آخر نص نمت فيه

"البيت مكان ينطلق منه أحدنا"
لورانس فرلنغيتي

لا أملك بيتاً
كل يوم أسكن النص الذي يتاح لي
أحيانا يتم طردي في منتصف النص أو الليل
في مرّات نادرة نمت في نصوص باذخة ذات شرفات كبيرة، في مرّات أُخرى نمت في نصوص معتمة تحت الأرض
نمت في نصوص مليئة بالجثث واللصوص
نمت في نصوص مليئة بالثلج والبرد
نمت في نصوص مليئة بالرمال والسحالي
نمت في نصوص مليئة بالجيتارات
والقطارات الذاهبة إلى جبال الألب
نمت في نصوص مليئة بالكنوز والنسور الذهبية
نمت في نصوص مليئة بآلاف الغرف بدون أبواب
نمت في نصوص استمنائيين وعاجزين
نمت في نصوص عامرة بالأرداف والملابس الداخلية
نمت في نصوص مليئة بالغابات وأشجار السرو
نمت في نصوص مفتوحة على حقول الفستق
نمت في نصوص مخمورين مليئة بالبول والسجائر
نمت في نصوص غنوصيين يحاولون حشر الكون في جيوب معاطفهم
نمت في نصوص كتبتْ في حقول الذرة والقطن
نمت في نصوص حلوة مليئة بقصب السكّر
نمت في نصوص موحشة مليئة بتمجيد الطغاة
نمت في نصوص مليئة بالمطاط البلجيكي وأطراف عبيد مقطوعة
نمت في نصوص مليئة بالفولاذ
نمت في نصوص مليئة بالقنابل والألغام
نمت في نصوص فارغة مليئة بالبياض والنقط
نمت في نصوص مليئة بالمرايا وكان وجهي يخيفني
نمت في نصوص مليئة بالغرباء والمقتلعين من أوطانهم
نمت في نصوص مليئة بالطائرات والمطارات
نمت في نصوص لا يوجد فيها رغيف خبز
نمت في نصوص ثوار عالميين أرادوا خلق العالم من فوهات بنادقهم
نمت في نصوص ملغمة بالمجانين بالآلهة القديمة وأنصاف الآلهة
نمت في نصوص فيها ديناصور نائم، لم يفلح أحد في إيقاظه
نمت في نصوص مليئة باللحم والطعام
نمت في نصوص شعراء انتحاريين
نمت في نصوص محظورة يطاردها رجال البوليس
نمت في نصوص سجناء
نمت في نصوص مرضى السرطان
نمت في نصوص المشرّدين في أقبية
عمارات نيويورك
نمت في نصوص آراغون ولم تعجبني
عيون إلزا
نمت في نصوص مقاتلين يساريين في الحرب الأهلية الإسبانية
نمت في نصوص محمود درويش أثناء حصار بيروت
نمت مكبوتاً في نصوص نزار قباني ولم أعثر على طفولة ولا شيخوخة نهد
نمت في نصوص سركون بولص ورأيته
يخرج من خيمته حاملاً فانوسه في ليل الذئاب ليلقي عظمة لشيخ القبيلة
نمت في نصوص سعدي يوسف أثناء نقله في القطار إلى سجن نقرة السلمان.
آخر نص نمت فيه ولم أستيقظ بعدها نص ليس فيه رائحة إنسان.

* شاعر فلسطيني أردني مقيم في نيكاراغوا