وأوضح أنها تتمثل في وقف إطلاق نار يتم تطبيقه خلال عيد الأضحى كخطوة أولى، يعقبها اجتماع دولي بمشاركة الدول ذات الصلة، ثم اجتماع للأطراف الليبية.
جاء ذلك في مقابلة مع وكالة "الأناضول"، على هامش مشاركته في المؤتمر الحادي عشر للسفراء بالعاصمة التركية أنقرة، تطرق خلالها للجهود الرامية إلى إيجاد حل سياسي للأزمة الليبية.
وقال المبعوث الأممي إنهم "لم يتحققوا" بعد من القصف الجوي الذي شنه طيران اللواء المتقاعد خليفة حفتر، مساء الأحد، على مدنيين في حي سكني في مدينة مرزق جنوبي البلاد، وأسفر عن مقتل العشرات.
وأضاف: "ليس من السهل التحقق من جميع المعلومات التي نتلقاها في ليبيا، ولكن موقفنا سيكون حازماً للغاية إذا تم التحقق من استهداف المدنيين، عندما نحصل على معلومات كافية، لأن مثل هذا الهجوم يتعارض بشدة مع حقوق الإنسان الأساسية الدولية".
والإثنين الماضي، أعلن مصدر في التجمع الوطني التباوي (ممثل لقبائل التبو في ليبيا)، في حديث لوكالة "الأناضول"، أن القصف الجوي استهدف مناسبة اجتماعية في مرزق، وهي عرس لأحد أبناء التبو بالمنطقة، ما أسفر عن مقتل أكثر من 45 وإصابة أكثر من 55 شخصاً بينهم أطفال ونساء.
وحول الفرق بين خطة الحل ثلاثية المراحل التي أعلنها في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، وبين الخطط الأخرى المقترحة بشأن ليبيا، أشار سلامة إلى أنه يعمل لصالح مؤسسة تسعى لتحقيق السلام وليس الحرب، وأن الاجتماعات ضرورية عندما تكون هناك رغبة لإحلال السلام.
وبيّن المبعوث الأممي أنه في كل عملية سلام، تُعقد اجتماعات على مستويات مختلفة، وأن الفرق هنا يتمثل في الرسالة الصادرة عن الأطراف الليبية بشأن استعدادها لجولات جديدة من المباحثات، علماً أن هذه المباحثات تبدأ بما يحقق بناء الثقة المتبادلة.
ومنذ 2011، يعاني البلد الغني بالنفط صراعاً على الشرعية والسلطة يتركز حالياً بين حكومة الوفاق الوطني، المعترف بها دولياً، واللواء المتقاعد، خليفة حفتر، قائد قوات الشرق الليبي.
وتشن مليشيات حفتر، منذ 4 إبريل/نيسان الماضي، هجوماً متعثراً للسيطرة على العاصمة طرابلس (غرب)، مقر حكومة الوفاق.
هدنة العيد
وقال سلامة إن المرحلة الأولى من الخطة المذكورة في ليبيا، تتمثل في تحقيق هدنة إنسانية يتم تطبيقها طيلة عيد الأضحى، وتلتزم بها الأطراف، وهذه الهدنة ستُظهر أن الليبيين يفكرون لحل مشاكلهم بطريقة أخرى غير الحرب المستمرة منذ 4 أشهر.
وأضاف: "بعد ذلك مباشرة، ندعو إلى مؤتمر دولي تشارك فيه الدول المعنية. وهذا سينعقد قبل اجتماع الفاعلين الليبيين".
واعتبر أن عقد مؤتمر دولي قبل اجتماع الأطراف الليبية، يعد خطوة مختلفة عن خطط الحل السابقة، مبيناً أنه قبل اجتماع السياسيين الليبيين يريدون التأكيد من دعم المجتمع الدولي لهم.
اختلاف مواقف بلدان المنطقة
وحول مواقف بلدان المنطقة التي هي طرف في الأزمة الليبية، قال سلامة إنّ "هذه البلدان ليست على موقف موحد، وبالتالي ينبغي أن تعلن (بلدان المنطقة) عن النسق الذي تحتاجه، وتحدد ما تريده في الحد الأقصى أو الحد الأدنى، وبعد ذلك إقناع أصدقائها في ليبيا بقبول هذه التنازلات".
وأعرب سلامة عن تفاؤله بشأن إلتزام أطراف الحرب في ليبيا بالهدنة، لافتاً إلى أن هذه الهدنة ليست نهائية أو عبارة عن إلقاء السلاح.
