"لوفيغارو": فرنسا تمنح العراق تجهيزات عسكرية مقابل عدم ترحيل "جهادييها"

02 مايو 2019
عبد المهدي قضى سنوات طويلة بفرنسا (توبياس شوارتز/فرانس برس)
+ الخط -

بمناسبة الجولة التي يقوم بها رئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي، بأوروبا وتشمل فرنسا، كشفت صحيفة "لوفيغارو" عن "صفقة" تقوم بموجبها باريس بمنح تجهيزات عسكرية لبلاده وتسهيلات أخرى، مقابل التزام بغداد بعدم ترحيل الفرنسيين المنتمين لتنظيم "داعش" الإرهابي، ومحاكمتهم داخل أراضيها.


وقالت الصحيفة اليمينية الفرنسية إن زيارة عبد المهدي إلى فرنسا، "شبه عائلية"، فهذا السياسي قضى في فرنسا ما يقرب من أربعين سنة، ولا تزال زوجته تقيم بالقرب من مدينة سانت إيتيان، وهو ما يسهل تعزيز العلاقات بين البلدين، اللذين يحتاجان، كما تقول الصحيفة، إلى بعضهما البعض، أكثر من أي وقت مضى، وإن كانت العقبات كثيرة، كما تستدرك.
ولكن للأمر ثمن، وهو ما تعترف به فرنسا، التي لن تنسى قبول رئيس الوزراء العراقي باستقبال عناصر "داعش" الفرنسيين في سجون العراق، كانوا من قبل في سجون الأكراد السوريين.
ونقلت الصحيفة الفرنسية أنه وفق إحصاءات رسمية، تمّ نقل 14 "جهاديا" فرنسيا إلى بغداد، ولكن آخَرين ستتم إضافتهم إلى القائمة. وتطلب السلطات العراقية من الدول الغربية مبلغ 1 مليار و800 مليون يورو مقابل إدارة ملف مئات من السجناء الذين لا ترغب دُوَلُهم الأصلية في استقبالهم.
وتنقل الصحيفة عن خبير في العلاقات الفرنسية العراقية، لم تكشف هويته، تأكيده أن "العراقيين يقدمون خدمة كبيرة لفرنسا"، ويضيف هذا الخبير أنه "يُجْهَل، حقيقة، إن كان الفرنسيون الذين تم نقلهم لديهم دماء عراقية على أياديهم، وإذن فبغداد تُخفي بعض الأشياء. ثم إن العراقيين سيحتفظون بهؤلاء السجناء، بل ربما سيقومون بتصفيتهم. كما أن بغداد نسيت، عمدا، أن هؤلاء الناس غادروا فرنسا في سنتي 2013-2014 بسهولة. ويستطيع العراق أن يطلب حساباً من فرنسا، ولكن عادل عبد المهدي لا يريد مشاكل مع باريس".
ولكن الصحيفة تتساءل عمّا حصل عليه العراق في المقابل. وتجيب بأن بغداد انتزعت إعادة توازن في الموقف الفرنسي لصالح السلطة المركزية على حساب الأكراد العراقيين. وفي المقابل تريد فرنسا تسهيلات من الأراضي العراقية بحيث تستطيع قواتها الخاصة المنتشرة في سورية التراجع إليها، بمجرد رحيل القوات الأميركية من شمال شرقي سورية.
كما أن العراق، تؤكد الصحيفة الفرنسية، يتفاوض حول الحفاظ على وجود عسكري فرنسي في العراق، حيث لا يزال يوجد فيه 1200 جندي فرنسي. كما يتفاوض حول الحصول على مدافع "سيزار"، التي انتهت مهمتها في المعارك التي دارت بالقرب من الحدود السورية.
كما أن التعاون الاستخباراتي بين البلدين في جدول العلاقات، خاصة مع زيارة وفد استخباراتي عراقي إلى باريس، أخيرا. وتكشف الصحيفة أنه إضافة إلى المعلومات الاستخباراتية التي قدمتها فرنسا للعراق، فقد حصل العراق على معدات تنصّت ومسبارات للتجسس على شبكات الهاتف.
وفي هذا الصدد، تكشف الصحيفة دخول أميركا على الخط، واعتراضها على منح قاعة تنصّت فرنسية لوحدة مكافحة الإرهاب التي شكلتها واشنطن وباريس معاً.
وأخيرا، تعول فرنسا، عبر قربها من عادل عبد المهدي، على زيادة التجارة مع العراق، وهو ما تؤكده الشراكة الاستراتيجية التي توجد في وضعية متقدمة.
في المقابل، ترى الصحيفة أن من عوامل ضعف عبد الهادي أن لا حزب سياسيا من ورائه، وهو ما يجعله في حاجة إلى قوة أجنبية تقف إلى جانبه، خاصة أن الجار الإيراني لا يسهل مهمته، من خلال استعانته بالكثير من القوى الموالية له في العراق. وأما العلاقات مع الولايات المتحدة فليست على ما يرام بسبب ضغوطها على الفصائل الموالية لإيران، التي تطالب برحيل القوات الأميركية الموجودة في البلد، وهو ما دفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى تأجيل زيارة عبد المهدي إلى واشنطن، الغاضبة من مواقفه التي يُنظر إليها باعتبارها مواليةً لإيران.
وترى الصحيفة أن فرنسا تدعم إرادة عبد المهدي في التخلص من الوصاية المزدوجة الأميركية الإيرانية، موضحة أن تلك الإرادة تتجلى في انفتاح العراق على دول عربية كالسعودية ومصر والأردن.


واستعرضت الصحيفة العروض الفرنسية، التي بدأت تتضح معالمها مع زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للعراق، نهاية السنة، حيث تتسابق شركات فرنسية لعقد صفقات، ومنها "مطارات باريس" مع الموصل، و"ألستوم" في تحالف مع "هيونداي" لتنفيذ ميترو بغداد، على الرغم من أن المشروع الأخير، وكلفته 2 مليار ونصف مليار دولار، تحوم حوله شبهات فساد.


وختمت "لوفيغارو" بالإشارة إلى أنه توجد فرصة من أجل بث الدفء في العلاقات الفرنسية العراقية على أنقاض "داعش"، ولكن إعادة البناء، التي تريد باريس المشاركة فيها، في بلد لا يزال متشظيا سياسيا، تبقى مسألة افتراضية في مناخ إقليمي متقلّب.