لم يعد سراً أن كنوز سورية والعراق من التحف والآثار باتت تُباع وتُشترى في أسواق لندن وغيرها من المدن الغربية، ولم يعد سراً أن بيع الآثار بات مصدراً من مصادر تمويل الإرهاب مثل النفط المسروق وخطف الرهائن والتجارة بالبشر. ولم يعد سراً أن تباع آثار سورية والعراق في شوارع لندن ومتاجرها، وقد سبق لصحف غربية وبريطانية أن نقلت عن خبراء في مجال مكافحة تهريب الآثار أن عصابات "داعش" باعت أكثر من 100 قطعة أثرية منهوبة من سورية والعراق بعد تهريبها إلى بريطانيا. وأجمعت التقارير الصحافية الكثيرة التي تناولت الموضوع على أن عصابات "داعش" في العراق وسورية تجمع الأموال الطائلة من خلال بيع القطع الأثرية النادرة لمهربي الآثار في بريطانيا وغيرها من الدول الأوروبية، موضحة أن تلك القطع تتضمّن نقوداً ذهبية وفضية تعود إلى العصر البيزنطي، فضلًا عن قطع فخارية وزجاجية رومانية تصل قيمتها إلى مئات الآلاف من الدولارات. وبحسب خبراء، فإن عمليات التهريب تتمّ عبر طرق في تركيا أو الأردن ولبنان، معروفة لمهربي الآثار وتجار السلاح والمخدرات.
أستاذ الآثار في جامعة لندن، مارك الطويل، قال لـ"ملحق الثقافة": "ليس صعباً أو مستغرباً أن تجد بعضاً من حضارة سورية معروضة في متاجر لندن، فالسوق السوداء ورفوف متاجر "الأنتيك" باتت تغصّ بعشرات القطع الأثرية التي جاء بها المهرّبون من تدمر ونمرود. وتكشف عملية بحث بسيطة عن أعداد غير قليلة من القطع الأثرية المهربة من شرق سورية وشمال العراق، والمعروضة في متاجر لندن بين تحف أخرى".
وقال الطويل، إنه توقع الكثير من التحدّيات عندما فكّر بالبحث عن الآثار السورية والعراقية المهربة الى الأسواق البريطانية، لكنه فوجئ بعكس ذلك، إذ إن هذه القطع ذات السمات المميّزة، وإن تعمّد التجار إخفاءها، أو كانوا غير عارفين بحقيقة مصدرها، إلا أنها سرعان ما تكشف عن هويتها، لأنها لا يمكن أن تنتمي لأي مكان في العالم سوى مواطنها الأصلية التي بات يسيطر عليها "داعش" في سورية والعراق. وأوضح الطويل أن بائعي التحف الغربيين يتهربون من إعطاء إجابات واضحة حول مصدر هذه القطع الأثرية التي يبيعونها، كما أنهم لا يمتلكون أي وثائق قانونية تبيّن كيفية الحصول عليها. أي شهادة المنشأ. وكشف علماء آثار بريطانيون في مارس/ آذار الماضي أن أكثر من مئة قطعة أثرية وتحفة فنية قام تنظيم "داعش" الإرهابي بسرقتها من سورية وصلت إلى بريطانيا بعد تهريبها بطريقة ما وتم بيعها في السوق البريطانية من أجل تمويل الجرائم الإرهابية التي يرتكبها التنظيم.
وأكّد خبير الآثار الأميركي، مارك الطويل، أن التحف والقطع الأثرية التي تنهبها وتهرّبها التنظيمات الإرهابية، وفي مقدمتها "داعش"، من سورية تباع حالياً في أسواق بريطانيا وغيرها من الدول الأوروبية، حيث يعمل الإرهابيون من خلال شبكات منظّمة على سرقة هذه الآثار وتهريبها إلى أوروبا من دون تعرّضهم للمساءلة أو الحساب. مشيرًا إلى أن التحف والقطع الأثرية المختلفة التي تصل إلى الأسواق البريطانية، هي في الغالب صغيرة الحجم، بحيث يمكن تهريبها في حقائب السفر العادية، وتضمّ التماثيل الصغيرة والأواني والعظام جاءت من مواقع معينة في سورية أو العراق.
