سيطرت "هيئة تحرير الشام" على عملية الصرافة والتحويلات المالية في مناطق شمالي سورية، وذلك بعد أن قام عناصرها بعدّة حالات سلب وسطو على مكاتب الصرافة وأموال الصرّافين، بحجّة "وجود مخالفات شرعية"، لتعلن عن مكتب جديد خاصٍ بها، يتولّى عملية إدارة مكاتب الصرافة والرقابة على سوق الحوالات المالية.
وعمدت "هيئة تحرير الشام" إلى السطو على أموال مكاتب الصرافة والصرّافين، منذ مطلع شهر مايو/ أيار الجاري، وذلك عبر عمليات اقتحام لمكاتب الصرافة وقطع الطرق التي يستخدمها الصرافون مع أموالهم.
وبحسب مصادر "العربي الجديد" فإنه في السادس من الشهر الجاري، قام حاجز تابع للهيئة بالسطو على سيارتين تتبعان للصراف محمد نوازي، في بلدة سرمدا في ريف إدلب، وقامت بالسطو على مبلغ 300 ألف دولار أميركي.
ونشر ناشطون من إدلب تسجيلاً صوتياً لنوازي بثّه على الانترنت وقال فيه "أنا محمد نوازي، لقد أخذوا سيارتين لي تحتويان على 300 ألف دولار، وأنا الآن أمام المحكمة في سرمدا قرب الإرشاد الطبي، وطلبوا مني أن يبقوا الأموال عندهم حتّى غد، وإذا تركتُها حتى يوم غدٍ فإنهم لن يعيدوا الأموال، وأنا الآن معتصم أمام المحكمة وعلى من يود مساعدتي أن يأتي الآن ويساعدني".
ولم يُعرف مصير الأموال، فيما لو عادت له أو أنهم صادروها بشكلٍ نهائي، غير أن ناشطين أكّدوا أن الهيئة احتفظت بالأموال.
وبعد يومين من هذه الحادثة، صادرت "هيئة تحرير الشام" جميع الأموال العائدة لمكتب "قاسيون للصرافة" بما في ذلك الأمانات والودائع.
وبحسب المعلومات، فإن الأموال التي صودرت بلغت 10 ملايين ليرة سورية، و 2 مليون دولار، كما اقتادت صاحب محل الصرافة لجهة مجهولة.
وأكّدت مصادر مطلعة لـ "العربي الجديد"، أن معظم شركات ومكاتب الصرافة توقّفت عن العمل حينها تضامناً مع شركة قاسيون وعدد آخر من صرّافي سرمدا الذين تمت مصادرة أموالهم، لافتةً إلى أن سوق النقد الأجنبي شهد تخبّطاً غير مسبوقٍ حينها.
ولم تمضِ ثلاثة أيام على حادثة مكتب قاسيون حتّى أصدرت "هيئة تحرير الشام" بياناً أعلنت فيه عن سيطرتها على عملية التصريف والحوالات في المناطق المحررة، تحت ما يُسمى بـ "المؤسسة العامة لإدارة النقد وحماية المستهلك".
وجاء في تعميم الهيئة الصادر في 11 من شهر مايو/ أيار: "استناداً إلى الخلافات الحاصلة في مراكز الصرف، وبسبب وجود مخالفات شرعية تتخلّل كثيراً من عمليات البيع والشراء، وتجاوباً مع عددٍ كبير من أصحاب مراكز الصرافة والحوالات في المنطقة المحررة، ومنعاً للاحتكار والتلاعب بأسعار العملات، التي تشكّل مكوّناً أساسياً في حياة الناس التجارية، قام المكتب الاقتصادي العام لهيئة تحرير الشام بتأسيس دائرة تُعنى بإدارة ورقابة سوق الصرافة والحوالات المالية".
وحمل التعميم ختماً من المسؤول العام للمكتب الاقتصادي في "هيئة تحرير الشام" المدعو أبو عبد الرحمن.
ويرى خبراء في عملية التصريف ومدنيون في هذه المناطق، أن سيطرة الهيئة على إدارة سوق الحوالات من شأنها أن تؤدّي إلى السطو على المكاتب وحركة الأموال تحت حجج غير منطقية.