لا تزال فئة واسعة من الشباب التونسي، خارج الأطر الحزبية والتنظيمية التقليدية، تؤمن بضرورة مواصلة المسار الثوري وفرضه على السلطة القائمة، على غرار حملة "مانيش مسامح" التي ترفض بعض خيارات وقرارات الأحزاب الحاكمة وتعتبرها تتعارض مع العدالة الانتقالية، إضافة إلى رفضها عودة رموز نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي قبل كشف الحقيقة والمحاسبة.
جيل جديد من "المقاومة المواطنية المجتمعية"، هكذا يريد المنتمون لحراك "مانيش مسامح" تسمية أنفسهم، وهم جيل من الشباب الذي يؤكد تبنيه للثورة ومبادئها وقيمها، والتزامه بخطها على الرغم مما شهدته من انحرافات. هؤلاء الشباب، الذين التقتهم "العربي الجديد"، يعربون عن يأسهم من الساحة السياسية التونسية، خصوصاً من أداء الأحزاب العريقة التي لم تستطع مقاومة التشتت، وتحوّلت وفق تعبير هؤلاء، إلى مكوّنات سياسية سيدفعها تعنّت قادتها إلى الاندثار قريباً.
ويراهن المنتمون لحراك "مانيش مسامح" على الشباب الذي نشأ في فترة مقاومة الاستبداد في العشرية الأخيرة من نظام بن علي، ثم عايش الحرية التي جلبتها الثورة التونسية، وشهد من داخل الساحة السياسية أو من خارجها إعادة تشكّل المشهد السياسي الذي طغى عليه الاستقطاب الثنائي في مرحلة أولى ثم تُوّج بالتقاء "النهضة" و"نداء تونس"، وتشتت القوى الأخرى وتراجع بعض الأحزاب المعارضة، الذي لم تنجُ منه نسبياً إلا "الجبهة الشعبية" حتى الآن.
ولا يضع حراك "مانيش مسامح" موقعه اليوم في المشهد كمكوّن سياسي، بل يعرّف نفسه على أنه حراك شبابي اجتماعي هدفه "مقاومة طمس معالم الثورة"، وهو لم ينتظم في شكل تنظيم محدد، بل لا يزال تجمّعاً "أفقياً" لمجموعة من الشباب الذين يناضلون من أجل ألا تَدفِن توافقات الأحزاب، المسار الثوري وتطوي صفحته نهائياً، كما يقول.
ويتم التنسيق بين المنتمين إلى هذا الحراك في كل المحافظات من خلال مجموعات تنسيق هدفها الحفاظ على استقلالية خط الحملة وإبقاؤها خارج التصنيفات التقليدية للأحزاب والمنظمات. وفي هذا السياق، يقول الناشط في الحراك وسام الصغير لـ"العربي الجديد"، إن حراك "مانيش مسامح" يُذكّر الشارع التونسي دوماً بأنه لا مجال للمصالحة مع رموز النظام السابق أو طي صفحة الماضي كما تشيع الأحزاب الكبيرة اليوم، لافتاً إلى أن تتالي الأحداث والأخطار والأزمة الاقتصادية والاجتماعية قد تدفع بالقضايا الأساسية التي قامت عليها الثورة إلى النسيان، موضحاً أن "مانيش مسامح" حراك احتجاجي سلمي يرفض العنف والقمع البوليسي القائم ضد الناشطين في الحملة.
اقــرأ أيضاً
الحملة التي انطلقت منذ الإعلان عن مشروع قانون للمصالحة الاقتصادية، جمعت حولها مناصرين كثراً من الشباب، على الرغم من أن عدة أحزاب معارضة قامت بتحركات لمواجهة هذا المشروع، لكن "مانيش مسامح" نجحت في رسم خط التمايز مع تحركات الأحزاب وجمع أنصار كثر لتحركاتها، إذ غزت ملصقات حملة "مانيش مسامح" الطرقات والشوارع في أغلب المحافظات التونسية.