حديث أستاذ الآثار العراقي الأصل، الأميركي الجنسية، يكشف عن حجم عمليات السرقة والنهب التي تتعرض لها كنوز سورية والعراق، التي وصفتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) بـ"الصناعة" وأحد الوجوه الأكثر بشاعة للصراع المدمّر في منطقة بلاد ما بين النهرين، مهد الحضارة، وحيث أقام الإنسان أولى المدن، التي باتت مهدًا لكنوز الحضارات المتعاقبة من العصور الرومانية واليونانية والبيزنطية وصولاً الى العصور الإسلامية. ورغم تشكك البعض في دقة التقارير الإعلامية التي تشير الى أن تجارة الآثار تشكّل ثاني أكبر مصدر للدخل للمجموعات الإرهابية بعد مبيعات النفط، إلا أن المؤكد أن "داعش" جنى الكثير من الأموال من بيع الآثار المنهوبة، ما جعله التنظيم الإرهابي الأغنى ماليًا في العالم.
وكشف تحقيق مفصّل أجرته صحيفة "صنداي تليغراف"، أن "داعش" أعلن عن إنشاء وزارة للآثار، ولكن على نقيض أي وزارة للآثار فى دول العالم، تعمل على حماية الآثار والتحف التاريخية والفنية، فإن وزارة "داعش" للآثار تعمل على تهريب وبيع الآثار والكنوز التاريخية في العراق وسورية للحصول على عائداتها التي باتت مصدراً يدرّ عشرات ملايين الدولارات للتنظيم الإرهابي، يضاهي الأموال التي يحصل عليها جراء الفدية المدفوعة عن الرهائن الغربيين. وأكدت الصحيفة أنها حصلت على تراخيص تحمل أسم تنظيم "داعش"، صادرة عمّا يسمى وزارات الآثار فى المدن السورية، حلب ودير الزور، تسمح بالتنقيب عن الآثار مقابل المال.
اقرأ أيضاً: تدمير الآثار في العراق وسورية غير مسبوق
ولا يقتصر بيع المسروقات من الآثار السورية والعراقية على الأسواق التقليدية، بل صار التجار يعرضون هذه التحف الثمينة على مواقع التسوّق في الشبكة الإلكترونية، فقد كشفت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، قبل أشهر، عن قيام "داعش" بعرض الآثار التي نهبها من المواقع العراقية والسورية في موقع "eBay" للتجارة الالكترونية. وقالت الصحيفة إن "مسلحي تنظيم داعش عرضوا قطعاً أثرية سرقوها من مواقع أثرية في سورية والعراق، تعود إلى عصور ما قبل الميلاد، للبيع في الموقع المذكور، مشيرة إلى أن "الآثار اشتملت على حلي ذهبية وقطع نقود معدنية وخزفيات، نُهبت من أماكن تقع تحت سيطرة داعش، وقد شقّت طريقها عبر مجاميع إجرامية قبل أن ينتهي بها الحال في دول الخليج ومن ثمّ على المواقع التجارية العالمية على شبكة الإنترنت". وأضافت الصحيفة أن "قطعتي نقود تعودان للعهد اليوناني القديم من حضارة أفاميا في غربي سورية، قد ظهرتا على موقع eBay للخدمات التجارية بسعر 85 دولاراً و120 دولاراً لكليهما"، مبيّنة أن "عدد القطع التي هرّبت من المواقع الأثرية في العراق وسورية وصل إلى أرقام ضخمة، ما أدى إلى هبوط أسعارها في السوق بنحو كبير".
وعن جهود العالم لوقف هذا النزيف الحضاري لكنوز العراق وسورية، يقول الباحث في المركز الاسكتلندي لبحوث الجريمة والعدالة (SCCJR) في جامعة غلاسكو، نيل برودي، إن محاولات التصدّي لهذه الجرائم لا تزال غير فعّالة بسبب غياب تضافر الجهود وفي ظلّ غياب استراتيجيات منسّقة. ويتفق ذلك مع حديث نائبة مدير إدارة التراث في منظمة "اليونسكو"، ميشتلت روسلر، التي أكّدت أن المشاهد المصورة التي أظهرت نهب تنظيم "داعش" لمدينة نمرود الآشورية القديمة وتحطيم آثار تماثيل مدينة الموصل بالعراق، ثمّ السيطرة على مدينة تدمر الأثرية في سورية، تؤكّد عجز العالم عن إنقاذ أنفس كنوز العالم الأثرية. وقالت روسلر، التي شهدت خلال فترة عملها تدمير جسر موستار التاريخي في البوسنة الذي يرجع إلى العصر العثماني على أيدي القوات الكرواتية، كما شهدت نسف قوات طالبان لتمثالي بوذا في باميان بأفغانستان، عام 2001: "الوضع في سورية والعراق لم يسبق له مثيل". أما الدكتور مارك الطويل، فيرى أن السبيل الأمثل لوقف الاعتداء على الآثار في سورية والعراق، لا يكون إلا بتدخل المجتمع الدولي لوقف الصراع والاقتتال في الدولتين، وطالما استمر الصراع، سوف يستمرّ نهب الآثار، لا سيما مع تزايد الطلب على هذه القطع النادرة، التي غالبًا ما يخفيها التجار لسنوات طويلة قبل إعادة بيعها مجدداً.
