لم ينجز الموسيقار محمد عبد الوهاب أغنية "دارت الأيام" التي كتب كلماتها مأمون الشناوي، إلاّ بعد تعديل طفيف في الكلمات.
لحّن عبد الوهاب مقطع "وصفولي الصبر" من الأغنية على إيقاع "الفالس"، ويعدّ هذا المقطع تحديداً الأكثر روعة وإثارة للجدل من ناحية اللحن. إذ قيل إنّ لحن هذا المقطع مقتبس، الذي يُذكر أنّ أمّ كلثوم تخوّفت من غنائه في البداية. وقيل أيضاً إنّ لحن مقدّمة الأغنية مقتبس عن أغنية "يا زهرة الياسمين" الليبية.
حرص عبد الوهاب على إيقاع "الفالس"، فطلب من الشناوي إضافة مقطع "عيني على العاشقين.. حيارى مظلومين.. ع الصبر مش قادرين.." بعد مقطع "وصفولي الصبر" الفالسي. كان فخّاً جميلاً لأم كلثوم حتى تبقي للموسيقى مجالها، وترتجل بصوتها على كيفها في "ليلي يا عيني على العاشقين".
إقرأ أيضاً: تعاون الفنانين: إبداع إضافي أم مجرد مصالح؟
تجدر الإشارة هنا إلى أنّ جملة "ليلي يا عيني" في أي أغنية، تسمح للمؤدي بالارتجال، بل تدفعه للسلطنة والطرب أيضاً، ولكن ليس عند أمّ كلثوم. فهي كانت تكره جملة "يا ليل يا عين". وتعتبرها محاولة من المطربين لتسوّل الـ "آه" من الجمهور، وكان قد سبق لها انتقاد هذا الأمر أكثر من مرّة.
وكان عبد الوهاب يعرف هذا الأمر جيداً، فحمل لحنه إلى الستّ، وهو مدرك سلفاً أنّه سيواجه مشكلة معها في جملة "عيني على العاشقين". وهذا ما حصل. يروي عبد الوهاب في إحدى مقابلاته، أنّه بدأ يدندن الأغنية أمام ثومة في منزلها، وحين وصل إلى "عيني على العاشقين"، انتفضت غاضبة. رفضت أم كلثوم أن تغني المقطع، وطلبت من عبد الوهاب تعديله. ولمّا كان عبد الوهاب حريصاً على عدم تعديل التعديل أساساً، طالبها أن تحكّم أحداً بينهما.
اقترحت ثومة أن يكون الحكم أوّل الداخلين عليهما في تلك الجلسة، فضحك عبد الوهاب ورفض اقتراحها بحجة أنّ أوّل الداخلين سيكون إمّا فرداً من أفراد أسرتها، أو صديقها المقرب الشاعر أحمد رامي، وفي كلّ حال سيكون المحكّم منحازاً لها. وطلب منها تحكيم الموسيقيين خلال التمارين. وكانت لعبد الوهاب مقولة شهيرة، هي إنّ الفرقة الموسيقية التي ستعزف لحناً ما لأول مرّة، هي أخطر جمهور وأصعبه.
وتحدّث عبد الوهاب في إحدى مقابلاته التلفزيونية، أنه بناءً على الاقتراح، اجتمع مع ثومة والفرقة الموسيقية، وأدّى الأغنية أمامهم. صوّت أغلب الموسيقيون لصالح الموسيقار، الأمر الذي دفع ثومة إلى التشبث برأيها أكثر. ولتلطيف الأجواء، اقترح عبد الوهاب اقتراحاً في غاية الطرافة، وقال لأم كلثوم: "إيه رأيك تغني الأغنية، ولمّا توصلي الحتة دي، أخرج أنا للجمهور وأغنيها وأرجع؟".
اقتنعت أم كلثوم لأحقاً بـ"عيني على العاشقين"، وكي لا تكسر كلمتها ابتكرت حلاً ذكيّاً، فلم تذكر كلمة "ليلي"، واكتفت بتكرار كلمة "عيني"، أي "عيني يا عيني"، وليس "ليلي يا عيني". واعتقد عبد الوهاب أنّ ثومة ستقع في الفخ، أي أنها ستتجاوز الارتجال في مقطع "وصفولي الصبر"، فيبرز لحن "الفالس" بطريقة جلية للمستمع.
خرجت الست إلى المسرح، وألهبت القاعة والمستمعين وهي تغني مقطع "عيني على العاشقين". ظنّ عبد الوهاب أن مخططه نجح، وأنّ ثومة تجاوزت الارتجال في مقطع "وصفولي الصبر"، واكتفت بمقطع "عيني على العاشقين". لكن، أم كلثوم تدرك اللعبة جيداً. فما إن أنهت غناء مقطع "عيني على العاشقين"، حتّى عادت وغنّت المقطعين بارتجال غير مسبوق. ارتجلت ثومة في المقطع الملحن على إيقاع الفالس، وأكثر من ذلك. ارتجلت بصوتها "الآه" فقط، ومن دون باقي الكلمات.
أغنية "درات الأيام" ليست خليطاً من إبداع فحسب، بل خليطاً من مكر عبد الوهاب في اللحن، وذكاء ثومة في الغناء. الثنائي الذي قد لا نشهد تكراراً له في تاريخ الموسيقى العربية.
