بينما يشنّ أحد المرشحين الجمهوريين لانتخابات الرئاسة الأميركية، دونالد ترامب، هجوما على قناة فوكس نيوز، لا يبدو أن التباين كبير بين الآراء التي يتبناها ترامب، وسياسات القناة، عندما نتحدث حول التفاصيل، خاصة في ما يتعلق بالموقف من المسلمين. فآراء ترامب، اليمينية بالنسبة إلى الجمهوريين أنفسهم، والتي دفعت زعيم كتلة الحزب الجمهوري في الكونغرس الأميركي إلى التبرؤ منها، هي ذاتها الآراء التي تدفع القناة التلفزيونية باتجاهها منذ سنوات، وخاصة بعد أحداث سبتمبر 11. مما يجعل اضطراب العلاقة بين ترامب، وفوكس نيوز، مثيراً.
حققت قناة فوكس نيوز تأثيراً سياسياً كبيراً، على عدد هائل من البشر في الولايات المتحدة، خلال فترة قصيرة نسبياً، وهذا أساس أهميتها وما يجعلها ظاهرة. جاء هذا الرواج من خلال خوض القناة في قضايا أميركية داخلية متباينة، ابتداءً من قوانين ضبط بيع وحمل السلاح، وحتى الانتخابات الرئاسية، مروراً بقضايا الاجهاض. وكانت تميل إلى يمين اليمين على طول الخط، فهي لا تمثل الجمهوريين، ولكن تمثل جناحاً داخل الحزب الجمهوري.
تفوقت "فوكس نيوز" على قناة "سي إن إن" من ناحية التأثير في الداخل الأميركي، رغم كون فوكس محطّةً محلية والثانية محطة إخبارية عالمية، بالإضافة إلى الستة عشر سنة الفاصلة بين بداية القناتين، حيث بدأت فوكس نيوز بالعمل منتصف التسعينيات، بينما بدأت سي إن إن في أول الثمانينيات. مما دفع الدارسين للإعلام في الولايات المتحدة، للحديث عما سموه "تأثير فوكس نيوز" كتعبير أكاديمي، أصبح رائجاً، بعد دراسة شهيرة نشرت في مطلع الألفية، أوضحت بأن القناة ساهمت في زيادة معدلات المشاركة في الانتخابات المحلية في بلدات الوسط الغربي الأميركي "ميدويست"، بشكل مباشر، بعمل مقارنة بين انتخابات 1996 و2000 الرئاسية، بالتوازي مع قياس مشاهدة القناة نفسها وانتشارها.
لكن، ورغم الشبه الكبير بين سياستي القناتين، إلا أنّ "فوكس نيوز" تبقى متفوّقةً في مجال العنصريّة والتحريض. وهُنا، يمكن تصنيف "فوكس نيوز" كقناة عام 2015 بامتياز. فمع انتقال الأحداث الإرهابيّة من منطقة الشرق الأوسط إلى الدول الأوروبية وأميركا، انتقلت القناة من كونها محطّة محليّة أميركيّة، إلى قناة يعرفها الجميع ويتابعها كثيرون حول العالم. ولم يكُن ذلك استناداً إلى تغطياتها الإعلاميّة أو تقاريرها الحصريّة، لا بل بسبب كمّ الحقد والتحريض الذي بثّته على الهواء مباشرةً.
وتكاد تكون سلسلة السقطات المهنيّة والأخلاقيّة على القناة أكبر ممّا يُمكن إحصاؤه، فالقناة لم تترك قضيّة إلا وعالجتها بطريقة سلبيّة، من الاعتداءات الإرهابيّة وصولاً إلى العلاقات الزوجية. لكنّ أبرز ما قدّمته القناة في مجال التحريض هذا العام، كان ما قالته القاضية جانين بيرو عن ضرورة "قتلهم جميعاً"، في معرض حديثها عن "الإرهاب الإسلامي" بعد اعتداءات "شارلي إيبدو" في فرنسا في يناير/كانون الثاني الماضي، بالإضافة إلى خطابها الداعي إلى اقتناء الأسلحة والتمرّن على استخدامها بعد اعتداء سان برناندينو في كاليفورنيا أول شهر ديسمبر/كانون الأول الجاري. ويُمكن لمشاهد هاتين الحلقتين اختصار كُل ما تبثّه القناة يومياً.