ورغم مصادقة نحو مائة وثلاثين دولة من أعضاء اليونسكو، البالغ عددهم مائة وخمسة وتسعين دولة، على أبرز اتفاقيات المنظمة لعام 1970 والتي تهدف لمنع التجارة السرية في الآثار، إلا أن دولتين فقط هما الولايات المتحدة وسويسرا تنفذان الاتفاقية مباشرة، حسب نائبة مدير إدارة التراث في منظمة "اليونسكو"، ميشتلت روسلر. وفي حين أن قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الصادر في فبراير/ شباط الماضي بشأن سورية يحظر تصدير الآثار، فلم تتخذ دول خطوات لحظر كلّ مبيعات الآثار السورية والعراقية، باستثناء مشروع القانون الذي اعتمده مجلس النواب الأميركي الشهر الماضي ويقضي بمنع تنظيم "داعش" من الاستفادة من بيع الآثار المسروقة من المناطق التي سيطر عليها في سورية. ويضع القانون الجديد، الذي سيضاف إلى قانون مشابه أقرّه الكونغرس قبل سنوات لمنع الاستفادة من بيع الآثار المسروقة من العراق، قيودًا على الواردات الأميركية من القطع الأثرية. ويعتقد المشرّعون أن القانون سيحدّ من عمليات تفجير وتخريب المواقع الأثرية التي يقوم بها عناصر "داعش" بغية بيع بقاياها في السوق السوداء.
وقال إليوت إنغل، عضو لجنة الشؤون الخارجية في المجلس، إن القانون يعالج مسألة توفير التمويل لـ"داعش" وتنظيمات متشدّدة أخرى، للقيام بتخريب المواقع الأثرية عن قصد ومحاولة إعادة كتابة تاريخ العالم. وقال إنه يهدف أيضًا إلى الحفاظ على التاريخ الثقافي العالمي المعرّض للخطر. وقال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، الجمهوري إيد رويس، إن "داعش" يحقق عائدات سنوية تبلغ نحو مائة مليون دولار من بيع القطع الأثرية، مشيرًا إلى أن القانون الجديد يهدف إلى وقف ما وصفه، بالهجوم المستمر على الحضارة الإنسانية.
أستاذ الآثار في جامعة لندن، مارك الطويل، قال لـ"ملحق الثقافة": "ليس صعباً أو مستغرباً أن تجد بعضاً من حضارة سورية معروضة في متاجر لندن، فالسوق السوداء ورفوف متاجر "الأنتيك" باتت تغصّ بعشرات القطع الأثرية التي جاء بها المهرّبون من تدمر ونمرود. وتكشف عملية بحث بسيطة عن أعداد غير قليلة من القطع الأثرية المهربة من شرق سورية وشمال العراق، والمعروضة في متاجر لندن بين تحف أخرى".
وقال الطويل، إنه توقع الكثير من التحدّيات عندما فكّر بالبحث عن الآثار السورية والعراقية المهربة الى الأسواق البريطانية، لكنه فوجئ بعكس ذلك، إذ إن هذه القطع ذات السمات المميّزة، وإن تعمّد التجار إخفاءها، أو كانوا غير عارفين بحقيقة مصدرها، إلا أنها سرعان ما تكشف عن هويتها، لأنها لا يمكن أن تنتمي لأي مكان في العالم سوى مواطنها الأصلية التي بات يسيطر عليها "داعش" في سورية والعراق. وأوضح الطويل أن بائعي التحف الغربيين يتهربون من إعطاء إجابات واضحة حول مصدر هذه القطع الأثرية التي يبيعونها، كما أنهم لا يمتلكون أي وثائق قانونية تبيّن كيفية الحصول عليها. أي شهادة المنشأ. وكشف علماء آثار بريطانيون في مارس/ آذار الماضي أن أكثر من مئة قطعة أثرية وتحفة فنية قام تنظيم "داعش" الإرهابي بسرقتها من سورية وصلت إلى بريطانيا بعد تهريبها بطريقة ما وتم بيعها في السوق البريطانية من أجل تمويل الجرائم الإرهابية التي يرتكبها التنظيم.
