يعيد المؤرّخون اختراع الكتابة إلى تطوُّر المجتمعات الزراعية القديمة حول الأنهار، وتأسيس المدن، حيث مثّلت اللغة أداة تواصل مثلما عبّرت عن كونها أداة تفكير في المكان ونمط الإنتاج سواء المتعلّق بالزراعة وتدجين الحيوانات أو بالتجارة عبر وسائل النقل التي ظهرت حينها مثل السفن الشراعية والعربات.
استخدم الإنسان اللغة لتدوين القوانين والشرائع وأنظمة الإدارة وتاريخ الملوك المعاملات التجارية والأحوال الشخصية والمراسلات السياسية والنصوص الدينية، وبالتوازي أيضاً كُتب فيها الأدب والشعر والملاحم والأساطير والقصص والحكايات.
"أن تكتب المدينة بعد أن تسأل: ما هي المدينة؟" عنوان الورشة التي يقدّمها القاص والكاتب الأردني هشام البستاني (1975)، وتبدأ جلساتها في الرابع عشر من الشهر المقبل، في "مكتبة عمّان الصغرى" بالعاصمة الأردنية، لتستكمل أيام السبت حتى الحادي عشر من نيسان/ أبريل 2020، مع العلم أنّ باب التسجيل فيها يُغلق بعد غدٍ السبت.
يشير بيان المنظّمين إلى أن "البستاني يُسَيّر ورشة لكتابة نصوص أدبيّة قصصية أو هجينة تتعلّق بعمّان وتحوّلاتها؛ نصوص تستكشف التوتّر الذي نعانيه يوميّاً مع المساحة المدينيّة المحيطة (هل هي مدينيّة حقّاً؟)، وتبحث الجدل المستمر بين العام والخاص، بين ضرورة التغيير (المفترض، المتخيّل) وإجبارية الخوض في الحياة اليومية برداءتها ورذالتها، بين الديناميكيات المتناقضة والمتحرّكة والمتداخلة والمتشابكة التي تتمثّل بشخص يعيش ويتحرّك فيها، وينسحب آخر النّهار إلى عالمه الخاصّ".
وسيقدّم كل مشارك في ختام الورشة، المخصّصة لإنتاج الكتابة لا لتعليم الكتابة، نصّاً أدبيّاً حدّه الأدنى ألف كلمة، وحدّه الأعلى مفتوح، يُكتب خلال المدّة التي ستستغرقها الورشة. وستُحرّر النصوص بمشاركة الكتّاب لينفتحوا على مهارات التحرير الأدبي، وتُنشر ضمن كتاب يجمعها بمصمّم يجعل منها مناسَبة لاشتباك فني بين النص الأدبي والتصميم.
وسيتمّ إطلاق الكتاب في فعاليّة خاصّة ضمن معرض "كيف تعاود الظهور من بين أوراق النشر المستقل"، تتضمّن نقاشاً مفتوحاً، وقراءات من بعض النصوص.
يُذكر أن هشام البستاني يكتب القصّة والمقالة. صدرت له عدّة مجموعات قصصية منها "عن الحبّ والموت" (2008)، و"الفوضى الرتيبة للوجود" (2010)، و"أرى المعنى" (2012)، و"مقدّماتٌ لا بدَّ منها لفناءٍ مؤجّل" (2014)، و"شهيقٌ طويلٌ قبل أن ينتهي كلّ شيء" (2018)، كما تُرجمت أعماله إلى لغات عدّة.