اقرأ أيضاً: دونالد ترامب... أبهى عصور الفاشيّة
تأثير فوكس نيوز، والتي يملكها إمبراطور الإعلام روبرت مردوخ، كبير من جهة، ومحدود من جهة أخرى. فالقناة مؤثرة جدا في أوساط المحافظين الأميركيين، بل يرى مراقبون بأنها تقوم بخلق انقسام داخل الحزب الجمهوري نفسه، من خلال الدفع بأجندة أكثر محافظة، تجعل "الجمهوري التقليدي" معتدلاً مقارنة بالسياسات والشخصيات التي تتبناها القناة، كما أنها تحبط أي إمكانية تحديث داخل أجندة الحزب.
هنا يظهر وكأن الخلاف بين فوكس نيوز، ودونالد ترامب، خلاف شخصي، أكثر من كونه تعارضا في الأجندة السياسية. فشعارات ترامب حول الإسلام، والتي توضع في إطار "الإسلاموفوبيا"، تمثل حرفياً أجندة القناة في هذا السياق منذ 2001، ورؤية مالك القناة مردوخ، بالإضافة إلى رئيس مجلس إدارتها، والرجل الذي يقف وراء سياساتها المباشرة، روجر إيلز. فكلا الشخصيتين (مردوخ وإيلز) عُرف بعنصريته وسطحيته في القضايا السياسية، على الرغم من امتلاك الأول إمبراطورية إعلامية هائلة، وتحقيق الثاني نجوميته إبان إدارته الحملة الانتخابية للرئيس الأميركي السابق، ريتشارد نيكسون.
فعلى سبيل المثال، كتب مردوخ، والذي دعم الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 واحتلال أميركا للعراق عام 2003، بعد اعتداءات "شارلي إيبدو" في باريس: "ربما كان المسلمون مسالمين، لكن حتى يقروا بالسرطان الجهادي بينهم، ويدمروه، يجب أن يعتبروا مسؤولين".
مردوخ برر أيضاً احتلال العراق بالحصول على النفط، وهو نفس التعبير الذي أثار جدلاً واسعاً قبل أشهر حول دونالد ترامب، عندما أكد أنه سيحارب "داعش"، ويسيطر على المنطقة، ويسترد تكاليف هذه الحروب من النفط الذي سيستولي عليه. وتجدر الإشارة هنا، إلى الطريقة التي تحدث فيها ترامب عن الموضوع، وهي هزليّة، إذ قال حرفياً: "علينا استعادة النفط من "داعش"، فعندها لن يبقى للتنظيم شيء، ونستطيع قصفهم والقضاء عليهم! ثم إرسال شركات النفط الغربيّة الكبرى لاستخراج النفط وبيعه، فيتم القضاء على "داعش"!
ولا يبدو بأن هذا المواقف بعيدة عن مواقف روجر إيلز، مدير القناة، والذي أسر لأصدقائه بأنه اشترى كل المنازل المحيطة بمنزله في نيويورك، لأنه يعتقد أن تنظيم "القاعدة" يريد استهدافه شخصياً.
اقرأ أيضاً: أسوأ 15 تصريحاً لدونالد ترامب
القناة أيضاً، وافقت ترامب على رأيه في قضايا كثيرة، كاعتبار إحدى مذيعاتها أنّ "المهاجرين المكسيكيين أخطر من داعش"، أو مهاجمتها الدول التي تحظر الأسلحة وخطاب الكراهية، وصولاً إلى استخدام أرقام وإحصاءات مزيّفة عن اللاجئين، استخدمها ترامب نفسه في إطلالات عدّة له.
ويرى مراقبون أنّ "فوكس نيوز" تمثل مشكلة للجمهوريين، أكثر من كونها خطراً على الديمقراطيين. فيقول رودني تايفون، أحد المتخصصين بالإعلام والسياسة: "بشكل ما، تعتبر قناة فوكس نيوز مشكلة للجمهوريين أكثر من الديمقراطيين، فأغلب مشاهدي القناة جمهوريون بالأصل، لذا فتأثير القناة الرئيسي داخل الحزب الجمهوري". تايفون يؤكد أن دعم القناة لـ "حزب الشاي" والتيار اليميني عموماً داخل الحزب الجمهوري، أثر بشكل كبير على الرؤية التحديثية لدى الجمهوريين.
واستطلاعات الرأي تدعم ما يذهب إليه تايفون، فبينما تحظى قناة "سي إن إن" بنسب مشاهدة عالية بين الديمقراطيين، تحصد "فوكس نيوز" أغلب مشاهديها من الجمهوريين، حتى إن تايفون يعلق عن هذه الإحصاءات بقوله: "الديمقراطيون يثقون في كل شيء، ما عدا فوكس نيوز، والجمهوريون لا يثقون بأي شيء إلا فوكس نيوز".