وبلغت الحملة أوجها بعد أن قامت الرئاسة التونسية بدعوة السياسي عبد الوهاب عبدالله، المتهم بأنه المسؤول الأول عن التعتيم والقمع الإعلامي في نظام بن علي، إلى احتفال رسمي متعلق بالدبلوماسية التونسية، على اعتبار أنه تقلّد أيضاً مناصب دبلوماسية في تلك الحقبة. إذ لم يمر ظهور عبدالله في قصر قرطاج، من دون أن يترك وقعاً ثقيلاً بين الصدمة والاستنكار، وبين احتفاء محتشم لمن تبقى من أنصاره، على امتداد الأسبوع الذي تلا ظهوره في قصر قرطاج، لتبلغ حملة "مانيش مسامح" ذروة نشاطها. ويؤكد وسام الصغير في هذا الصدد، أن الحملة التي استأنفت نشاطها بقوة للتنديد بعودة عبدالله، استقطبت عدداً يفوق المتوقع من الشباب، الذين رأوا في ذلك تعدّياً صارخاً وتحدياً لهم، معتبرين أن دعوته إلى قصر قرطاج استخفاف بشباب الثورة ومضي في سياسة المصالحة مع نظام بن علي، من دون المرور بسياق ينصف المتورطين والضحايا على حد سواء وهو سياق العدالة الانتقالية.
وتم إيقاف الصغير برفقة عدد من رفاقه في الحملة من قبل قوات الأمن في الخامس والعشرين من شهر مايو/أيار الحالي، بتهمة "إلصاق معلقات إشهارية دون ترخيص مسبق"، بعدما قام المنتمون إلى الحملة بطبع ملصقات تتوسطها صورة عبد الوهاب عبدالله وكتبوا عليها: "مطلوب للعدالة لا لقصر قرطاج". وتم الإفراج عن الموقوفين في الليلة ذاتها، لكن هذا الحدث حفّز المنخرطين في الحملة للنشاط أكثر فأكثر وإغراق الشوارع بالملصقات، على حد تعبير الصغير، الذي يرى أن "الحملة باتت تقضّ مضاجع السياسيين الحالمين بالمصالحة الشاملة، خصوصاً الرئاسة التونسية التي تود رد الجميل لنظام بن علي الذي ساعدها للحصول على الرئاسة والفوز بالانتخابات التشريعية بالأموال أو بالأصوات أو بالتفكير، ورسم استراتيجيات التحرك"، مشدداً على أن تاريخ البلاد يقتضي إنصاف الضحايا وكشف الحقيقة لا طمس حقبة كاملة من تاريخ التونسيين من أجل رد الجميل.
ويستعد المنتمون لحملة "مانيش مسامح" لخوض تحركات أخرى وبطرق متعددة ضد عودة رموز أخرى من نظام بن علي إلى الساحة السياسية، خصوصاً مع تواتر الحديث في الساحة السياسية التونسية عن عودة شخصيات من النظام السابق عبر مناصب حزبية، بعد الانقسام الذي أصاب حزب "نداء تونس"، على غرار رفيق الحاج قاسم وأحمد فريعة وغيرهما، وذلك في الوقت الذي يتابع فيه حراك "مانيش مسامح" تطور المناقشات حول المصالحة الوطنية الشاملة بين الأحزاب السياسية الكبيرة.
اقــرأ أيضاً
جيل جديد من "المقاومة المواطنية المجتمعية"، هكذا يريد المنتمون لحراك "مانيش مسامح" تسمية أنفسهم، وهم جيل من الشباب الذي يؤكد تبنيه للثورة ومبادئها وقيمها، والتزامه بخطها على الرغم مما شهدته من انحرافات. هؤلاء الشباب، الذين التقتهم "العربي الجديد"، يعربون عن يأسهم من الساحة السياسية التونسية، خصوصاً من أداء الأحزاب العريقة التي لم تستطع مقاومة التشتت، وتحوّلت وفق تعبير هؤلاء، إلى مكوّنات سياسية سيدفعها تعنّت قادتها إلى الاندثار قريباً.
