لا تزال المكتبة السينمائية العربية تفتقر إلى أعمال توثيقية وروائية حول القدس المحتلّة، حيث ضاع معظم الأرشيف الفلسطيني الذي يضم أفلاماً أنتجت حتى مطلع الثمانينيات في أثناء الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، وكان في معظمه أفلام قصيرة وتسجيلية.
بعد ذلك ظلّ الإنتاج السينمائي العربي، والفلسطيني منه، عن الصراع العربي الصهيوني محدوداً حتى بداية الألفية الثالث التي شهدت ظهور موجة أفلام جديدة سواء في فلسطين المحتلة أو بعض مبادرات فردية لمخرجين عرب، بسبب غياب رؤية تحملها حكومات أو مؤسسات عربية وإيجاد تمويل لها، كما أتت بعض الأعمال الحديثة ملتبسة في طروحاتها، وكأنها أعدّت للمشاركة في مهرجانات دولية لا تغضب بالضرورة منظّميها.
في هذا السياق، أعلنت "الهيئة الملكية الأردنية للأفلام" في عمّان منذ أيام، عن تأسيس مسابقتها للأفلام القصيرة بعنوان "نحن القدس" بهدف "نقل قصة هذه المدينة العربية العرقة للعالم من منظور حضاري يعبّر عما تحتلّه من مكانة راسخة في التاريخ والذاكرة والواقع"، وفق بيانها الصحافي.
يضيف البيان: "المسابقة تتوجّه إلى صناع الفيلم العرب، وتأتي لعكس ما تتمتع بها القدس من غنى ثقافي وتاريخي، وتشجيع صناع الأفلام الشباب على استخدام هذا الحقل الإبداعي في إنجاز أفلام قصيرة ذات محتوى مبتكر ينطوي على خطاب إنساني".
في حديثها لـ"العربي الجديد" قالت ندى دوماني، مديرة قسم الإعلام والبرمجة في الهيئة: "نحن نعمل في السينما، والسينما جزء من الثقافة. والثقافة بدورها أيضاً جزء مما يحدث، فهي ليست على هامش الواقع وإنما تقع في الصميم. نحن في زمن المرئي والمسموع ولا شك أن للصوت والصورة صدى واسعاً يعبر العالم أجمع".
ولفتت إلى أنها "ليست المرة الأولى التي تطلق فيها الهيئة مسابقة للأفلام، ولكن الجديد هو موضوعها، حيث أردنا تمكين جميع المخرجين العرب من نقل وجهة نظرهم للعالم حول هذه القضية الحساسة، والتي هي مصدر اهتمام كبير لهم أيضاً".
ونوّهت دوماني إلى أن "مثل هذه المبادرة ليس لها تأثير مباشر على مسار الأحداث. ومع ذلك، شعرنا أنه من المهم إعطاء مساحة للناس للتعبير عن مشاعرهم وأفكارهم، من خلال الفن، تماماً مثلما يفعل الدبلوماسيون أو الناشطون أو السياسيون من خلال الوسائط الخاصة بهم".
"الهيئة تؤمن بأهمية دور السينما في الثقافة العامة وفي إحداث التغيير، كما تؤمن بقدرات ومواهب العاملين في هذا المجال - من مخرجين ومنتجين وكتاب سيناريو ومصورين وغيرهم - في نشر الوعي والمعرفة من خلال عدساتهم ونصوصهم، آملين أن نحصل على أكبر قدر ممكن من المحتوى المبتكر"، تختم دوماني.
تشترط المشاركة أن لا تتعدّى مدة الأفلام المترشحّة سبع دقائق، وأن تكون روائية أو تحريكية أو تجريبية من إنتاج عامي 2017 و2018، ولا تتنافس عليها أفلام وثائقية، كما تقبل الأعمال باللغتين العربية والإنكليزية ويمكن المشاركة بأفلام تتنج بلغات أخرى على أن تتم ترجمتها إلى تلك اللغتين، ويجوز مشاركة الأفلام المُصوّرة باستخدام الهواتف الخلوية.
حدّدت الهيئة يوم الحادي والعشرين من الشهر المقبل موعداً نهائياً لتسلّم ملخصّات عن الأفلام المرشّحة، وستعلن قريباً عن تشكيل لجنة تحكيم مؤلّفة من مهنيين عاملين بمجالات السينما والإعلام والقضايا الاجتماعية والسياسية.
كما تحدّد لاحقاً موعد إعلان الفائزين والحفل الذي يُعرض خلاله الفيلمان الفائزان ويتم فيه توزيع الجوائز، التي حدّدت بـ 3500 دينار أردني للفائز الأول، و1500 دينار للفائز الثاني. علماً أن تقديم نموذج المشاركة متوفر على الموقع الإلكتروني.