ذكرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، في تقرير لمراسلها العسكري عاموس هرئيل، أنّ أكثر ما يثير القلق الإسرائيلي، أخيراً، في سياق الجبهة الشمالية، ومساعي الحد من النفوذ والتموضع الإيرانيين في سورية، هو الاهتمام الذي بات يبديه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن لبنان، وبما يحدث في الحلبة اللبنانية الداخلية.
وتخشى إسرائيل من ترجمة هذا الاهتمام، وفق أكثر السيناريوهات تطرّفاً، في توسيع نطاق مظلة الحماية الروسية العاملة شمال غربي سورية، ليشمل لبنان أيضاً، مما سيزيد من تعقيدات الحسابات الإسرائيلية.
وأوضح هرئيل أنّ هذا التطور بات يقلق إسرائيل، التي تمتنع أصلاً، حالياً على الأقل، وفق ما تقرّ به أيضاً تقارير وسائل الإعلام، عن شنّ هجمات وغارات جوية في سماء لبنان، منذ آخر غارة في فبراير/شباط 2014، والتي تمّت على ما يبدو، كتكملة لمطاردة مقاتلات جوية إسرائيلية لقافلة أسلحة كانت في طريقها إلى "حزب الله" في لبنان.
وفي حينه ردّ "حزب الله"، عبر سلسلة عمليات زرع عبوات ناسفة على الحدود مع هضبة الجولان، من خلال تشكيل شبكة خلايا بقيادة سمير القنطار وجهاد مغنية، اللذين قامت قوات الاحتلال باغتيالهما لاحقاً.
ولفت هرئيل إلى الفرق الهائل بين مواجهة "حزب الله" في سورية، وبين التحدّي الذي تفرضه مواجهة بوتين. واستذكر هرئيل أنّ الأزمة في العلاقات الروسية - الإسرائيلية، على خلفية إسقاط طائرة التجسس الروسية، في سبتمبر/أيلول الماضي، لا تزال قائمة، وأنّه حتى خلال اللقاء العابر بين نتنياهو وبوتين على هامش المؤتمر الدولي في باريس، الأحد الماضي، لم يتم حل هذه الأزمة، والتي تتجلّى تداعياتها، رغم استمرار العمليات الإسرائيلية في الأجواء السورية، في العراقيل التي تضعها روسيا أمام هذه العمليات، واللهجة المتشددة والصدامية على طرفي الخط الساخن بين القاعدة الروسية في حميميم في سورية، وبين مقر وزارة الأمن الإسرائيلية.
ورأى أنّه سواء كانت روسيا لا تزال غاضبة من إسرائيل، أم أنّها تدّعي ذلك لفرض قواعد استراتيجية جديدة، فإنّ النتيجة بالنسبة إلى إسرائيل هي واحدة: ما كان سابقاً لن يكون مستقبلاً، فروسيا لن تقبل بتشويش جهودها في تثبيت استقرار نظام بشار الأسد في سورية، لأنّها ترغب في ترجمة مساعدتها للنظام، عبر توقيع اتفاقيات طويلة الأمد مع الأسد، لضمان حماية مصالحها الأمنية والاقتصادية في سورية.
وربط هرئيل بين هذا المصدر الجديد للقلق الإسرائيلي، وبين اضطرار كابينت الاحتلال، الثلاثاء، إلى القبول بمقترحات وقف إطلاق النار، وإنهاء جولة التصعيد مع الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة.
وأشار إلى تصريحات نتنياهو، الأربعاء، خلال المراسم الرسمية لإحياء ذكرى رئيس حكومة إسرائيل الأول ديفيد بن غوريون، إذ قال نتنياهو، إنّه كانت هناك "اعتبارات وحسابات أمنية لا يمكن كشفها أمام الجمهور العام"، وهي الاعتبارات التي قال وزير الأمن الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، غداة استقالته من الحكومة، إنّها "مجرّد ادعاءات واهية لا علاقة لها بالسياسة الانهزامية التي يعتمدها نتنياهو، في إصراره على الوصول إلى تهدئة في غزة".