انتهى "مؤتمر الناتو وأمن الخليج"، الذي عقد في الدوحة، الخميس الماضي، كما بدأ خلف الغرف المغلقة. لم يرشح عنه سوى القليل على الرغم من مشاركة مسؤولين رفيعي المستوى من دول مجلس التعاون الخليجي، بما في ذلك من السعودية وسلطنة عمان، للمرة الأولى، فضلاً عن مسؤولين من حلف شمال الأطلسي.
ورد المسؤولون المشاركون بالاعتذار بعد إلحاح الصحافيين الذين واكبوا جلسات المؤتمر للحديث عمّا يجري في الغرف المغلقة. لكن الكلمات التي واكبت المؤتمر، في جلستي الافتتاح والختام، توضح وجهة النقاشات التي جرت، والغاية من هذا المؤتمر، الذي رتبت له الدوحة، كي يعقد بعد ساعات قليلة من ختام القمة الخليجية الخامسة والثلاثين، التي استضافتها وتحدثت في بيانها الختامي عن خطر التهديدات المحدقة بالمنطقة، وتحديداً تهديد الارهاب الذي يمثله تنظيم "الدولة الإسلامية"، والتدخلات التي تقوم بها بعض الدول في الشؤون الداخلية لمجلس التعاون الخليجي، في إشارة إلى إيران.
وتشكل تصريحات مساعد وزير الخارجية القطري، محمد عبد الله الرميحي، عقب انتهاء المؤتمر، والتي تحدث فيها عن اقتراح خليجي لتوسيع مبادرة الشراكة الاستراتيجية بين دول مجلس التعاون وحلف شمال الأطلسي المعروفة بـ"مبادرة إسطنبول"، والتي تضم قطر، البحرين، الامارات، والكويت فقط، من دون السعودية وسلطنة عمان، وتسمية المبادرة بـ"مبادرة التعاون بين حلف الناتو ودول الخليج"، تأكيداً على رغبة خليجية في توطيد الشراكة بين دول مجلس التعاون وحلف شمال الأطلسي والعمل على تطويرها. وهي الرغبة نفسها التي عبّر عنها الأمين العام للحلف، ينس ستولتنبيرغ، الذي قال في كلمته إن "هذه المبادرة أرسلت إشارات قوية بأن أمن واستقرار منطقة الخليج مهم بالنسبة للحلف، وأن هناك اهتماماً وتشديداً على أهمية استقرار وأمن أوروبا بالنسبة للخليج". وأضاف: "لذلك هناك علاقة قوية مع الحلف تركز على الجوانب العملية، ولا سيما في ما يتعلق منها بالتدريب وإدارة الأزمات إلى جانب الحوار السياسي". وأشار إلى أن دولة الكويت وقّعت هذا العام برنامج التعاون مع الحلف في إطار الشراكة، وتمنى أن تفعل دول الخليج الأمر ذاته. ولفت إلى أنه "بالنسبة للسعودية وسلطنة عمان، لم ينضمّا حتى الآن للمبادرة، لكن هناك أواصر وعلاقات قوية بيننا"، معتبراً أن التهديد الأبرز الذي يواجه أمن الخليج يتمثّل في خطر الإرهاب.
ولفت ستولتنبيرغ إلى "أن تنامي تنظيم داعش، وما يتعرّض له المدنيون من انتهاكات في العراق وسورية، يتطلّب جهوداً دولية كبيرة تتكامل فيها الإجراءات والجهود السياسية والاقتصادية إلى جانب العمل العسكري"، مشيراً إلى أن "هناك تحالفاً واسعاً لمواجهة هذه المشكلة".
وفي السياق، كشف الأمين العالم لحلف شمال الأطلسي "أن العراق طلب من الحلف الدعم لبناء قدراته الدفاعية"، فضلاً عن بدء الحلف بتعزيز وتطوير القدرات الدفاعية للأردن الأسبوع الماضي.
والملفت أن وزير الخارجية القطري، خالد العطية، قدم رؤية في الجلسة الختامية للمؤتمر قد لا تتفق بالضرورة مع توجهات الحلف وسياسته الخارجية. فقد دعا إلى مقاربة مختلفة لمواجهة خطر الإرهاب الذي يحدق بالمنطقة تتمثّل في "إصلاح النظام الدولي، وخصوصاً مجلس الأمن، والابتعاد عن ازدواجية المعايير في تنفيذ الشرعية الدولية، وإقامة علاقات متكافئة بين الدول، حتى لا يظل الأمن العالمي مهدداً".
كما اعتبر العطية أن "الأخطار والمهددات للأمن والاستقرار العالمي باتت مشتركة، لذا يتعيّن أن تكون المواجهة لها شاملة ومشتركة عبر تكريس التعاون والتنسيق وتبادل الخبرات والمعلومات على المستوى الثنائي للدول وعلى المستوى الإقليمي والدولي".
وشدد على أن "الأمن السياسي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بتوافر الأمن الاقتصادي والاجتماعي القائم على خطط التنمية الشاملة والمستدامة ونبذ السياسات القائمة على منطق القوة والأحادية، بدلاً من العمل الإقليمي أو الدولي الجماعي المشترك التي تعتمد على التراضي والمصالح المشتركة".
من جهته، كان وزير الخارجية البحريني، خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة، أكثر تحديداً عندما تحدث عن ضرورة تعزيز التعاون الخليجي مع الحلف في ظل المتغيّرات الإقليمية والدولية وبروز تحديات جديدة كظاهرة الإرهاب ونزاعات التطرف والعنف وسيطرة جماعات "داعش" وحزب الله وغيرها من التنظيمات التي باتت تهدد الأمن والاستقرار في منطقة الخليج، بالإضافة إلى التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة من قبل إيران.