31 أكتوبر 2024
"30 يونيو" وقسمة التمور
الآن، وفي موسم جمع التمور، تأتي القسمة، ويأتي كل صاحب نخلٍ، فمن سقى، ومن لقّح، ومن حرس، ومن جنى، ومن يتذكّر حق الأرامل، حتى في البلاد والقرى المجاورة، ومن يتذكّر حتى حقوق الأيتام والمسافرين. في مصر، بعد ثلاث سنوات وشهرين، نشهد الآن فوق سطح المشهد، من دون مواربة، "عيطة" القسمة بين الأطراف. بدأت القسمة، وبدأ الزعل، وصدق غاندي حينما قال: كثيرون حول السلطة، قليلون حول الوطن. فهل نقول نحن: قليلون حول النخل، كثيرون حول التمر، في يوم قسمة التمور.
ها هم النوبيون، يلوّحون لعبد الفتاح السيسي علناً بحق العودة إلى ديارهم ونخيلهم وملاعب طفولتهم، وإلا اضطروا إلى (تدويل) قضيتهم. وفي الليلة نفسها تقريبا، أعلنت الكنائس المصرية رفضها القاطع قانون بناء الكنائس وترميمها. واعتبروا القانون يحضّ، بشكل واضح، على الفتنة الطائفية، وقالوا إن حصتهم في بناء الكنائس يحدّدها القانون، ولا يتدخل فيها الأمن، ولا الجغرافيا، ولا محافظ الإقليم، كي يستغل، فيما بعد، بشكل لئيم من السلطات والعامة (مثل قميص عثمان)، في إشعال الفتن (وإسكاتنا عن حقوقنا)، خصوصاً وأن الأيام الأخيرة شهدت مقدمات واضحة جداً تؤكد لهم مخاوفهم.
وفي اليوم التالي مباشرة، أعلن السلفيون، شركاء "30 يونيو" أيضاً من أول يوم في الدم والبرلمان وثريد المجالس، وأصحاب دعوة "ودية مسلمة إلى أهله"، أنهم لن يشاركوا في انتخابات المحليات التي باتت على الأبواب، بحجة أن الانتخابات البرلمانية السابقة كان فيها "خلل وتجاوز"، وأعلنوا المقاطعة. حتى الكنائس، أيضاً، كان من أسباب رفضها القانون الذي يخص كنائسهم "بأنه يحاول بطريقة ملتوية أن يرضي السلفيين". ماذا سيكون ردّ السلفيين، بعد المقاطعة، لو جاء قانون بناء الكنائس المحتمل، خلال أيام، خالياً من المنغصات الأمنية، وأغضبهم بالفعل؟ خصوصاً وأنت أمام وضع اقتصادي (عريان) للعيان، ولا يحتاج لأية تأويلات؟.
لاحظ أن القوات المسلحة أخذت نصيبها من التمور، قبل أن تصل السبائط إلى الأرض، وقبل أن يصل أصحاب القسمة، وأخذوها مضاعفة، لأن القانون معهم والمشرّع عندهم ومجلس الشعب (في بيتهم)، والأختام أختامهم، والشهود معهم. وعلى من يريد أن يتظلم أن يلجأ إلى القضاء، وبكل تأكيد القضاء معهم، وهذا ما يخيف الجميع، ويجعلهم على قناعةٍ داخليةٍ بأن نصيبهم من التمر، إن لم يرفعوه، سوف يذهب إلى غيرهم، والشعب، في النهاية سيد نفسه، كالبرلمان تماماً. وعليه، يجب أن يرضي أصحاب الأحزاب والنوادي الاجتماعية والنقابات بما تم وضعه في الزكائب من تمور لهم، وإلا أطلقوا عليهم شعبان عبد الرحيم وكلابه وموسيقاه وأغانيه، وأطلقوا عليه أيضا سما المصري وعزمي مجاهد، لأن الوطن في خطر، ولا يحتاج إلى مناكفات، حتى وإن جعنا ولم نأكل.
أما الصحافيون، فما زالوا في انتظار قانونهم (ما زال في العلب منذ سنوات)، مثل سيناريوهات إبراهيم عيسىى التي اشتراها المنتجون، وتعطلت بسبب الأعياد وتفاهات سينما السبكي، لأنها دسمة وتخاطب العقل، والعقل في غياب منذ سنوات.
في هذا المشهد، مشهد قسمة التمور، يبقى شيء أخير، ومهم جداً، وغالباً يأتي بعد القسمة، قسمة التمور بشهور، وهو "يوم الشريطة"، وهو مصطلح بيئي عماني محض، هو يوم (طهارة) النخل من الجريد والليف، وفيه، كما يقول المثل العماني القديم: لا يملأ الليف عين الطمّاع، كما يقال: "في يوم الشريطة، وما شبعان من الليف؟"، فهل استعد السيسي لهذا اليوم، بعدما ملأ زكائب جيشه بالرز والبلح؟
أسئلة كثيرة على الأبواب، والوطن في أزمة حقيقية، والشركاء يتأملون نصيبهم من التركة. والجنرال، مرة يشتري سفينة، ومرة يشتري طائرة، ولا يريد أن يعترف بالعجز في إدارة البلاد، وجميعنا في خطر.