وأكّد خبير الآثار الأميركي، مارك الطويل، أن التحف والقطع الأثرية التي تنهبها وتهرّبها التنظيمات الإرهابية، وفي مقدمتها "داعش"، من سورية تباع حالياً في أسواق بريطانيا وغيرها من الدول الأوروبية، حيث يعمل الإرهابيون من خلال شبكات منظّمة على سرقة هذه الآثار وتهريبها إلى أوروبا من دون تعرّضهم للمساءلة أو الحساب. مشيرًا إلى أن التحف والقطع الأثرية المختلفة التي تصل إلى الأسواق البريطانية، هي في الغالب صغيرة الحجم، بحيث يمكن تهريبها في حقائب السفر العادية، وتضمّ التماثيل الصغيرة والأواني والعظام جاءت من مواقع معينة في سورية أو العراق.
حديث أستاذ الآثار العراقي الأصل، الأميركي الجنسية، يكشف عن حجم عمليات السرقة والنهب التي تتعرض لها كنوز سورية والعراق، التي وصفتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) بـ"الصناعة" وأحد الوجوه الأكثر بشاعة للصراع المدمّر في منطقة بلاد ما بين النهرين، مهد الحضارة، وحيث أقام الإنسان أولى المدن، التي باتت مهدًا لكنوز الحضارات المتعاقبة من العصور الرومانية واليونانية والبيزنطية وصولاً الى العصور الإسلامية. ورغم تشكك البعض في دقة التقارير الإعلامية التي تشير الى أن تجارة الآثار تشكّل ثاني أكبر مصدر للدخل للمجموعات الإرهابية بعد مبيعات النفط، إلا أن المؤكد أن "داعش" جنى الكثير من الأموال من بيع الآثار المنهوبة، ما جعله التنظيم الإرهابي الأغنى ماليًا في العالم.
وكشف تحقيق مفصّل أجرته صحيفة "صنداي تليغراف"، أن "داعش" أعلن عن إنشاء وزارة للآثار، ولكن على نقيض أي وزارة للآثار فى دول العالم، تعمل على حماية الآثار والتحف التاريخية والفنية، فإن وزارة "داعش" للآثار تعمل على تهريب وبيع الآثار والكنوز التاريخية في العراق وسورية للحصول على عائداتها التي باتت مصدراً يدرّ عشرات ملايين الدولارات للتنظيم الإرهابي، يضاهي الأموال التي يحصل عليها جراء الفدية المدفوعة عن الرهائن الغربيين. وأكدت الصحيفة أنها حصلت على تراخيص تحمل أسم تنظيم "داعش"، صادرة عمّا يسمى وزارات الآثار فى المدن السورية، حلب ودير الزور، تسمح بالتنقيب عن الآثار مقابل المال.
اقرأ أيضاً: تدمير الآثار في العراق وسورية غير مسبوق
ولا يقتصر بيع المسروقات من الآثار السورية والعراقية على الأسواق التقليدية، بل صار التجار يعرضون هذه التحف الثمينة على مواقع التسوّق في الشبكة الإلكترونية، فقد كشفت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، قبل أشهر، عن قيام "داعش" بعرض الآثار التي نهبها من المواقع العراقية والسورية في موقع "eBay" للتجارة الالكترونية. وقالت الصحيفة إن "مسلحي تنظيم داعش عرضوا قطعاً أثرية سرقوها من مواقع أثرية في سورية والعراق، تعود إلى عصور ما قبل الميلاد، للبيع في الموقع المذكور، مشيرة إلى أن "الآثار اشتملت على حلي ذهبية وقطع نقود معدنية وخزفيات، نُهبت من أماكن تقع تحت سيطرة داعش، وقد شقّت طريقها عبر مجاميع إجرامية قبل أن ينتهي بها الحال في دول الخليج ومن ثمّ على المواقع التجارية العالمية على شبكة الإنترنت". وأضافت الصحيفة أن "قطعتي نقود تعودان للعهد اليوناني القديم من حضارة أفاميا في غربي سورية، قد ظهرتا على موقع eBay للخدمات التجارية بسعر 85 دولاراً و120 دولاراً لكليهما"، مبيّنة أن "عدد القطع التي هرّبت من المواقع الأثرية في العراق وسورية وصل إلى أرقام ضخمة، ما أدى إلى هبوط أسعارها في السوق بنحو كبير".