لحّن عبد الوهاب مقطع "وصفولي الصبر" من الأغنية على إيقاع "الفالس"، ويعدّ هذا المقطع تحديداً الأكثر روعة وإثارة للجدل من ناحية اللحن. إذ قيل إنّ لحن هذا المقطع مقتبس، الذي يُذكر أنّ أمّ كلثوم تخوّفت من غنائه في البداية. وقيل أيضاً إنّ لحن مقدّمة الأغنية مقتبس عن أغنية "يا زهرة الياسمين" الليبية.
حرص عبد الوهاب على إيقاع "الفالس"، فطلب من الشناوي إضافة مقطع "عيني على العاشقين.. حيارى مظلومين.. ع الصبر مش قادرين.." بعد مقطع "وصفولي الصبر" الفالسي. كان فخّاً جميلاً لأم كلثوم حتى تبقي للموسيقى مجالها، وترتجل بصوتها على كيفها في "ليلي يا عيني على العاشقين".
إقرأ أيضاً: تعاون الفنانين: إبداع إضافي أم مجرد مصالح؟
تجدر الإشارة هنا إلى أنّ جملة "ليلي يا عيني" في أي أغنية، تسمح للمؤدي بالارتجال، بل تدفعه للسلطنة والطرب أيضاً، ولكن ليس عند أمّ كلثوم. فهي كانت تكره جملة "يا ليل يا عين". وتعتبرها محاولة من المطربين لتسوّل الـ "آه" من الجمهور، وكان قد سبق لها انتقاد هذا الأمر أكثر من مرّة.
وكان عبد الوهاب يعرف هذا الأمر جيداً، فحمل لحنه إلى الستّ، وهو مدرك سلفاً أنّه سيواجه مشكلة معها في جملة "عيني على العاشقين". وهذا ما حصل. يروي عبد الوهاب في إحدى مقابلاته، أنّه بدأ يدندن الأغنية أمام ثومة في منزلها، وحين وصل إلى "عيني على العاشقين"، انتفضت غاضبة. رفضت أم كلثوم أن تغني المقطع، وطلبت من عبد الوهاب تعديله. ولمّا كان عبد الوهاب حريصاً على عدم تعديل التعديل أساساً، طالبها أن تحكّم أحداً بينهما.
اقترحت ثومة أن يكون الحكم أوّل الداخلين عليهما في تلك الجلسة، فضحك عبد الوهاب ورفض اقتراحها بحجة أنّ أوّل الداخلين سيكون إمّا فرداً من أفراد أسرتها، أو صديقها المقرب الشاعر أحمد رامي، وفي كلّ حال سيكون المحكّم منحازاً لها. وطلب منها تحكيم الموسيقيين خلال التمارين. وكانت لعبد الوهاب مقولة شهيرة، هي إنّ الفرقة الموسيقية التي ستعزف لحناً ما لأول مرّة، هي أخطر جمهور وأصعبه.
وتحدّث عبد الوهاب في إحدى مقابلاته التلفزيونية، أنه بناءً على الاقتراح، اجتمع مع ثومة والفرقة الموسيقية، وأدّى الأغنية أمامهم. صوّت أغلب الموسيقيون لصالح الموسيقار، الأمر الذي دفع ثومة إلى التشبث برأيها أكثر. ولتلطيف الأجواء، اقترح عبد الوهاب اقتراحاً في غاية الطرافة، وقال لأم كلثوم: "إيه رأيك تغني الأغنية، ولمّا توصلي الحتة دي، أخرج أنا للجمهور وأغنيها وأرجع؟".
اقتنعت أم كلثوم لأحقاً بـ"عيني على العاشقين"، وكي لا تكسر كلمتها ابتكرت حلاً ذكيّاً، فلم تذكر كلمة "ليلي"، واكتفت بتكرار كلمة "عيني"، أي "عيني يا عيني"، وليس "ليلي يا عيني". واعتقد عبد الوهاب أنّ ثومة ستقع في الفخ، أي أنها ستتجاوز الارتجال في مقطع "وصفولي الصبر"، فيبرز لحن "الفالس" بطريقة جلية للمستمع.
خرجت الست إلى المسرح، وألهبت القاعة والمستمعين وهي تغني مقطع "عيني على العاشقين". ظنّ عبد الوهاب أن مخططه نجح، وأنّ ثومة تجاوزت الارتجال في مقطع "وصفولي الصبر"، واكتفت بمقطع "عيني على العاشقين". لكن، أم كلثوم تدرك اللعبة جيداً. فما إن أنهت غناء مقطع "عيني على العاشقين"، حتّى عادت وغنّت المقطعين بارتجال غير مسبوق. ارتجلت ثومة في المقطع الملحن على إيقاع الفالس، وأكثر من ذلك. ارتجلت بصوتها "الآه" فقط، ومن دون باقي الكلمات.
أغنية "درات الأيام" ليست خليطاً من إبداع فحسب، بل خليطاً من مكر عبد الوهاب في اللحن، وذكاء ثومة في الغناء. الثنائي الذي قد لا نشهد تكراراً له في تاريخ الموسيقى العربية.