أوضح تحليل "بنك قطر الوطني" الأسبوعي، الصادر مساء اليوم السبت، أن مراجعة البنك الفدرالي الأميركي (البنك المركزي) للاقتصاد أظهرت تفاؤلاً بشكل عام، ولكن المستثمرين بدوا أقل تفاؤلاً بعض الشيء، بشأن نمو الاقتصاد الأميركي في المدى المتوسط إلى البعيد.
ولفت التقرير إلى أنه في خطوة كانت مرتقبة على نطاق واسع، قامت لجنة السوق المفتوحة التابعة لبنك الاحتياط الفيدرالي الأميركي في 21 مارس/ آذار الجاري برفع سعر الفائدة مرة أخرى بمقدار 0.25% إلى نطاق مستهدف يتراوح بين 1.5% و0.75%، مشيراً إلى أن هذا القرار يأتي عقب رفع نسبة الفائدة بمقدار 0.25% ثلاث مرات خلال عام 2017.
وأشار تحليل البنك إلى أن، وبعد قرار رفع سعر الفائدة أيضاً، بنك الاحتياطي الفيدرالي نشر أحدث تقرير لتوقعاته المستقبلية للاقتصاد الأميركي، وجاءت مراجعة البنك لتوقعاته منذ المنشور السابق في ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي متفائلة بشكل عام، إذ يرى الآن أن الاقتصاد سيتجاوز أرقام ونسب التضخم والبطالة وأسعار الفائدة التي ظلت سائدة لفترة طويلة.
وكان أحد الدوافع المهمة لهذه المراجعات التصاعدية موافقة الكونغرس الأميركي أخيراً على مشروعات قوانين الضرائب والإنفاق لإدارة الرئيس دونالد ترامب، التي يتوقع لها أن تعزّز النشاط الاقتصادي على المدى القصير.
ولفت التحليل إلى أن بنك الاحتياطي الفدرالي يتوقع أن يكون مستوى الناتج المحلي الإجمالي الأميركي أعلى بنسبة 0.5% خلال العام الجاري وحتى عام 2020 عما كان عليه في توقعات شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، على الرغم من أن معدل النمو المحتمل على المدى الطويل ظل من دون تغيير عند 1.8%.
وأضاف أنه يتوقّع أن ينخفض معدل البطالة إلى 3.6% في عامي 2019 و2020، أي أقل بكثير من مستوى التوظيف الكامل البالغ 4.5%، ما يشير إلى أنه من المتوقع أن يكون الاقتصاد "حامياً" خلال عامي 2019 و2020، ما يعني ضمناً الحاجة إلى سياسة نقدية أكثر تشدداً. ووفقاً لتقديرات نسبة البطالة، يتوقع أن يتجاوز التضخم نسبة 2% المستهدفة للمدى الطويل في عامي 2019 و2020.
وأشار التحليل إلى أنه بموازاة التعديل الإيجابي في آفاق الاقتصاد الكلّي الأميركي، يشير متوسط توقعات بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى إضافة جولتين من رفع أسعار الفائدة في عامي 2019 و2020، ما من شأنه أن يرفع متوسط سعر الفائدة إلى 3.4% بنهاية عام 2020.
ويدل ذلك على أن بنك الاحتياطي الفيدرالي يرى رفع أسعار الفائدة ثلاث مرات في العام الجاري وثلاث مرات في 2019 ومرتين في 2020.
وبشأن رد فعل السوق تجاه رفع الاحتياطي الفدرالي لتوقعاته الاقتصادية، أفاد تحليل "بنك قطر الوطني" بأن رد فعل السوق كان هادئاً بشكل عام. كذلك كان منحنى العقود الآجلة لبنك الاحتياطي الفيدرالي، الذي يتبع مسار أسعار الفائدة، قد ارتفع بشكل طفيف فقط بعد صدور التوقعات، لكنه يظل أقل بكثير من المسار الذي يتوقعه بنك الاحتياطي الفيدرالي في 2019 و2020.
وحسب تحليل البنك القطري فإنه في حين أن منحنى العقود الآجلة يتبع على نحو وثيق توقعات بنك الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة في العام الجاري، إلا أن السوق تتوقع ارتفاع أسعار الفائدة بواقع 0.42% فقط في 2019، مقارنةً مع توقعات بنك الاحتياطي الفيدرالي التي تشير إلى ارتفاع أسعار الفائدة بواقع 0.75% في عام 2020.
وتتوقع السوق أيضاً تشديد السياسة النقدية بأقل من 0.1%، مقابل متوسط توقعات بنك الاحتياطي الفيدرالي الذي يشير إلى جولتين من رفع أسعار الفائدة بواقع 0.25%.
ووفقاً لتحليل "بنك قطر الوطني" فمن الواضح أن هناك فارقاً كبيراً بين توقعات السوق وتوقعات بنك الاحتياطي الفيدرالي، وأن حقيقة توقع الأسواق لارتفاع سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بوتيرة أقل في السنوات القليلة المقبلة، تشير إلى أن المستثمرين أقل تفاؤلاً بعض الشيء من بنك الاحتياطي الفيدرالي بشأن نمو الاقتصاد الأميركي في المدى المتوسط إلى البعيد.
وأشار إلى أن الارتفاع المستقبلي لأسعار الفائدة سيعتمد في نهاية المطاف على المسار الذي سيسلكه الاقتصاد بالمقارنة مع التوقعات الحالية لبنك الاحتياطي الفيدرالي، مشيراً إلى أنه تم تأكيد وجهة النظر هذه بالفعل من قبل رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، في تصريحات أدلى بها بمؤتمر صحافي عقب صدور القرار المتعلق بأسعار الفائدة.
وفي حال ثبت أن النمو الاقتصادي أضعف مما كان متوقعاً، فمن المحتمل أن ترتفع أسعار الفائدة بأقل من التوقعات الحالية لبنك الاحتياطي الفيدرالي وعلى نحو أقرب إلى توقعات السوق.
(قنا)