وأكّد سلامة أنه يتلقى ردوداً إيجابية من بعض الأطراف، بينما البعض الآخر لا يزال مرتاباً، وهناك من يريد ضمانات من الطرف الآخر بشأن الالتزام بوقف إطلاق النار، "هناك فرق بين الهدنة وبين إلقاء السلاح".
ولفت إلى أن إلقاء السلاح بشكل نهائي يتطلب اتفاقاً له حدود ومراقبة ويتضمن تفاصيل تتعلق بما ستقوم به الأطراف، بينما الهدنة هي عبارة عن تفاهم بين أطراف الحرب لوقف هجماتها بشكل طوعي لفترة زمنية معينة.
واستطرد: "لذلك نحن ندعو إلى الهدنة، وآمل أن نتوصل إلى عملية إلقاء سلاح دائم عبر تحقيق تقدم في إطار اتفاق محدد في المستقبل".
وأوضح أنهم على تواصل مع كافة الأطراف، بما في ذلك البلدان التي تدعم حفتر، وأن أغلبية البلدان التي التقى بها متفقة على حق الليبيين في التقاط أنفاسهم والعودة إلى منازلهم ولقاء أسرهم وقضاء العيد في أمن وسلام بعد 4 أشهر من الاشتباك.
وأعلن مجلس الأمن الدولي، الإثنين الماضي، دعمه التام لدعوة سلامة، من أجل التوصل إلى هدنة في ليبيا بمناسبة عيد الأضحى، الذي يحل الأسبوع المقبل.
وقال المجلس إنه يدعم بشكل تام دعوة سلامة، في 29 يوليو/تموز الماضي، إلى إعلان هدنة بين الطرفين، بمناسبة عيد الأضحى، على أن تكون مصحوبة بتدابير لِبناء الثقة بين الطرفين، تشمل تبادل الأسرى ورُفات القتلى.
وإضافة إلى الهدنة، دعا المبعوث الأممي إلى عقد اجتماع رفيع المستوى للبلدان المعنية بالأزمة الليبية، وتنفيذ الوقف الكامل لحظر توريد السلاح إلى ليبيا، على أن يتبع هذا الاجتماع آخر يضم الأطراف والأشخاص المؤثرين داخل لبيبا، بغية وقف القتال واستئناف العملية السياسية.
من ناحية أخرى، قال سلامة إنه جاء إلى تركيا لإلقاء كلمة في المؤتمر الحادي عشر للسفراء، وشعر بسعادة كبيرة حيال هذا الأمر، مشيراً إلى أهمية اللقاء والحديث مع دبلوماسيين من مختلف أنحاء العالم.
وقال إن هذه المشاركة في المؤتمر تشكل أيضاً فرصة مهمة بالنسبة إليه للقاء دبلوماسيين كبارا في ما يتعلق بالأزمة الليبية.
وأوضح أن ما يتطلع إليه من تركيا حيال ليبيا لا يختلف عن البلدان الأخرى، معرباً عن أمله في أن تدعم أنقرة الهدنة في عيد الأضحى، والاجتماع بين البلدان المعنية، فضلاً عن القرارات التي سيتخذها الليبيون خلال اجتماعهم.
وأكّدت وزارة الخارجية التركية، في بيانات سابقة، أن أنقرة ستواصل دعم الجهود البناءة القائمة على الحوار الشامل والتفاهم بقيادة الأمم المتحدة من أجل ضمان تقدم العملية السياسية وتحقيق الاستقرار الدائم في ليبيا.
وتقود الأمم المتحدة جهوداً لإنهاء النزاع الليبي القائم منذ سنوات، حيث يتواصل صراع على الشرعية والسلطة بين حكومة الوفاق، المعترف بها دولياً، في العاصمة طرابلس (غرب)، ومجلس النواب المنعقد في مدينة طبرق (شرق)، والمدعوم من حفتر.
وكان سلامة قد أعلن في وقت سابق تحديد 14 إلى 16 إبريل/نيسان الماضي، موعداً لانعقاد الملتقى الوطني الجامع في مدينة "غدامس"، لمحاولة حل الأزمة الليبية، التي امتدت لأكثر من خمس سنوات.
لكن، وقبل 10 أيام من موعد انعقاد ملتقى الحوار، أطلق حفتر، الذي يقود القوات في الشرق، عملية عسكرية للسيطرة على طرابلس، نسفت أي فرصة لعقد المؤتمر في ظل استمرار المعارك بالعاصمة ومحيطها.
(العربي الجديد, الأناضول)