ووفقا لمقال رأي نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" ضمن ملف خاص حول تغيير الأنظمة بالشرق الأوسط، فإن تدخل أميركا لإسقاط الطغاة بالمنطقة العربية، وتحرير العواصم، ورفع الحشود للأعلام الأميركية احتفالا بذلك لا يعدو كونه واحدا من تجليات المظاهر الخداعة التي لا تصلح سوى لشاشات التلفزيون.
ويقول صاحب المقال، جيريمي شابيرو، المسؤول عن الأبحاث بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إنه "على امتداد الأعوام الأخيرة، تعلمنا (أو كان يجدر بنا أن نتعلم) أن تغيير الأنظمة بالشرق الأوسط لوحده ليس كافيا"، في حديثه عما أبانت عنه واشنطن من فعالية في قلب الأنظمة بأفغانستان والعراق وليبيا. هذا الأخير أضاف أن ما يهم أكثر من تغيير الأنظمة لإنهاء معاناة الشعوب والحفاظ على مصداقية الولايات المتحدة هو القدرة على تحقيق الاستقرار بالبلدان المعنية بالتدخل الأميركي بعدما تهدأ حماسة الشارع.
ويورد المقال أن الولايات المتحدة لا تجيد هذا الأمر، ففي العراق حاولت واشنطن تحقيق الاستقرار بالبلاد من خلال تواجد عسكري كبير، وفي أفغانستان قادت حلف الناتو، وفي ليبيا تركت الأمر بين أيدي الفاعلين المحليين بمساعدة من الأمم المتحدة. وحسب المقال فإن القاسم المشترك بين كل هذه التحركات الأميركية أن أي منها لم تنجح في تحقيق شيء يذكر، ما عدا استمرار الحرب، ونشر الفوضى وتزايد حدة الغضب من الولايات المتحدة والعنف الموجه ضدها.
"أحد أسباب حالات الفشل هذه هو أن الطاغية والنظام الذي كان يقيمه كانا فقط جزءا من المشكلة"، كما جاء في المقال، الذي أوضح أن الأنظمة الدكتاتورية تحول أحيانا دون انتشار الفوضى، رغم القمع الذي تمارسه.
وخلص المقال إلى أنه يتعين علينا أن نعي جيدا أن الولايات المتحدة الأميركية، ورغم قدراتها العسكرية الكبيرة، لا تستطيع خلق الاستقرار من خلال تغيير الأنظمة وقلبها. وأضاف أن واشنطن ينبغي عليها أن تشتغل مع الأنظمة المستهدفة كما هي قائمة، رغم مساوئها والجرائم التي ترتكبها، مهما صعب تقبل ذلك.