شن دونالد ترامب هجوماً على فوكس نيوز، واعتبرها منحازة ضده في تغطية أخبار حملات الجمهوريين الانتخابية، وأعلن مقاطعتها، بعد مناظرة قدّمتها الصحافية ميغين كيلي، وصف النساء بعدها بأنّهن "خنازير"، وعاد عن ذلك بعد حديثه مع إيلز. لكن جمهور القناة هم جمهوره، وأفكارهم هي الأفكار التي يمثلها ترامب.
اقرأ أيضاً: من الرعب إلى التحريض: الإعلام الغربي "جائع" للحرب
حققت قناة فوكس نيوز تأثيراً سياسياً كبيراً، على عدد هائل من البشر في الولايات المتحدة، خلال فترة قصيرة نسبياً، وهذا أساس أهميتها وما يجعلها ظاهرة. جاء هذا الرواج من خلال خوض القناة في قضايا أميركية داخلية متباينة، ابتداءً من قوانين ضبط بيع وحمل السلاح، وحتى الانتخابات الرئاسية، مروراً بقضايا الاجهاض. وكانت تميل إلى يمين اليمين على طول الخط، فهي لا تمثل الجمهوريين، ولكن تمثل جناحاً داخل الحزب الجمهوري.
تفوقت "فوكس نيوز" على قناة "سي إن إن" من ناحية التأثير في الداخل الأميركي، رغم كون فوكس محطّةً محلية والثانية محطة إخبارية عالمية، بالإضافة إلى الستة عشر سنة الفاصلة بين بداية القناتين، حيث بدأت فوكس نيوز بالعمل منتصف التسعينيات، بينما بدأت سي إن إن في أول الثمانينيات. مما دفع الدارسين للإعلام في الولايات المتحدة، للحديث عما سموه "تأثير فوكس نيوز" كتعبير أكاديمي، أصبح رائجاً، بعد دراسة شهيرة نشرت في مطلع الألفية، أوضحت بأن القناة ساهمت في زيادة معدلات المشاركة في الانتخابات المحلية في بلدات الوسط الغربي الأميركي "ميدويست"، بشكل مباشر، بعمل مقارنة بين انتخابات 1996 و2000 الرئاسية، بالتوازي مع قياس مشاهدة القناة نفسها وانتشارها.
لكن، ورغم الشبه الكبير بين سياستي القناتين، إلا أنّ "فوكس نيوز" تبقى متفوّقةً في مجال العنصريّة والتحريض. وهُنا، يمكن تصنيف "فوكس نيوز" كقناة عام 2015 بامتياز. فمع انتقال الأحداث الإرهابيّة من منطقة الشرق الأوسط إلى الدول الأوروبية وأميركا، انتقلت القناة من كونها محطّة محليّة أميركيّة، إلى قناة يعرفها الجميع ويتابعها كثيرون حول العالم. ولم يكُن ذلك استناداً إلى تغطياتها الإعلاميّة أو تقاريرها الحصريّة، لا بل بسبب كمّ الحقد والتحريض الذي بثّته على الهواء مباشرةً.
وتكاد تكون سلسلة السقطات المهنيّة والأخلاقيّة على القناة أكبر ممّا يُمكن إحصاؤه، فالقناة لم تترك قضيّة إلا وعالجتها بطريقة سلبيّة، من الاعتداءات الإرهابيّة وصولاً إلى العلاقات الزوجية. لكنّ أبرز ما قدّمته القناة في مجال التحريض هذا العام، كان ما قالته القاضية جانين بيرو عن ضرورة "قتلهم جميعاً"، في معرض حديثها عن "الإرهاب الإسلامي" بعد اعتداءات "شارلي إيبدو" في فرنسا في يناير/كانون الثاني الماضي، بالإضافة إلى خطابها الداعي إلى اقتناء الأسلحة والتمرّن على استخدامها بعد اعتداء سان برناندينو في كاليفورنيا أول شهر ديسمبر/كانون الأول الجاري. ويُمكن لمشاهد هاتين الحلقتين اختصار كُل ما تبثّه القناة يومياً.
اقرأ أيضاً: دونالد ترامب... أبهى عصور الفاشيّة
تأثير فوكس نيوز، والتي يملكها إمبراطور الإعلام روبرت مردوخ، كبير من جهة، ومحدود من جهة أخرى. فالقناة مؤثرة جدا في أوساط المحافظين الأميركيين، بل يرى مراقبون بأنها تقوم بخلق انقسام داخل الحزب الجمهوري نفسه، من خلال الدفع بأجندة أكثر محافظة، تجعل "الجمهوري التقليدي" معتدلاً مقارنة بالسياسات والشخصيات التي تتبناها القناة، كما أنها تحبط أي إمكانية تحديث داخل أجندة الحزب.
