قليلة هي الأعمال التي تؤرّخ للفن في تونس، والعالم العربي عموماً، على الرغم من وجود تقاطعات لافتة بين التشكيل والسياقات الاجتماعية والسياسية والثقافية. لعلّ الشكل الوحيد الرائج من أشكال التأريخ الفني هو إصدار كتب حول تجارب فردية، كما هو الحال مع الإصدار الأخير حول نجا المهداوي (1937)، وهو عمل جماعي صدر عن "دار المتوسط للثقافة والفنون" ضمن سلسلة "كراسات دار سيباستيان".
يحتفي الكتاب أساساً بـ "عالمية" الفنان التونسي حيث يبرز المشاركون تجاوز أعمال المهداوي الإطار المحلي، ليس على مستوى العرض فحسب بل لإخراجه الحرف العربي من كل انتماء لثقافة مخصوصة، وجعله علامة قابلة للتداول في أي إطار.
ينبثق الكتاب من ندوة ومعرض أقيما في مدينة الحمامات التونسية في شباط/ فبراير الماضي، ومن المشاركين في الكتاب: الباحث الناصر بالشيخ الذي قدّم قراءة تاريخية حول مسيرة نجا المهداوي، وقدّم الأكاديمي حمادي بن جاء بالله، وهو متخصّص في الفلسفة، قراءة من زاوية التصوّف.
يشتغل المهداوي يشتغل بالأساس على الحرف العربي، وإن كان يرفض توصيف نفسه بالحروفي، حيث يرى أن هذا التوصيف نوع من إقصاء الحرف من مجال الفن وقصره على البعد الوظيفي.
خلال تجربته، اعتمد المهداوي على مختلف الخامات والمحامل في أعماله كاللوحة والأقنعة والطبول والجدران وغيرها. وعلى مستوى آخر أمدّ إنتاجه بروافد كثيرة منها التراثي والفكري الحديث والسيميولوجي.