بين الموهبة والحاجة، تتمتّع السنونو بـ "نَفَس طيّب" في إعداد الطعام، وتروي كيف تحوّل المشروع إلى حقيقة بعدما كان خيالاً قائلة: "ما إن يتذوق أي شخص ما أطبخ، يبادر بالقول إنّني مشروع طبّاخة ماهرة، لكنّني لم أكن أعلم أن هذا الدعم سيتحوّل إلى مشروع عملي ملموس يخدمني أنا وعائلتي. خصوصاً أنني كنت أعتبر فكرة تنفيذه ضرباً من الخيال".
وتتابع: "بعد تفكير والكثير من الاستشارات، قرّرت أن أجرّب إعداد مأكولات ونشرها على صفحتي الشخصيّة على فايسبوك في محاولة لتسويقها بأسعار رمزية إلى أن وجدت أن هناك طلباً كبيراً على الأصناف التي أعرضها".
عمل مميز
تعمل صابرين جاهدة على انتقاء المكوّنات الأساسيّة في عمليّات الطهو لتختار أجودها، وأكثرها صحّة للزبائن، من المأكولات المالحة مثل "المفتول، الفطائر، الكبسة، رز القدرة، المقلوبة، المسخّن الفلسطيني، المعجّنات"، والحلويّات بأنواعها، وجميعها بأسعار معقولة وهذا من أسباب نجاحها، كما تقول.
في السّياق ذاته، يقول مصطفى السنونو، زوج صابرين: "لم نكن نتوقّع هذا الكم الهائل من الطلبات منذ أن بدأت صابرين بعرض المأكولات والطبخات على صفحتها الشخصيّة، كان هذا الحافز الرّئيسي لإنشاء صفحة خاصّة بعنوان "مطبخنا غير" والبدء بالتفاعل مع الزبائن من خلالها". ومن هنا صارت العائلة بجميع أفرادها تتعاون مع ربّة المنزل لتدعم نجاح المشروع وتزيد من تحسين الدخل في ظل الأوضاع الاقتصاديّة الصعبة التي يعانيها سكان قطاع غزّة.
ويعتبر مصطفى نفسه الدّاعم الأوّل لصابرين كي تنجح مشروعها، إلى جانب الأهل والأصدقاء، ويعمل معها كمساعد في متابعة الطلبات ويبقى على تواصل مع الزبائن باستمرار عبر الهاتف، ويبلغها بمحتوى الوجبات المطلوبة وعددها وينسّق لمواعيد تسليمها أيضاً.
وحسب الذوق الغزّي والأجنبي، تلفت صابرين إلى أنّها تسوّق حوالي 100 طبخة شهرياً إلى متابعيها عبر موقعي "فيسبوك" و "انستغرام"، إذ تجاوز عدد متابعيها الألفي متابع خلال ثلاثة أشهر فقط. ويكمن نجاحها بالدور الفعّال الذي تقوم به عبر الفضاء الإلكتروني واستثمار هذه المساحة المجانيّة بشكل جيّد ولافت.
في الحقيقة، ما أن وصلت "العربي الجديد" إلى منزل عائلة السنونو حتى خيّل لنا أن أفراد أسرتها باتوا يشبهون خليّة من النّحل. يتناوبون ما بين مساعدة في الإعداد والطبخ والتغليف والتسويق والتوصيل أيضاً. بهذا استطاعت صابرين أن تخلق فرص عمل لكلّ أفراد العائلة، والتي تضمّ طلاباً متفوّقين في المدارس والجامعات.
وقد نبعت أسئلة من واقع مرير تفرضه الأوضاع الاقتصاديّة في فلسطين، وقطاع غزّة على وجه الخصوص أهمّها: هل يشكّل العالم الافتراضي بداية التغيير النوعي للأفراد في الجانب الاقتصادي تحديداً؟ وهل صار خلق فرص العمل والتسويق لها بمجهود فردي من أسهل ما يكون عند أصحاب الإرادة؟ وهل الاتجاه إلى "السوشال ميديا" سيحاول التغلّب على مشاكل البطالة؟
ارتفاع البطالة
بحسب مركز الإحصاء الفلسطيني نسبة البطالة في القطاع وصلت إلى 42%، وبذلك تضرب السنونو ومن صار على دربها، البطالة بعرض الحائط وتتحدّى معظم الصّعوبات الاجتماعيّة والاقتصاديّة. فضلاً عن أنّها شكّلت تحدّياً لنفسها أولاً، واستطاعت التفوّق بمشروعها البسيط على مطاعم كبيرة أخرى، كما أنّها عملت على انتزاع مكان جيّد في سوق الطبخ الغزّي وعلامة تجاريّة لاسم مطبخها "مطبخنا غير".
وتشير صابرين إلى أنها تسعى لتطوير مشروعها خلال الفترة المقبلة لتخصّص مكاناً في وسط غزّة تعمل به ومنه، هي ومجموعة من النّساء الأخريات، لتوفّر لهن فرص عمل وبداية انطلاق نحو النجاح وزيادة تحسين الدخل والتغلّب على مشاكل الحصار والبطالة.
اقرأ أيضاً:عربة أبو محمد للفول أعالت 22 فرداً في عائلته