يلاحظ انتشار المخدرات بكثرة بين العراقيّين أخيراً. تنتقل من أفغانستان إلى إيران ثم إلى العراق من دون أية رقابة. تدخل الأصناف المختلفة إلى الأراضي العراقية والمناطق الجنوبية مع السلع المختلفة. لعلّ موسم الزيارة الأربعينية إلى كربلاء يكاد يكون الأخطر. إذ يَدخل آلاف الزوار الإيرانيين عبر الحدود العراقية من دون تفتيش. يحمل بعضهم "هدايا الموت" هذه التي تفتك بأهالي المحافظات الجنوبية. يبيعونها للتجار الذين يبيعونها بدورهم إلى المدمنين، وقد ازدادوا بعد عام 2003.
يوضح مدير المركز العراقي لمكافحة المخدرات حيدر الخفاجي لـ "العربي الجديد" أن "الممرات الرئيسية لعبور المخدرات إلى العراق هي الحدود الشرقية مع إيران، بسبب ضعف إجراءات تفتيش الزوار والبضائع. يُدخلون كميات كبيرة من الحشيشة والهيرويين والكوكايين والحبوب المخدرة لبيعها إلى سماسرة متخصصين في هذا المجال في كل من كربلاء والنجف بشكل خاص، ومنها إلى باقي المحافظات كالبصرة والناصرية والحلة".
يضيف: "تتراوح أعمار المدمنين بين 15 و30 عاماً، وعادة ما يرفض غالبيتهم العلاج من الإدمان باستثناء خمسة في المائة، وخصوصاً أنه يعد وصمة عار في المجتمع العراقي. بعد عام 2003، أصبح العراق محطة ترانزيت أساسية لعبور المخدرات إلى الدول المجاورة، بعد قدومها من إيران". ويخشى أن يتحول العراق إلى "محطة ثابتة لتهريبها وتوزيعها".
عادة ما يبدأ الشباب الإدمان على الحبوب المخدرة التي يشترونها من الصيدليات في ظل ضعف الرقابة الحكومية، قبل الانتقال إلى الحشيشة والكوكايين والأفيون، بحسب شاب ثلاثيني رفض الكشف عن اسمه. يبدو شاحب الوجه وغائر العينين. يروي لـ "العربي الجديد" رحلته مع المخدرات. يقول: "حين كنت في الخامسة عشرة من عمري، كنت أضع الحبوب المخدرة في النرجيلة. بعدها انتقلت إلى تعاطي أنواع أخرى قبل أن أبدأ بتعاطي الهيرويين. كنت أشتري الغرام الواحد بـ40 دولارا من التجار".
يتابع: "مع الوقت لم أعد أحتمل. كنت أعاني دماراً نفسياً على الرغم من المتعة القصيرة. صرت أشعر أنني أقتل نفسي ببطء. حالياً أخضع للعلاج في مركز متخصص".
تشير الإحصائيات إلى أن المخدرات تنتشر بين الشباب في محافظات البصرة وكربلاء والناصرية والنجف والسماوة وديالى. وهناك طرق لإدخالها عبر الفواكه والخضار وأكياس الحليب. ويعزو المراقبون سبب انتشار الإدمان إلى ضعف الرقابة الأمنية والبطالة.
في السياق، يقول أثير العبيدي، صاحب مستودع للأدوية، لـ "العربي الجديد" إن "الحبوب المخدرة تدخل من دول الجوار، ويطلق المدمنون عليها مصطلحات شعبية مثل أبو الحاجب وأبو الصليب، ونلاحظ ارتفاع معدلات الإدمان لدى كثير من الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15 و30 عاماً". وتعرف ظاهرة التعاطي بين الشباب بالـ "كبسلة"، وتشتق من كبسولة، أي الحبة المخدرة.
ويوضح مصدر أمني في وزارة الداخلية رفض الكشف عن اسمه أن "بعض المسؤولين يستفيدون من تجارة المخدرات. أكثر من ذلك، يريدون تحويل العراق إلى محطة ترانزيت للمخدرات إلى دول الخليج"، لافتاً إلى أن "العصابات الإيرانية والأفغانية تعمل عبر الحدود الشرقية للعراق مع إيران. وبات هناك مناطق معروفة في بغداد وكربلاء والنجف والسماوة وبابل، تكثر فيها تجارة المخدرات". ويبيّن المصدر لـ "العربي الجديد" أن "السبب الرئيسي لدخولها هو الانفلات الأمني وعدم ضبط الحدود مع إيران"، عازياً سهولة دخول المخدرات لـ "صدور أوامر من مسؤول رفيع المستوى بعدم تفتيش الزوار الإيرانيين وتسهيل دخولهم بشكل سريع، ما يتيح لهم إدخال المخدرات بشكل طبيعي".