يتناول الكتاب حقبة تأسيسية في تاريخ الفلسطينيين الذين بقوا في حيفا والجليل بعد الاحتلال عام 1948، ويقدّم حكايات إنسانية وشخصية للمهمشين، مغايرة لبعض الروايات التاريخية النخبوية.
الجعبة تساءل في ورقته: "هل من الممكن أن يكتب الفلسطيني تاريخ النكبة من دون الاعتماد على التاريخ الشفوي، ومن دون عواطف وانفعالات؟" مفترضاً استحالة الأمر، خصوصاً أن عادل مناع كان قد لجأ الى لبنان ثم عاد و"تسلّل" إلى بيته في فلسطين.
واعتبر أن الرواية الإسرائيلية، رغم أنها تقدّم القامع "المنتصر" الذي لا يخجل من جريمته في أحيان كثيرة، هي أكثر توثيقاً من الرواية الفلسطينية، التي كُتبت بعد الخروج من الصدمة، التي تطلّب تجاوزها فترة طويلة، على حد تعبيره.
كما يلفت إلى أن اقتلاع 750 ألف فلسطيني من أرضهم، وهو عدد مهول، قد أنسى المؤرّخين التفاصيل الإنسانية للضحايا، وهذا لا يمكن الوصول إليه من دون تسجيل الرواية الشفوية عبر الوثائق والشهادات التي لا تُخرج الدراسات عن منهجيتها كما فعل مناع في كتابه".
من جهته، قال محمود محارب إن "الكتاب يتضمن جرأة في التحليل والبحث عن الحقيقة في سياقها التاريخي، وكثيراً من عناصر القوة، ومن بينها: أنسنة الرواية الفلسطينية؛ حيث توثّق انتهاكات الصهيونية، إضافة إلى واقعيته التي تجعل القارئ يعيش حياة الفلسطينيين ومعاناتهم في تلك الفترة".
ورأى محارب أن الكاتب نجح في ربط النكبة بالبقاء، مستنداً إلى مقابلات شفوية وشهادات الناس ولكنه لم يعممها؛ "كما لم يضع المؤلف كتابة نظرية عن حرب 1948 وعن طبيعة الحرب، فهذه كانت حرب تطهير إسرائيلية. وكان ممكناً القوف عند المجازر وحجمها كمجزرة عين الزيتون قرب صفد. وكذلك خطة "د" لطرد العرب للمنطق المخصصة للدولة اليهودية".
بدوره، أشار المؤلّف إلى أنه بدأ العمل على مشروعه منذ عام 2008، وكان تركيزه منصبّاً على أن الفلسطينيين هم وكلاء التاريخ، موثقاً نماذج من 170 قرية.
وأعتبر مناع أن الكتاب ليس تأريخا للنكبة، بل هو ربط لما جرى في حرب 1948 مع قضية البقاء، لافتاً إلى أن هذه الفكرة شغلته منذ الطفولة، حين كان يسمع والده يتحدث عن رحلة اللجوء إلى وادي عارة ونابلس وشرق الأردن، ثم إلى مخيم عين الحلوة في لبنان، وكيف عادت العائلة من ميناء صيدا الى قرية المكر، ومشياً على الأقدام إلى قرية مجد الكروم؛ مسقط رأسه، إذ أثّرت هذه الحادثة عليه وأصبحت جزءاً من ذاكرته الإنسانية وذاكرة المؤرخ، على حد تعبيره.