"حوار تلفزيوني غريب"، هذا التعليق يلخص الطابع غير المسبوق للأزمة التي يعرفها لبنان، والمشهد، كما تقول مراسلة صحيفة "لوفيغارو"، يمكن أن يكون حلقة من تلفزيون الواقع أو فيلم جاسوسية، تضيف.
ورأت الصحيفة أن الأمر يتعلق بـ"سبر السيناريو غير القابل للتصديق عن استقالة مفروضة، بالقوة، على سعد الحريري من قبل رجل الرياض القوي محمد بن سلمان".
وحسب شهادات مختلفة تم تجميعها في لبنان ومصادر متنوعة تحدثت عنها وسائل إعلام لبنانية وأجنبية، فقد ترسّخ أن رئيس الحكومة قطع، بعنف، كل اتصالٍ مع مستشاريه الأكثر قرباً ولم يخبر أحداً بنيته في الاستقالة حين تم استدعاؤه إلى الرياض، يوم 2 نوفمبر/تشرين الثاني. وفور وصوله للعاصمة السعودية سُحب منه هاتفه الخاص وساعته الذكية وتمت معاملته دون احترام للمقام الذي يمثله، بحسب ما تنقل الصحيفة.
وتتابع "حين ظهر في التلفزيون السعودي، في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني، لم يكن يحمل ساعته، اتضح بالنسبة لمن يعرفونه أنه ليس من كتب إعلان الاستقالة". وتنقل الصحيفة أن بعض المصادر تقول إن الحريري قضى ليلة أو ليلتين في فندق ريتز كارلتون حيث يحتجز الأمراء السعوديون المتهمون بالفساد من قبل محمد بن سلمان، قبل أن يعود إلى مقر إقامته تحت مراقبة مشددة، وقبل أن يبعث إشارات تثبت أنه لا يزال حيّاً.
وتتحدث الصحيفة الفرنسية عن غضب يسود عائلة الحريري وحزبه من سعي السعودية لاستبداله بأخيه الأكبر بهاء الحريري.
كما تتحدث الصحيفة الفرنسية عن إصرار الصحافية اللبنانية، بولا يعقوبيان، التي أجرت الحوار على طرح أسئلة تثبت للمشاهد أن اللقاء أصيل ومباشر. وكانت الأسئلة صريحة ومباشرة، عن كتابته لرسالة الاستقالة وعن دخوله لفندق ريتز كارلتون، وعن سبب قطع الاتصال مع مقربيه.
وتعلق "لوفيغارو" بأن أجوبة الحريري كانت تتقصد تكذيب رواية الإكراه الذي يكون قد مُورِس عليه. ولكن، وبعيداً عن كلماته، كان كل شيء في تصرفاته يبدو مناقضاً لكلامه. وتشير الصحيفة الفرنسية إلى اللقطة التي يظهر فيها الحريري منهاراً وغير قادر على الابتسام، وهو على وشك البكاء والصحافية تنصحه بشرب الماء من كأسها، لأنها لم تلمسه.
تصف الصحيفة هذه اللقطات، وتقول إنها تلخص، لوحدها، لحظة تلفزيونية غريبة، اعتبرها كثيرٌ من اللبنانيين، سواء اتفقوا مع الشخصية السياسية أو اختلفوا معها، قاسيةً، من الناحية الإنسانية، خصوصاً حين التقطت الكاميرا غفلةً صورة رجلٍ واقف خلف الصحافية اللبنانية، وورقة بيضاء بين يديه، ثم نظرة الحريري السوداء، وعيناه متجهتان صوبه.
وتتحدث "لوفيغارو" عن صُوَر بُثّت مباشرة على "تويتر" يمكن أن يُقرَأ فيها الرعب على وجهه وترسم كل نوع من السيناريوهات حول الضغوط السياسية الممارسة مباشرة على المسؤول اللبناني.
وفي نهاية المطاف، فإن الأداء التلفزيوني لرئيس الحكومة اللبناني المستقيل لم يكذّب مَحكيَّ الأحداث التي تطورت مع مرور الوقت، كما أن تدخله لم يوضح، هو الآخر، الوضعية على المستوى السياسي.
ورغم حديث الحريري في لقائه مع قناة المستقبل عن إمكانية العدول عن استقالته، وهو ما حظي بتعليقات وتأويلات متعددة، إلاّ أنه، كما تقول الصحيفة الفرنسية "يجب انتظار خطابات جديدة قادمة من المملكة العربية السعودية التي سافر إليها، أمس الإثنين، البطريرك الماروني، بشارة بطرس الراعي".