وجد أبو غسان، وهو المسؤول عن عائلة كبيرة، مكاناً لنفسه في مسيرات العودة، مع دور حاسم بالنسبة إلى الشبان على الحدود، إذ يحمل إليهم ماء الشرب
يوم الجمعة، أصبح بالنسبة للمواطن الفلسطيني، أبو غسان المملوك، غير كلّ الأيام التي يستخدم فيها التوك توك صباحاً لنقل الخضر من الأراضي الزراعية إلى سوق فراس وسط مدينة غزة، أو يستخدمه في نقل البضائع المختلفة طوال النهار. يوم الجمعة يخصصه حصراً لمسيرات العودة. يعتبره يوماً وطنياً يساند فيه الشبان على الحدود بماء الشرب، بالإضافة إلى نشاطه الجزئي في بقية أيام الأسبوع.
وائل ديب المملوك (أبو غسان) من سكان مدينة غزة في حي الزيتون، يبلغ من العمر 45 عاماً. يعاني من الظروف الاقتصادية الصعبة، إذ تقلصت منذ بداية العام طلبات النقليات على التوك توك، إلى أقل من النصف. أب لسبعة أبناء، يعيش في منزل مستأجر، ويتأخر في السداد أحياناً.
شارك أبو غسان في مسيرات العودة يوم الجمعة 30 مارس/ آذار الماضي. وعندما اقترب بالتوك توك من الحدود كان دخان الإطارات المطاطية يتصاعد أكثر، بينما يهتف الشبان بحرارة. بعدها، بدأ جنود الاحتلال بإطلاق الرصاص والقنابل الحارقة والمسيلة للدموع، فتمكن أبو غسان من نقل مصاب بالتوك توك.
عاد أبو غسان بعد نقل المصاب، إلى الشبان محملاً هذه المرة بزجاجات مياه جمعها من بعض الأهالي المتواجدين في خيام العودة. وعندها وجد نفسه على مدار أكثر من 6 ساعات ينقل المياه للشبان على الحدود.
اقــرأ أيضاً
يقول لـ"العربي الجديد": "أنا ربّ عائلة وأخاف على أبنائي، وأخاف أيضاً على مصدر رزقي الوحيد التوك توك، لكن كلّ من يأتي إلى الحدود تتعزز لديه مشاعر الوطنية أكثر خصوصاً عندما يشاهد جميع الناس متفقين على حق العودة، بعدما وصلت بنا الحال إلى الفقر الشديد، إذ لا أمل نلاحقه الآن غير حق العودة. شعرت بسعادة داخلية عندما كنت أقدم المياه إلى الشبان الثائرين على الحدود، وقررت المواصلة".
منذ يوم الأرض، نظم أبو غسان وقته بشكل مختلف، ففي الأيام العادية، يعمل في الصباح بالنقليات، ثم يعود عند العصر ليحمل زجاجات المياه إلى الشبان على الحدود، متطوعاً ومن دون أن يحمّلهم أيّ ثمن. بعدما شاهده أصدقاؤه، تطوع اثنان منهم ليساندوه في العمل الخيري. أما في يوم الجمعة فيرفض العمل بالنقليات تماماً، فيستيقظ منذ ساعات الصباح الأولى ليحضّر نفسه ويرافق من هم في خيام العودة والحدود لتزويدهم بالماء حتى نهاية النهار.
يحضر أبو غسان الزجاجات البلاستيكية من منزله وبعض منازل جيرانه، وأخرى من المحلات التجارية، ليعبئها بالماء. هو يعتبر أنّ استمرار عمله في تزويد الشبان على الحدود لليوم الحادي عشر على التوالي (أمس الإثنين) جزءاً من دعم صمود الشبان على الحدود واستمراراً لمسيرة وخيام العودة.
صادف أبو غسان عدداً من المواقف مع الشبان وحتى الأطفال خلال نشاطه. وفي "جمعة الكوشوك" الأخيرة، خرج إليه من بين الدخان شاب يتمايل في المشي، وعندما شرب الماء سقط على الأرض، ولم يكن غير أبو غسان بالقرب منه. لكن، عندما سقط على الأرض ألقى جنود الاحتلال قنبلة غاز سقطت بالقرب منهما، فسارع أبو غسان لإسعاف الشاب بنقله إلى النقطة الطبية بالقرب من الخيام.
