وكشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية قبل أيام النقاب عن أنّ الجيش الإسرائيلي أعدّ مخططات للعمل عسكرياً داخل الأردن ضد ما تسميه تل أبيب "جماعات إسلامية متطرفة"، يمكن أن تهدّد العمق الإسرائيلي، استعداداً لمواجهة تبعات سيناريو سقوط النظام الأردني الحالي.
وفي تحليل نشرته الصحيفة، نوّه المعلّق العسكري، أمير أورن، إلى أن رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، جادي آزينكوت أعلن استعداد الجيش الإسرائيلي للعمل داخل جميع دول الجوار، ومن ضمنها الأردن، بفعل المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها نظام الحكم فيه. وبحسب أورن، فإن إسرائيل لا تستبعد احتمال تعرض النظام الأردني في ظل ظروف محددة لهزيمة على أيدي الجماعات الإسلامية.
وأشار أورن إلى أن آزينكوت يعمل في الواقع، وفق توجيه وزير الحرب موشيه يعلون، الذي أدخل أخيراً تغييراً جذرياً على خارطة المخاطر الإقليمية التي تهدد إسرائيل، عندما حذّر، لأول مرة منذ سنوات، من التهديدات التي يمكن أن تنفجر في الشرق الأوسط. وأشار أورن إلى أن الخطاب الذي ألقاه يعلون أخيراً في كلية الأمن الوطني، مثّل تحوّلاً جذرياً في طابع التقديرات الإستراتيجية الإسرائيلية بشأن خارطة التهديدات الإقليمية. وأوضح أن تحذيرات يعلون وقادة الأجهزة الأمنية كانت في الماضي تقتصر على التهديدات التي يمكن أن تنطلق من الجنوب، وتحديداً من قطاع غزة وسيناء، ومن الشمال، ومصدرها جنوب لبنان وهضبة الجولان.
وبحسب أورن، فإنّ تحذيرات يعلون تدلّ على عدم ثقة القيادة الإسرائيلية في قدرة النظام الأردني على الصمود في وجه التحولات الإقليمية المتلاحقة. وأشار أورن إلى أن آزينكوت، أمر بإدخال تغييرات بنيوية على صفوف الجيش الإسرائيلي لمواجهة التحديات المحتملة، مشيراً بشكل خاص إلى قراره تدشين لواء عسكري جديد يضم كل الوحدات المختارة والخاصة، التي يمكن أن تعمل خارج الحدود.
من الواضح أنه ليس وراداً لدى دوائر صنع القرار في تل أبيب الانتظار حتى يتعرض نظام الحكم في الأردن لتهديدات جدية، بل أن تبادر إسرائيل إلى المساعدة على تعزيز قدرته على مواجهة التحديات. فقد كشفت وسائل الإعلام الإسرائيلية في 23 يوليو/ تموز الجاري، النقاب عن أن الجيش الإسرائيلي زوّد الجيش الأردني بمروحيات "كوبرا"، بحجة مواجهة التهديدات التي يمكن أن يشكّلها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) على المملكة. ولفت الإعلام الإسرائيلي الأنظار إلى حقيقة أن المروحيات هي من طراز "كوبرا" القديم، الذي لم يعد يستخدمه الجيش الإسرائيلي.
اقرأ أيضاً: أنباء عن تسليم إسرائيل الأردن طائرات كوبرا لمواجهة "داعش"
وأشارت مصادر إسرائيلية إلى أن تقديم الدعم العسكري للأردن، جاء ضمن تصوّر أميركي ــ إسرائيلي لحماية حدود الأردن وتقليص قدرة "داعش" على استهدافه. وترى إسرائيل في النظام الأردني حليفاً إستراتيجياً، وترتبط معه بعلاقات شراكة مهمة. وقد قال السفير الإسرائيلي السابق في عمان، دانيل نيفو، أخيراً في مقابلة إذاعية، بأنّ "الأردن أفضل جار لإسرائيل"، مشيراً إلى أن الشراكة الإستراتيجية مع النظام الأردني تقوم على تعاون أمني وتبادل معلومات استخبارية، وتنفيذ مشاريع اقتصادية مشتركة.
لكن المفارقة تكمن في أنّ المخاوف من سقوط النظام في عمان، تمثّل أيضاً مبرراً بالنسبة لإسرائيل لإحباط أية محاولة أردنية للحصول على سلاح نوعي بحجة أن مثل هذا السلاح يمكن أن يقع في أيدي الجماعات الإسلامية المتطرفة، التي يمكن أن تتولى زمام الأمور في عمان بعد سقوط النظام.
فقد كشفت صحيفة "معاريف" في عددها الصادر في 3 يوليو/ تموز الجاري، النقاب عن أن إسرائيل نجحت في ثني الولايات المتحدة عن قرار سابق لها بتزويد الأردن بطائرات من دون طيار ذات قدرات هجومية. ولا تقتصر الانتقائية في التعاطي الإسرائيلي مع الأردن على رفض منحه السلاح "النوعي"، بل تتمثل أيضاً في عدم التردد في تهديد مصالحه المدنية، في حال تطلبت ذلك المصالح الإسرائيلية.
فقد اضطرت الحكومة الأردنية أخيراً، إلى تقديم شكوى ضد إسرائيل بسبب قيامها بتدشين مطار جديد بالقرب من مدينة العقبة الأردنية بشكل يهدد الملاحة الجوية عبر مطار "الملك حسين الدولي" في المدينة الأردنية. ونقلت صحيفة "هارتس" في عددها الصادر يوم الإثنين، عن وزيرة المواصلات الأردنية، لينا شبيب قولها إن "المنظمة الدولية للطيران المدني" (ICAO) تحقق في شكوى تقدّم بها الأردن، مفادها أن مطار تمناع الإسرائيلي الجديد، الذي يقع شمال العقبة سيشكل تهديداً للملاحة الجوية في مطار الملك حسين الدولي، لأنه سيشوّش على خطوط الاتصال بين الطائرات التي تحط وتقلع من المطار.