تعزّز شركة "فيسبوك" جهودها لمكافحة التضليل والأخبار الكاذبة في الانتخابات الأميركية المرتقبة في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، لتفادي سيناريو عام 2016 الذي شهد تدخلاً أجنبياً لصالح فوز الجمهوري دونالد ترامب على منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون. لكن يبدو أن انشغالها بالانتخابات الأميركية أثر على أدائها في حماية العملية الديمقراطية حول العالم.
إذ يتعين على الشبكة الاجتماعية الرائدة عالمياً إثبات أنها استخلصت العبر من تجربة عام 2016، حين اتسم الاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) والانتخابات الرئاسية الأميركية بحملات مقنعة للتأثير على الناخبين تبيّنت مسؤولية جهات روسية عنها بدرجة كبيرة.
ولتحقيق أهدافها، كشفت الشبكة، أواسط الشهر الماضي، عن مركز للمعلومات بشأن الاستحقاق الرئاسي، لتزويد الأميركيين بما يحتاجون إليه من توصيات في هذا الشأن.
وتبرّع مؤسس "فيسبوك" مارك زوكربيرغ وزوجته بريسيلّا تشان بـ300 مليون دولار للمسؤولين الانتخابيين، لشراء معدات أو تجهيزات للوقاية من تفشي فيروس كورونا الجديد. وقال زوكربيرغ إنه "في ظل تأثير (كوفيد-19) على مجتمعاتنا هذه الانتخابات لن تشبه أي استحقاق آخر".
وأطلقت الشركة حملة لتختار من بين موظفيها متطوعين للمساعدة داخل مراكز التصويت الأميركية، خلال الانتخابات الرئاسية. وقال زوكربيرغ، في رسالة عبر صفحته على "فيسبوك" يوم الجمعة الماضي: "نلاحظ نقصاً هائلاً في طواقم العمل في مراكز الاقتراع"، ما قد "يؤدي إلى ساعات انتظار طويلة أمام المراكز، ويعقّد مشاركة المواطنين في المسار الديموقراطي".
وستنشر "فيسبوك" على أعلى شريط الأحداث الخاص بالمستخدمين رسالة تدعو الأميركيين في سن الاقتراع إلى تسجيل أسمائهم لدى المسؤولين الانتخابيين المحليين، للاهتمام بمكاتب التصويت في نوفمبر/ تشرين الثاني.
وخلال سبتمبر/ أيلول الحالي، أكدت الشركة أنها لن تقبل نشر إعلانات سياسية جديدة في الأسبوع السابق على انتخابات الرئاسة الأميركية، وسط قلق من حدوث تدخل في التصويت مرة أخرى. وذكرت أنها ستضع علامة أمام منشورات المرشحين أو الحملات الانتخابية التي تحاول إعلان الفوز قبل النتائج الرسمية، وستوسع معايير المحتوى الذي ستحذفه باعتباره مسعى لتكميم الناخبين.
وستستمر "فيسبوك" في السماح للحملات الانتخابية وغيرها بنشر الإعلانات السياسية الموجودة على نظام الشبكة بالفعل، وستسمح لها بتغيير مبالغ الإنفاق وقاعدة استهداف المستخدمين، لكنها ستمنع إدخال أي تعديل على محتوى الإعلانات أو تصميمها.
كما أعلنت "فيسبوك" أن المواقع الإخبارية التابعة لمنظمات سياسية لن تتمتع بالامتيازات عينها كالوسائل الإعلامية المستقلة، بعدما لاحظت عدداً "متزايداً" من المنشورات التي يروج أصحابها لها على أنها إخبارية، فيما هي مرتبطة مباشرة بأحزاب أو شخصيات سياسية وتهدف بشكل رئيسي إلى "التأثير في السياسات العامة أو الانتخابات"، وفق ما أوردت في بيان.
وأشارت إلى أن هذه "الوسائل الإعلامية" الأميركية يمكنها الاستمرار على الشبكة، لكن لن تُدرج منشوراتها ضمن فقرة "فيسبوك نيوز" الإخبارية التي تنشر مقالات من الصحف والمجلات والمواقع الشريكة لها. وعلى صعيد الإعلانات، ستتعامل "فيسبوك" مع هذه الصفحات على أنها كيانات سياسية لا كوسائل إعلامية. ولن تكون الصفحات مخولة بنشر معلومات عن طريق خدمتي المراسلة "ماسينجر" و"واتساب" التابعتين للشبكة.
لكن في الوقت الذي ركزت فيه "فيسبوك" حربها على الأخبار الكاذبة والمضللة في الولايات المتحدة، تباطأت في ملاحقة الحسابات الزائفة التي أثرت على الانتخابات في دول أخرى حول العالم، وفق ما بيّن منشور كتبته إحدى موظفاتها في يومها الأخير بالعمل.
إذ قالت الموظفة صوفي جانغ التي عملت في فريق "فيسبوك" المخصص لملاحقة النشاطات المشبوهة إن المديرين التنفيذيين في الشركة تجاهلوا أو تباطأوا في الرد على تحذيراتها المتكررة بشأن هذه المشكلة. وكتبت جانغ في منشور من 6600 كلمة أنها "خلال فترة عملها في (فيسبوك)، طوال 3 سنوات، شهدت محاولات عدة صارخة من حكومات دول أجنبية لإساءة استخدام منصتنا وتضليل المواطنين".
وبعيداً عن روسيا والصين وإيران التي شنت حملات تضليل رقمية واسعة النطاق، بينت جانغ أن دولاً أصغر تدير شبكة حسابات زائفة ورخيصة للتأثير على المواطنين، بينها حملة في هندوراس لدعم رئيس البلاد، وأخرى لمهاجمة المعارضة في أذربيجان.
وطُردت جانغ من وظيفتها في أغسطس/ آب الماضي، وتركت الشركة مطلع سبتمبر/ أيلول الحالي. ولمحت في منشورها إلى أن سبب طردها هو إهمالها واجباتها الوظيفية الروتينية للتركيز على النشاط السياسي للحسابات الزائفة. وردت الشركة على منشور جانغ، مؤكدة أنها تحذف بانتظام حملات منسقة للتأثير ولديها فريق كبير متخصص بالأمن، وفق ما نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" يوم الإثنين.