ثلاث حوادث وقعت في الآونة الأخيرة أثارت الشكوك حول وجود محاولات ممنهجة لتغيير هذه المعادلة؛ تصريحات الروائي يوسف زيدان التي كرّرها منذ شهرين حول نفي وجود أماكن دينية مقدّسة للمسلمين في القدس، ثم زيارة الكاتب سعد الدين إبراهيم إلى "جامعة تل أبيب" وإلقائه محاضرة فيها (كلا الكاتبين مقرّب من النظام)، والتي تبعها عرض فيلم "القضية 23" لمخرجه اللبناني زياد دويري الذي زار "إسرائيل"، في "ٍسينما زاوية" في القاهرة.
الصوت الأبرز كان حركة "المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل" (BDS)، التي دشنّت حملة واسعة ضد مشاركة فيلم دويري ودعت إلى مقاطعته، وكذلك فعلت تجاه زيارة إبراهيم، إلى جانب موجة استنكارات من كتّاب وناشطين مصريين ضدّ الحوداث الثلاث وفي مواجهة بعض وسائل الإعلام برّرت لها.
ربما تبدو ردة فعل "اتحاد كتّاب مصر" متأخرة نسبياً لأسباب تغلب عليها بيروقراطية اتخاذ القرار وانشغاله بخلافاته الداخلية، حتى عقد مؤتمره الصحافي أمس الثلاثاء (بعد حوالي أسبوعين من عرض فيلم دويري) تحت عنوان "المقاطعة ومواجهة التطبيع الفني والثقافي".
الاتحاد أصدر سبع توصيات؛ بتأكيده على دور كتّاب وفناني مصر في مناهضة التطبيع باعتباره "سلاحاً لمقاومة العدو وحماية للوطن ودعماً لفلسطين"، وضرورة التفريق بين "حرية التعبير" و"حرية" التطبيع ، حيث صنّف الأعمال المطبّعة بوصفها تدعم العنصرية والعدوان وتروّج للظلم والاحتلال، وإدانة عرض فيلم زياد دويري على أرض مصر، والدعوة إلى مقاطعة أفلامه وأن تتوخى دور العرض والمسارح والمعارض الفنية والثقافية منع عرض أفلام مطبّعة أو أفلام لمخرجين ومنتجين معروف عنهم ارتباطهم وتعاونهم مع العدو الصهيوني.
كما اقترح الاتحاد عقد حوار مجتمعي للتنسيق وتوحيد الجهود في هذا الإطار والاتفاق على معايير واضحة للمقاطعة الثقافية والفنية ووسائل عمل لتنفيذ ذلك، كما وجهوا التحية إلى "حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات" واعتبر مؤتمره الصحافي بمثابة دعوة مفتوحة لكافة المثقفين والفنانيين والأدباء للتوقيع على توصياته، والمشاركة الفاعلة في الحلقات النقاشية التي سيتم ترتيبها فى هذا الخصوص.
ظلّ "اتحاد كتّاب مصر" ملتزماً بمقاطعته التاريخية لـ"إسرائيل" كما تؤكّدها توصياته الأخيرة، لكن تراجع دوره كمؤّسسة تمثّل المبدعين والمثقفين المصريين بالنظر إلى عدم انخراط معظمهم في نشاطاته، وبطء حراكه وضعف قدرته على التنسيق مع مؤسسات المجتمع، وتدجينه كأحد أذرع النظام وأبواقه، تجعل بيانه هذا أقرب إلى "رفع العتب".