هنا يظهر وكأن الخلاف بين فوكس نيوز، ودونالد ترامب، خلاف شخصي، أكثر من كونه تعارضا في الأجندة السياسية. فشعارات ترامب حول الإسلام، والتي توضع في إطار "الإسلاموفوبيا"، تمثل حرفياً أجندة القناة في هذا السياق منذ 2001، ورؤية مالك القناة مردوخ، بالإضافة إلى رئيس مجلس إدارتها، والرجل الذي يقف وراء سياساتها المباشرة، روجر إيلز. فكلا الشخصيتين (مردوخ وإيلز) عُرف بعنصريته وسطحيته في القضايا السياسية، على الرغم من امتلاك الأول إمبراطورية إعلامية هائلة، وتحقيق الثاني نجوميته إبان إدارته الحملة الانتخابية للرئيس الأميركي السابق، ريتشارد نيكسون.
فعلى سبيل المثال، كتب مردوخ، والذي دعم الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 واحتلال أميركا للعراق عام 2003، بعد اعتداءات "شارلي إيبدو" في باريس: "ربما كان المسلمون مسالمين، لكن حتى يقروا بالسرطان الجهادي بينهم، ويدمروه، يجب أن يعتبروا مسؤولين".
مردوخ برر أيضاً احتلال العراق بالحصول على النفط، وهو نفس التعبير الذي أثار جدلاً واسعاً قبل أشهر حول دونالد ترامب، عندما أكد أنه سيحارب "داعش"، ويسيطر على المنطقة، ويسترد تكاليف هذه الحروب من النفط الذي سيستولي عليه. وتجدر الإشارة هنا، إلى الطريقة التي تحدث فيها ترامب عن الموضوع، وهي هزليّة، إذ قال حرفياً: "علينا استعادة النفط من "داعش"، فعندها لن يبقى للتنظيم شيء، ونستطيع قصفهم والقضاء عليهم! ثم إرسال شركات النفط الغربيّة الكبرى لاستخراج النفط وبيعه، فيتم القضاء على "داعش"!
ولا يبدو بأن هذا المواقف بعيدة عن مواقف روجر إيلز، مدير القناة، والذي أسر لأصدقائه بأنه اشترى كل المنازل المحيطة بمنزله في نيويورك، لأنه يعتقد أن تنظيم "القاعدة" يريد استهدافه شخصياً.
اقرأ أيضاً: أسوأ 15 تصريحاً لدونالد ترامب
القناة أيضاً، وافقت ترامب على رأيه في قضايا كثيرة، كاعتبار إحدى مذيعاتها أنّ "المهاجرين المكسيكيين أخطر من داعش"، أو مهاجمتها الدول التي تحظر الأسلحة وخطاب الكراهية، وصولاً إلى استخدام أرقام وإحصاءات مزيّفة عن اللاجئين، استخدمها ترامب نفسه في إطلالات عدّة له.
ويرى مراقبون أنّ "فوكس نيوز" تمثل مشكلة للجمهوريين، أكثر من كونها خطراً على الديمقراطيين. فيقول رودني تايفون، أحد المتخصصين بالإعلام والسياسة: "بشكل ما، تعتبر قناة فوكس نيوز مشكلة للجمهوريين أكثر من الديمقراطيين، فأغلب مشاهدي القناة جمهوريون بالأصل، لذا فتأثير القناة الرئيسي داخل الحزب الجمهوري". تايفون يؤكد أن دعم القناة لـ "حزب الشاي" والتيار اليميني عموماً داخل الحزب الجمهوري، أثر بشكل كبير على الرؤية التحديثية لدى الجمهوريين.
واستطلاعات الرأي تدعم ما يذهب إليه تايفون، فبينما تحظى قناة "سي إن إن" بنسب مشاهدة عالية بين الديمقراطيين، تحصد "فوكس نيوز" أغلب مشاهديها من الجمهوريين، حتى إن تايفون يعلق عن هذه الإحصاءات بقوله: "الديمقراطيون يثقون في كل شيء، ما عدا فوكس نيوز، والجمهوريون لا يثقون بأي شيء إلا فوكس نيوز".
شن دونالد ترامب هجوماً على فوكس نيوز، واعتبرها منحازة ضده في تغطية أخبار حملات الجمهوريين الانتخابية، وأعلن مقاطعتها، بعد مناظرة قدّمتها الصحافية ميغين كيلي، وصف النساء بعدها بأنّهن "خنازير"، وعاد عن ذلك بعد حديثه مع إيلز. لكن جمهور القناة هم جمهوره، وأفكارهم هي الأفكار التي يمثلها ترامب.
اقرأ أيضاً: من الرعب إلى التحريض: الإعلام الغربي "جائع" للحرب