منذ 20 سنة، وبعد تعديل دستور سورية ليناسب الوريث ابن الـ34 سنة، حلم البعض بتغيير نحو كرامة وحرية، فاكتشفوا في 2001، بذبول أزهار "ربيع دمشق"، أن كوابيس 30 سنة ستمتد لـ20 أخرى.
في ثمانينيات الأسد الأب، حيث قصص الرعب والفظائع والصدمات النفسية عالقة في الأذهان، عُلقت "علبة سمنة" بذراع تمثاله بدمشق، كرمزية عن حالة مزرية. فحتى الموز والخبز كانا يُهربان من لبنان، عبر معابر شبيحة تحالفات المافيا والطبقة الطفيلية. كان وجه دمشق كئيباً ورمادياً باسم "الصمود والتصدي"، حيث تطلب "الصمود" أيضاً جلب لبنانيين وفلسطينيين، يساراً ويميناً، إلى سجون الممانعة في المزة وتدمر. في تلك الأيام انهمرت الكثير من دموع التماسيح، مثلما تنهمر في وقتنا الراهن، عن "الحصار والمؤامرة على النظام الممانع". ومن سأل عن حقيقة تآخي الممانعة مع الفساد والاستبداد، كان مصيره كمصير صاحب رواية "القوقعة"، أو المعارضين رياض الترك وعبد العزيز الخير، وتخوين أبرز مثقفي البلد.
هل كان ثمة حاجة لـ"قانون قيصر" الأميركي؟ ثمة من يؤمن بنظرية أن الاستبداد في الشام لا يعيش من دون اختراع عدو خارجي، وعليه تُستحضر اليوم بكائية "الحصار والصمود". وكان واضحاً أن سورية ستصل إلى ما هي عليه اليوم، منذ قهقهة وسخرية الدكتاتور من دماء سوريي حوران، والإغراق حد الهوس بنظرية المؤامرة، في "مجلس الشعب"، أواخر مارس/آذار 2011، وسط كوميديا تراجيدية: "أنت يجب أن تحكم العالم يا سيادة الرئيس".
لا أحد يستطيع إنكار دور ومفعول تصريح ابن خال بشار، رامي مخلوف، في العام ذاته، عن ارتباط أمن إسرائيل ببقاء نظام الأسد. بل إن معسكر الممانعة يعجز عن شرح ترابط المؤامرة مع مباركة مادلين أولبرايت للحكم الوراثي، وخروج هيلاري كلينتون، في عز الثورة السورية، بتصريح عن "بشار الإصلاحي". ببساطة، ورث بشار عن تركيبة والده الأمنية، التنسيق مع أجهزة استخبارات "الإمبريالية"، قبل وبعد مشاركة "الجيش العقائدي" تحت إمرة الجنرال الأميركي نورمان تشوارسكوف في عاصفة الصحراء العام 1991، بصناعة بعبع الإرهاب ومكافحته في الوقت نفسه.
اليوم يتوهم البعض، وبينهم للأسف عرب من "مثقفي الثورة والحرية"، أن "قيصر" مجرد "مؤامرة لإسقاط نظام الممانعة". وفي الواقع لا أحد يشرح الجامع بين هذه "الممانعة" والمرتزقة متعددي الجنسيات لقتل وتهجير ملايين الناس منذ 2011. وما كانت سورية لتصل إلى حيث هي اليوم، لو أن أصحاب شعارات "المظلومية" قالوا للأسد: "أنت قيصر عارٍ يا سيادة الرئيس، وحان وقت رحيلك".