وعن جهود العالم لوقف هذا النزيف الحضاري لكنوز العراق وسورية، يقول الباحث في المركز الاسكتلندي لبحوث الجريمة والعدالة (SCCJR) في جامعة غلاسكو، نيل برودي، إن محاولات التصدّي لهذه الجرائم لا تزال غير فعّالة بسبب غياب تضافر الجهود وفي ظلّ غياب استراتيجيات منسّقة. ويتفق ذلك مع حديث نائبة مدير إدارة التراث في منظمة "اليونسكو"، ميشتلت روسلر، التي أكّدت أن المشاهد المصورة التي أظهرت نهب تنظيم "داعش" لمدينة نمرود الآشورية القديمة وتحطيم آثار تماثيل مدينة الموصل بالعراق، ثمّ السيطرة على مدينة تدمر الأثرية في سورية، تؤكّد عجز العالم عن إنقاذ أنفس كنوز العالم الأثرية. وقالت روسلر، التي شهدت خلال فترة عملها تدمير جسر موستار التاريخي في البوسنة الذي يرجع إلى العصر العثماني على أيدي القوات الكرواتية، كما شهدت نسف قوات طالبان لتمثالي بوذا في باميان بأفغانستان، عام 2001: "الوضع في سورية والعراق لم يسبق له مثيل". أما الدكتور مارك الطويل، فيرى أن السبيل الأمثل لوقف الاعتداء على الآثار في سورية والعراق، لا يكون إلا بتدخل المجتمع الدولي لوقف الصراع والاقتتال في الدولتين، وطالما استمر الصراع، سوف يستمرّ نهب الآثار، لا سيما مع تزايد الطلب على هذه القطع النادرة، التي غالبًا ما يخفيها التجار لسنوات طويلة قبل إعادة بيعها مجدداً.
ورغم مصادقة نحو مائة وثلاثين دولة من أعضاء اليونسكو، البالغ عددهم مائة وخمسة وتسعين دولة، على أبرز اتفاقيات المنظمة لعام 1970 والتي تهدف لمنع التجارة السرية في الآثار، إلا أن دولتين فقط هما الولايات المتحدة وسويسرا تنفذان الاتفاقية مباشرة، حسب نائبة مدير إدارة التراث في منظمة "اليونسكو"، ميشتلت روسلر. وفي حين أن قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الصادر في فبراير/ شباط الماضي بشأن سورية يحظر تصدير الآثار، فلم تتخذ دول خطوات لحظر كلّ مبيعات الآثار السورية والعراقية، باستثناء مشروع القانون الذي اعتمده مجلس النواب الأميركي الشهر الماضي ويقضي بمنع تنظيم "داعش" من الاستفادة من بيع الآثار المسروقة من المناطق التي سيطر عليها في سورية. ويضع القانون الجديد، الذي سيضاف إلى قانون مشابه أقرّه الكونغرس قبل سنوات لمنع الاستفادة من بيع الآثار المسروقة من العراق، قيودًا على الواردات الأميركية من القطع الأثرية. ويعتقد المشرّعون أن القانون سيحدّ من عمليات تفجير وتخريب المواقع الأثرية التي يقوم بها عناصر "داعش" بغية بيع بقاياها في السوق السوداء.
وقال إليوت إنغل، عضو لجنة الشؤون الخارجية في المجلس، إن القانون يعالج مسألة توفير التمويل لـ"داعش" وتنظيمات متشدّدة أخرى، للقيام بتخريب المواقع الأثرية عن قصد ومحاولة إعادة كتابة تاريخ العالم. وقال إنه يهدف أيضًا إلى الحفاظ على التاريخ الثقافي العالمي المعرّض للخطر. وقال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، الجمهوري إيد رويس، إن "داعش" يحقق عائدات سنوية تبلغ نحو مائة مليون دولار من بيع القطع الأثرية، مشيرًا إلى أن القانون الجديد يهدف إلى وقف ما وصفه، بالهجوم المستمر على الحضارة الإنسانية.