ها هم النوبيون، يلوّحون لعبد الفتاح السيسي علناً بحق العودة إلى ديارهم ونخيلهم وملاعب طفولتهم، وإلا اضطروا إلى (تدويل) قضيتهم. وفي الليلة نفسها تقريبا، أعلنت الكنائس المصرية رفضها القاطع قانون بناء الكنائس وترميمها. واعتبروا القانون يحضّ، بشكل واضح، على الفتنة الطائفية، وقالوا إن حصتهم في بناء الكنائس يحدّدها القانون، ولا يتدخل فيها الأمن، ولا الجغرافيا، ولا محافظ الإقليم، كي يستغل، فيما بعد، بشكل لئيم من السلطات والعامة (مثل قميص عثمان)، في إشعال الفتن (وإسكاتنا عن حقوقنا)، خصوصاً وأن الأيام الأخيرة شهدت مقدمات واضحة جداً تؤكد لهم مخاوفهم.
وفي اليوم التالي مباشرة، أعلن السلفيون، شركاء "30 يونيو" أيضاً من أول يوم في الدم والبرلمان وثريد المجالس، وأصحاب دعوة "ودية مسلمة إلى أهله"، أنهم لن يشاركوا في انتخابات المحليات التي باتت على الأبواب، بحجة أن الانتخابات البرلمانية السابقة كان فيها "خلل وتجاوز"، وأعلنوا المقاطعة. حتى الكنائس، أيضاً، كان من أسباب رفضها القانون الذي يخص كنائسهم "بأنه يحاول بطريقة ملتوية أن يرضي السلفيين". ماذا سيكون ردّ السلفيين، بعد المقاطعة، لو جاء قانون بناء الكنائس المحتمل، خلال أيام، خالياً من المنغصات الأمنية، وأغضبهم بالفعل؟ خصوصاً وأنت أمام وضع اقتصادي (عريان) للعيان، ولا يحتاج لأية تأويلات؟.
لاحظ أن القوات المسلحة أخذت نصيبها من التمور، قبل أن تصل السبائط إلى الأرض، وقبل أن يصل أصحاب القسمة، وأخذوها مضاعفة، لأن القانون معهم والمشرّع عندهم ومجلس الشعب (في بيتهم)، والأختام أختامهم، والشهود معهم. وعلى من يريد أن يتظلم أن يلجأ إلى القضاء، وبكل تأكيد القضاء معهم، وهذا ما يخيف الجميع، ويجعلهم على قناعةٍ داخليةٍ بأن نصيبهم من التمر، إن لم يرفعوه، سوف يذهب إلى غيرهم، والشعب، في النهاية سيد نفسه، كالبرلمان تماماً. وعليه، يجب أن يرضي أصحاب الأحزاب والنوادي الاجتماعية والنقابات بما تم وضعه في الزكائب من تمور لهم، وإلا أطلقوا عليهم شعبان عبد الرحيم وكلابه وموسيقاه وأغانيه، وأطلقوا عليه أيضا سما المصري وعزمي مجاهد، لأن الوطن في خطر، ولا يحتاج إلى مناكفات، حتى وإن جعنا ولم نأكل.
أما الصحافيون، فما زالوا في انتظار قانونهم (ما زال في العلب منذ سنوات)، مثل سيناريوهات إبراهيم عيسىى التي اشتراها المنتجون، وتعطلت بسبب الأعياد وتفاهات سينما السبكي، لأنها دسمة وتخاطب العقل، والعقل في غياب منذ سنوات.
في هذا المشهد، مشهد قسمة التمور، يبقى شيء أخير، ومهم جداً، وغالباً يأتي بعد القسمة، قسمة التمور بشهور، وهو "يوم الشريطة"، وهو مصطلح بيئي عماني محض، هو يوم (طهارة) النخل من الجريد والليف، وفيه، كما يقول المثل العماني القديم: لا يملأ الليف عين الطمّاع، كما يقال: "في يوم الشريطة، وما شبعان من الليف؟"، فهل استعد السيسي لهذا اليوم، بعدما ملأ زكائب جيشه بالرز والبلح؟
أسئلة كثيرة على الأبواب، والوطن في أزمة حقيقية، والشركاء يتأملون نصيبهم من التركة. والجنرال، مرة يشتري سفينة، ومرة يشتري طائرة، ولا يريد أن يعترف بالعجز في إدارة البلاد، وجميعنا في خطر.