"فيسبوك": رفيق الميدان... مطلوب للعدالة

25 يناير 2015
(Getty)
+ الخط -
عقب اندلاع الثورة التونسية، التي عرفت بـ"ثورة الياسمين"، رفع نظام الرئيس المصري، المخلوع حسني مبارك في مصر شعار "مصر مش تونس". وردًا على الدعوات التي انطلقت للتظاهر يوم عيد الشرطة، التي ضاق المصريون ذرعًا بممارساتها القمعية، ودعوة قادة المعارضة، لتشكيل برلمان موازٍ، قال مبارك كلمته الشهيرة "خليهم يتسلوا"، ونسب لوزير داخليته حبيب العادلي وصف بها التظاهرات بأنّها "شوية عيال وهنلمهم".
 
لكن "العيال" أبوا إلا أن يكون لهم رأي آخر. وعلى "فيسبوك"، أصبحت لهم منصات لبث كل الدعوات والصرخات التي أراد لها نظام المخلوع أن تدفن إلى الأبد، ولكن منذ فترة وقبل ثورة الياسمين بكثير. فبعد إضراب "6 أبريل" الشهير عام 2008، كانت قد انطلقت عدة حركات وتكتلات شبابية وثورية، عبرت عن نفسها على "فيسبوك" عبر حسابات خاصة بها، بثت من خلالها أفكارها، وكان أهمها "شباب 6 أبريل" و"كفاية".

وفي خط موازٍ، تفاعل العقيد المتقاعد عمر عفيفي، الذي كان يعمل في الشرطة المصرية، وعمل بالمحاماة لفترة، وكان بداية شهرته كتابه "عشان متضربش على قفاك"، الذي وضع فيه خلاصة خبرته كضابط شرطة، ليستفيد المصريون منه في تجنب بطش زملائه. وتمّت ملاحقته واستقر في الولايات المتحدة، وحوّل حسابه على "فيسبوك" إلى منصة لبثّ الدعوات للتظاهر، والنصائح للمتظاهرين بكيفية إدارة التظاهرات والمسيرات، وخداع الشرطة، وعدم التتبع، وكيفية شل مدرعات الأمن المركزي.

وما زاد من لهيب مواقع التواصل، هو مقتل الشاب خالد سعيد على أيدي رجال الداخلية المصرية أثناء القبض عليه، بدعوى تناوله مخدر البانجو، وهو نفسه الذي اتهم عقب ذلك بالتسبب في وفاته، بادعاء أفراد الشرطة والطب الشرعي بابتلاع لفافة منه. هذا الأمر زاد الاحتقان بشكل أكبر من ممارسات الشرطة، وتمّ إطلاق صفحة تحمل اسم "كلنا خالد سعيد"، أصبحت منصة لنشر الفعاليات المتعاطفة معه، وأصبحت منبرًا لنشر كل فعاليات التظاهرات التي انقلبت لثورة شعبية كبيرة، أعلن على إثرها الناشط وعضو فريق "غوغل" الشرق الأوسط وائل غنيم، أنه "أدمن" الصفحة، وتم القبض عليه بعدها والإفراج عنه لاحقًا.

إلى جانب المنصات السابقة، شارك العديد من الناشطين على مواقع التواصل، بحساباتهم الشخصية في تأجيج التظاهرات والثورة، وكان على رأسهم أسماء محفوظ، وإسراء عبد الفتاح، ونوارة نجم، وعلاء عبد الفتاح، وأحمد ماهر مؤسس حركة 6 أبريل، وغيرهم، إلى جانب مشاركتهم في قيادة بعض الفعاليات.

ومع كل هذا الزخم، تحول "فيسبوك" لمقر لإدارة الوقفات، والمسيرات، والتظاهرات في الشارع، ونشر صور ميدان التحرير والشهداء، والتعبير عن مطالبات الثوار في الميادين. ولعب دورًا كبيرًا في كسب تفاعل أكبر من باقي المصريين الذين لم ينزلوا للميادين من أول يوم، ما زاد من الضغط على النظام.

وعندما حاول نظام المخلوع قطع الطريق على تلك التحركات الشبابية، وحرمانهم من منبر التواصل والتعبير والوحيد أمامهم، بالمراقبة والاعتقال تارة، وقطع الإنترنت والاتصالات تارة أخرى، أدرك وقتها أنه أكبر خطأ وقع فيه... وساعد بذلك على نزول عدد أكبر من الشباب للشارع والمشاركة، لأنه كان متنفسًا للعديد منهم، وبعد تطور التظاهرات وتحولها لثورة شعبية، وسقوط نظام المخلوع، استمر "فيسبوك" في لعب دور بارز كمنصة للثوار، ولكن تحوّل إلى منصّة للتناطح، والمكايدات السياسية، وتقسيم الغنائم، وشرب الأنخاب قبل انتهاء المعركة في كثير من الأحيان.

تابعونا: #ثورات_تتجدد
المساهمون