الدولية بأنها ركيكة العنوان وجافة المحتوى، ومع ذلك فإن الأرقام الواردة فيها كانت كافية لأن تتحدث عن نفسها، وتعكس حجم الكابوس الذي تمر به سورية وفظاعة الكارثة الإنسانية التي يعاني منها السوريون. وتغطي الخطة الفترة من الأول من يناير/كانون الثاني حتى الحادي والثلاثين من ديسمبر/كانون الأول المقبل، وتهدف الخطة حسب ما ورد في مقدمتها إلى تلبية الاحتياجات الإنسانية في كل المحافظات السورية.
وشبّهت "فورين بوليسي"، سورية بمريض أصبح في غرفة الإنعاش، محذرة من أن عدد السوريين الذي أصبحوا بحاجة للمساعدات الإنسانية العاجلة وصل إلى 13 مليوناً وستمائة ألف مواطن. كما اقتبست المجلة من التقرير الأممي إشارة لافتة إلى أن نسبة التشرد في سورية أصبحت تمضي بمعدل 50 أسرة في الساعة الواحدة. وحسب أرقام خطة الإنقاذ الدولية، فإن من بين ملايين القاطنين في مخيمات النزوح الداخلية يوجد مليون نازح على الأقل لا يتلقون أي عون من المجتمع الدولي إطلاقاً.
وكان تقرير العام الماضي قد تضمّن معلومات لا تقل فظاعة، أشارت إلى أنّ من يعانون من انعدام الأمن الغذائي وصل قرابة العشرة ملايين نسمة، منهم حوالي سبعة ملايين نازح طفل.
ومع التسليم بأهمية هذه الأرقام وخطورتها، إلا أن الكاتب، روي غوتمان، يعتقد أن "الأكثر بشاعة وبُعداً عن الإنسانية" في التقرير الإنساني هو في المعلومات التي حُجبت عن صيغته المنشورة، وفي تفاديه ذكر الحوادث والجرائم المتعلقة بالحصار المفروض على المدنيين في العديد من المدن السورية. ومن الوقائع التي أزيلت من التقرير عقب عرضه على حكومة النظام السوري، حوادث وفاة ناتجة عن الحصار والتجويع، من بينها وفاة 23 شخصاً في بلدة مضايا السورية قبل أن تصل إليها قافلة مساعدات دولية الشهر الحالي.
اقرأ أيضاً: الأمم المتحدة تناشد المجتمع الدولي تقديم المساعدات للسوريين
وكشف غوتمان أن الخطة الأصلية قبل تعديلها تضمّنت معلومات عن برامج دولية لإزالة الألغام الفردية والذخائر التي لم تنفجر من التجمّعات السكانية المدنية، وكذلك إزالة البراميل التي ألقاها النظام على السكان ولم ينفجر بعضها، لكنها لا تزال تشكّل خطراً عليهم. ومن المفارقات أن الجهود الدولية بدلاً من أن تباشر العمل على إزالة هذه القنابل القابلة للانفجار في أيّ لحظة، استعاضت عن ذلك بإزالتها من التقرير السنوي، حماية للنظام السوري على ما يبدو وليس لأنه قدّم أدلة تنفي ارتكابه تلك الجرائم، بحسب تقرير "فورين بوليسي"
وأقر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أنه جرى "التشاور" مع الحكومة السورية، رداً على سؤال عن حذف بعض العبارات حول "الحصار" من الخطة الدولية، زاعماً أن هذا الإجراء يتم اتخاذه في كل البلدان وليس في سورية وحدها حيث يتم التشاور مع حكومة البلد التي يرتكب مسؤولوها مثل تلك الجرائم. وجاء تعليق المكتب في رسالة إلكترونية صادرة عنه وجّهها لـ"فورين بوليسي"، مع رفض إتاحة الفرصة لأي مسؤول في مكتب الإغاثة للرد على التساؤلات والشكوك التي أوردتها المجلة الأميركية.
ولأن أزمة مضايا لم تنته بعد، فقد لجأ بعض المتحدثين الدوليين إلى التحجج بذلك لتبرير حذف أسماء بعض الأفراد والمنظمات السياسية التي شاركت مع النظام السوري في جرائم تجويع مواطنين سوريين فارين من منازلهم ومواطنين فلسطينيين فارين من مخيمات اللجوء إلى مخيمات اللجوء.
ويعتقد أن "حزب الله" اللبناني كان على رأس التنظيمات التي أزاحتها الأمم المتحدة من مواضع معينة في النسخة الثانية من خطتها الدولية للإغاثة، في حين أن المجتمع الدولي لم يتمكّن من إزاحة هذه المليشيات ولا غيرها من ساحات الصراع على الأرض السورية.
ويبرر بعض موظفي الإغاثة الدوليين في سورية انصياعهم لمطالب الحكومة السورية في إدخال تعديلات مخلّة على التقرير الخطة الدولية فيما يتعلق بالوقائع وفيما يتعلق بالمشاريع المقبلة كذلك، هو خوفهم من أن يتعرضوا للطرد من سورية أو أن يسلّط عليهم النظام مليشيات تتعرض لهم بالخطف أو القتل.
اقرأ أيضاً: سورية: 30 قتيلا بديرالزور وارتفاع ضحايا الجوع بمضايا