ولا يضع حراك "مانيش مسامح" موقعه اليوم في المشهد كمكوّن سياسي، بل يعرّف نفسه على أنه حراك شبابي اجتماعي هدفه "مقاومة طمس معالم الثورة"، وهو لم ينتظم في شكل تنظيم محدد، بل لا يزال تجمّعاً "أفقياً" لمجموعة من الشباب الذين يناضلون من أجل ألا تَدفِن توافقات الأحزاب، المسار الثوري وتطوي صفحته نهائياً، كما يقول.
ويتم التنسيق بين المنتمين إلى هذا الحراك في كل المحافظات من خلال مجموعات تنسيق هدفها الحفاظ على استقلالية خط الحملة وإبقاؤها خارج التصنيفات التقليدية للأحزاب والمنظمات. وفي هذا السياق، يقول الناشط في الحراك وسام الصغير لـ"العربي الجديد"، إن حراك "مانيش مسامح" يُذكّر الشارع التونسي دوماً بأنه لا مجال للمصالحة مع رموز النظام السابق أو طي صفحة الماضي كما تشيع الأحزاب الكبيرة اليوم، لافتاً إلى أن تتالي الأحداث والأخطار والأزمة الاقتصادية والاجتماعية قد تدفع بالقضايا الأساسية التي قامت عليها الثورة إلى النسيان، موضحاً أن "مانيش مسامح" حراك احتجاجي سلمي يرفض العنف والقمع البوليسي القائم ضد الناشطين في الحملة.
الحملة التي انطلقت منذ الإعلان عن مشروع قانون للمصالحة الاقتصادية، جمعت حولها مناصرين كثراً من الشباب، على الرغم من أن عدة أحزاب معارضة قامت بتحركات لمواجهة هذا المشروع، لكن "مانيش مسامح" نجحت في رسم خط التمايز مع تحركات الأحزاب وجمع أنصار كثر لتحركاتها، إذ غزت ملصقات حملة "مانيش مسامح" الطرقات والشوارع في أغلب المحافظات التونسية.
وبلغت الحملة أوجها بعد أن قامت الرئاسة التونسية بدعوة السياسي عبد الوهاب عبدالله، المتهم بأنه المسؤول الأول عن التعتيم والقمع الإعلامي في نظام بن علي، إلى احتفال رسمي متعلق بالدبلوماسية التونسية، على اعتبار أنه تقلّد أيضاً مناصب دبلوماسية في تلك الحقبة. إذ لم يمر ظهور عبدالله في قصر قرطاج، من دون أن يترك وقعاً ثقيلاً بين الصدمة والاستنكار، وبين احتفاء محتشم لمن تبقى من أنصاره، على امتداد الأسبوع الذي تلا ظهوره في قصر قرطاج، لتبلغ حملة "مانيش مسامح" ذروة نشاطها. ويؤكد وسام الصغير في هذا الصدد، أن الحملة التي استأنفت نشاطها بقوة للتنديد بعودة عبدالله، استقطبت عدداً يفوق المتوقع من الشباب، الذين رأوا في ذلك تعدّياً صارخاً وتحدياً لهم، معتبرين أن دعوته إلى قصر قرطاج استخفاف بشباب الثورة ومضي في سياسة المصالحة مع نظام بن علي، من دون المرور بسياق ينصف المتورطين والضحايا على حد سواء وهو سياق العدالة الانتقالية.
ويستعد المنتمون لحملة "مانيش مسامح" لخوض تحركات أخرى وبطرق متعددة ضد عودة رموز أخرى من نظام بن علي إلى الساحة السياسية، خصوصاً مع تواتر الحديث في الساحة السياسية التونسية عن عودة شخصيات من النظام السابق عبر مناصب حزبية، بعد الانقسام الذي أصاب حزب "نداء تونس"، على غرار رفيق الحاج قاسم وأحمد فريعة وغيرهما، وذلك في الوقت الذي يتابع فيه حراك "مانيش مسامح" تطور المناقشات حول المصالحة الوطنية الشاملة بين الأحزاب السياسية الكبيرة.