نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، الخميس، تحليلاً لأسباب استئناف المساعدات الأميركية لمصر، ونتائج ذلك. وترى الصحيفة أن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، ظلت لأشهر عدة، في الفترة الأخيرة، تطلب من السلطات المصرية اتخاذ خطوات الحد الأدنى من أجل تبرير استئناف المساعدات الأميركية. وتقصد بهذه الخطوات "الإفراج عن جميع الصحافيين الأجانب المعتقلين والنشطاء المؤيدين للديموقراطية".
وتنقل الصحيفة عن جنرالات في الجيش الأميركي، ووزير الخارجية جون كيري، خلال العام الحالي، أنهم لن يستطيعوا مساعدة الادارة المصرية الا إذا هي ساعدتهم بالاستجابة لمطالبهم. لكن الصحيفة تؤكد أن ما جرى هو عكس ذلك، فقد واصل النظام العسكري، بقيادة المشير عبد الفتاح السيسي، السير في المحاكمات السياسية وإعداد وتمرير قوانين جديدة مقيّدة لحرية المعارضة السياسية، بدعوى مكافحة الإرهاب.
وتشير الصحيفة إلى أن إدارة أوباما بقيت متكتّمة على ما يحدث في الكواليس، لكنها أعلنت خلال الأسبوع الماضي، أنها وافقت على إعطاء مصر 10 مروحيات "أباتشي"، بعد حجزها لمدة عام. وهذا يدلّ، وفقاً لـ"واشنطن بوست"، على أن إدارة أوباما عدلت عن موقفها الذي أعلنته سابقاً، والذي ينص على أن تسليم أنظمة الأسلحة الرئيسية يتوقف على التقدم الذي تحرزه السلطة المصرية في تشكيل حكومة مدنية منتخبة ديموقراطياً. كما أبلغت إدارة أوباما، "الكونغرس"، عزمها على إرسال مبلغ 650 مليون دولار من أصل 1.5 مليار دولار هي مقدار المعونة الأميركية لمصر، من ميزانية العام 2014، وذلك لتمويل العقود المتصلة بمكافحة الإرهاب وأمن الحدود وحظر الانتشار النووي.
وتعتبر "واشنطن بوست" أنه من الناحية القانونية، "يمكن تبرير قرارات إدارة أوباما، التي تشرف على إرسال المعونة لمصر"، ذلك أن القوانين تسمح بإرسال بعض التمويل، حتى ولو لم تكن وزارة الخارجية واثقة من أن الدول التي تتلقى المعونة، تلتزم بتنفيذ الانتقال الديموقراطي المرجوّ منها. وتؤكد الصحيفة أنه لا يمكن الدفاع عن سياسة الولايات المتحدة، لأنها، واقعياً، تعطي "نظام السيسي" الثقة، ولو ثبت أنه "النظام الأكثر قمعاً الذي عرفته مصر خلال نصف قرن من الحكم العسكري".
لذا، ليس من المستغرب أن يُواجَه استئناف المعونة بمقاومة من الحزب الديموقراطي والمعارضة على حدّ سواء، إذ أعلن رئيس اللجنة الفرعية التي تشرف على وزارة الخارجية، السناتور باتريك ليهي، أنه قام بتجميد المعونة، وسانده بذلك السناتور ليندسي، وقد كانا "على حق في ما صرّحا به"، بحسب الصحيفة. وتشير الصحيفة الأميركية إلى أنه "لم يعد بإمكان كيري مواصلة ما كان يفعله منذ حدوث الانقلاب العسكري في يوليو/ تموز الماضي، من ادعاء أن نظام السيسي سيستعيد الديموقراطية". وتتابع أن إدارة أوباما لا تزال تدّعي أنه ينبغي أن تحافظ على المصالح الأمنية الأميركية المحدودة في مصر، بما في ذلك الحفاظ على أمن قناة السويس، ومكافحة الإرهابين المرتبطين بتنظيم "القاعدة"، الموجودين في شبه جزيرة سيناء.
وتؤكد الصحيفة أن "هذا هو الغرض الأساسي من وراء إرسال المروحيات، فالجيش المصري يستخدم وبكثافة المروحيات أميركية الصنع، والتي يمتلك بالفعل عدداً منها للقتال في سيناء".
تضيف "واشنطن بوست" أن المسلحين قتلوا حوالى 350 من رجال الشرطة والجنود المسلحين في سيناء، منذ يوليو/ تموز الماضي. ولكنها تحذر من نتائج عكسية لعمليات الجيش المصري في سيناء، وتستند في ذلك إلى ما تضمّنته تقارير عدة حول أن هجمات "الأباتشي" أسفرت عن عشرات القتلى من المدنيين وتدمير المئات من المنازل.
وتلفت الصحيفة إلى أن ندرة التقارير المتخصصة حول الاحداث في سيناء، تعود إلى اعتقال الصحافيين الذين يسعون لتوثيق الاضرار. ويرى الباحث في معهد "واشنطن لسياسات الشرق الأدنى"، ديفيد شنكر، أن المروحيات الإضافية قد تزيد عدد الارهابين القتلى، وهي أيضاً "قد تزيد من دعم سكان سيناء لتنظيم القاعدة".