في هذا السياق، تؤكد مصادر مقربة من "سورية الديمقراطية" لـ"العربي الجديد"، أنّ الأنظار تتجه، أخيراً، نحو مدينة منبج كبرى مدن ريف حلب، التي يسيطر عليها التنظيم منذ يناير/كانون الثاني 2014، والتي تحوّلت إلى "ولاية" تابعة له، على حدّ تعبير المصادر.
بدوره، يقول الممثل السابق للإدارة الذاتية الكردية للشؤون الإنسانية في تركيا، إبراهيم مسلم، أنّ منبج هي الهدف المقبل لقوات سورية الديمقراطية". ويعزو في حديثه لـ"العربي الجديد"، ذلك، باعتبارها (منبج) "الأقرب من تمركز هذه القوات، مشيراً إلى أنّ "القرار يعود إلى غرفة العمليات المشتركة بين قوات سورية الديمقراطية وقيادة التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب".
وتقع مدينة منبج إلى الشرق من مدينة حلب بنحو 80 كيلومتراً. تتميّز بموقع استراتيجي لأنّها وسط مدن سورية هامة، لتشكل بذلك عقدة ربط في ما بينها، خصوصاً حلب، والرقة، والباب، وعين العرب، وجرابلس. ويوضح الناشط الإعلامي، أبو محمد المنبجي أنّ عدد سكان منبج وعشرات القرى المحيطة بها يبلغ نحو 450 ألف نسمة، مشيراً إلى احتضان المدينة لآلاف النازحين من بلدات وقرى ريف حلب، خصوصاً من مدينة السفيرة التي دمّرتها قوات النظام. ويقدّر عدد النازحين في منبج وحدها بأكثر من خمسين ألف نازح، وفقاً للناشط.
ويصف المنبجي في حديث لـ"العربي الجديد" الحالة الاقتصادية داخل المدينة بـ"الصعبة"، لافتاً إلى "ارتفاع هائل غير مسبوق في الأسعار، أخيراً، فضلاً عن البطالة المتفشية بين السكان". ويؤكد المنبجي أنّ لدى أهالي منبج توجساً من محاولات الأكراد الاقتراب من مدينتهم تحت دعاوى "محاربة الإرهاب"، قائلاً: "هناك تخوف كبير من اقتراب الأكراد، ويُجمع أهالي المدينة على رفض أي وجود لوحدات حماية الشعب الكردية في مدينة عربية على الرغم من التضييق الكبير الذي يمارسه داعش على الأهالي". ويشير المنجبي إلى أن التوجس نابع من ممارسات القوات الكردية في المناطق التي سيطروا عليها، وقيامهم بعمليات تهجير عرقية في مناطق قريبة من منبج، خصوصاً في قرى سد تشرين، ومنطقة صرين، وضفاف الفرات من الناحية الشرقية، والتي سيطروا عليها، أخيراً، بمساعدة طيران التحالف الدولي، على حدّ تعبيره.
من جهته، يرى رئيس المكتب السياسي السابق في مجلس حلب الحرة، حسن النيفي أنّ "ما تسمى قوات سورية الديمقراطية لا تستطيع التقدم باتجاه مدينة منبج من دون تغطية نارية مباشرة من طيران التحالف"، مشيراً إلى أنّ "واشنطن لم تعطِ الضوء الأخضر بعد لهذه القوات للتحرك بسبب التحفظ التركي على هذا الأمر". ويضيف النيفي، وهو من أبناء منبج، أنّ "هناك قراراً من أنقرة بمنع الأكراد من التقدم غرب نهر الفرات، حيث توجد منبج التي تبعد 35 كيلومتراً عن النهر غرباً. وتبقى المعلومات التي تؤكد استعداد الأكراد للتوغل غرباً باتجاه منبج في إطار التكهنات حتى نرى شيئاً على الأرض"، على حدّ تعبيره.
ويوضح النيفي لـ"العربي الجديد" أنّ "المنطقة خاضعة للتفاهمات بين القوى الكبرى. لو كان هناك اتفاق دولي على تطهير المنطقة من داعش، فإن الأمر يتحقق، خلال أسبوع. لكن أعتقد أن مصير منبج وبقية مدن وبلدات ريف حلب الشرقي، لن يتقرر إلّا ضمن اتفاق دولي كبير يتعلق بمستقبل سورية برمته". ويرجّح الأخير "عدم تسليم التنظيم مدينة منبج بسهولة، إلّا إذا كان هناك سيناريو شبيه بتسليم تدمر لقوات النظام"، مضيفاً: "أعتقد أنّ التنظيم سيدافع عن منبج بشراسة، لأن فقدانها يعني هزيمته وتراجعه في مناطق أخرى شرق سورية". ولا ينكر النيفي توجس أهالي مدينة منبج تجاه ما يطرح حيال احتمال تحرك الأكراد نحو مدينتهم ضمن تفاهم دولي، لكنّه يرى أنّ "الأهالي يعانون الويلات من داعش، إذ لا تعليم في المدينة التي خلت من كوادرها وكفاءاتها. كما أن التنظيم يعامل المدنيين بطريقة مذلّة"، وفقاً له.
من جانبه، يكتفي عضو المكتب السياسي في مجلس سورية الديمقراطية، بسام إسحاق بالقول لـ"العربي الجديد"، إنّ "قوات سورية الديمقراطية كانت من أوائل من رحّب بقرار وقف إطلاق النار، لكن داعش استثناء بالنسبة لها، كونه مصنّفاً كتنظيم إرهابي من قبل المجتمع الدولي".
ويعتقد مراقبون أنّ الروس يحاولون "تعويم" حزب "الاتحاد الديمقراطي" الذي تنضوي تحته "قوات سورية الديمقراطية"، وإظهاره أمام الرأي العام على أنه فصيل يقف في مواجهة الإرهاب في سورية إلى جانب النظام السوري، لذا يحاولون استنساخ سيناريو تدمر في غير مكان، وتبدو مدينة منبج هي الأقرب لـ"عرض جديد"، إلّا إذا كان للموقف التركي، رأي آخر، وفقاً لهؤلاء المراقبين.