لم يمضِ نصف ساعة بعدها، حتى علم أبو غسان أنّ الرجل هو مجدي شبات الذي استشهد، لينهار من البكاء. يضيف: "حتى اللحظة لا أستوعب كيف خرج من وسط الدخان الأسود وهو مصاب، ويطلب منّي شرب الماء. يكاد لا أحد يصدقني عندما أخبره أنّه طلب مني الماء وسقط، لكنّها كانت أنفاسه الأخيرة أمام عيني. عدت إلى المنزل ومشهده لا يغيب عن بالي".
هذا الموقف لم يكن الموقف الأول في نقل أبو غسان للمصابين، ففي عدة مرات وجد أحد المصابين أمامه بينما فرق الإسعاف بعيدة عنه أكثر من 700 متر. لذلك، أسرع لتثبيته على الأرض ووضعه على قطعة قماش كبيرة بشكل يراعي حالته، ثم وضعه مع أصدقائه فوق التوك توك الى أقرب نقطة للإسعاف.
أصبح أبو غسان معروفاً بالنسبة للشبان على الحدود، وفي كثير من المرات تحضر له نساء على الحدود زجاجات مياه ليزود الشبان بها. لكنّه ينزعج عندما يشاهد الأطفال على الحدود، ودائماً ما يحاول أن يعيدهم إلى الخلف وقد يستخدم التوك توك لهذا الغرض.
اقــرأ أيضاً
ينظر أبو غسان إلى الأطفال على أنّهم يحملون طاقة كبيرة يريدون مشاركة الشبان فيها. لكنّه مع أصدقائه يحاولون منعهم من الوصول إلى الحدود. يقول: "أشعر أنّهم أبنائي. أعطيهم الماء لكن أطلب منهم العودة، لأنّ العدو لا يفرّق بين طفل وبالغ، وبين رجل وامرأة" مشيراً إلى استشهاد الطفل حسين ماضي يوم الجمعة بعمر 16 عاماً.
يوم الجمعة، أصبح بالنسبة للمواطن الفلسطيني، أبو غسان المملوك، غير كلّ الأيام التي يستخدم فيها التوك توك صباحاً لنقل الخضر من الأراضي الزراعية إلى سوق فراس وسط مدينة غزة، أو يستخدمه في نقل البضائع المختلفة طوال النهار. يوم الجمعة يخصصه حصراً لمسيرات العودة. يعتبره يوماً وطنياً يساند فيه الشبان على الحدود بماء الشرب، بالإضافة إلى نشاطه الجزئي في بقية أيام الأسبوع.
وائل ديب المملوك (أبو غسان) من سكان مدينة غزة في حي الزيتون، يبلغ من العمر 45 عاماً. يعاني من الظروف الاقتصادية الصعبة، إذ تقلصت منذ بداية العام طلبات النقليات على التوك توك، إلى أقل من النصف. أب لسبعة أبناء، يعيش في منزل مستأجر، ويتأخر في السداد أحياناً.
شارك أبو غسان في مسيرات العودة يوم الجمعة 30 مارس/ آذار الماضي. وعندما اقترب بالتوك توك من الحدود كان دخان الإطارات المطاطية يتصاعد أكثر، بينما يهتف الشبان بحرارة. بعدها، بدأ جنود الاحتلال بإطلاق الرصاص والقنابل الحارقة والمسيلة للدموع، فتمكن أبو غسان من نقل مصاب بالتوك توك.
عاد أبو غسان بعد نقل المصاب، إلى الشبان محملاً هذه المرة بزجاجات مياه جمعها من بعض الأهالي المتواجدين في خيام العودة. وعندها وجد نفسه على مدار أكثر من 6 ساعات ينقل المياه للشبان على الحدود.
يقول لـ"العربي الجديد": "أنا ربّ عائلة وأخاف على أبنائي، وأخاف أيضاً على مصدر رزقي الوحيد التوك توك، لكن كلّ من يأتي إلى الحدود تتعزز لديه مشاعر الوطنية أكثر خصوصاً عندما يشاهد جميع الناس متفقين على حق العودة، بعدما وصلت بنا الحال إلى الفقر الشديد، إذ لا أمل نلاحقه الآن غير حق العودة. شعرت بسعادة داخلية عندما كنت أقدم المياه إلى الشبان الثائرين على الحدود، وقررت المواصلة".
منذ يوم الأرض، نظم أبو غسان وقته بشكل مختلف، ففي الأيام العادية، يعمل في الصباح بالنقليات، ثم يعود عند العصر ليحمل زجاجات المياه إلى الشبان على الحدود، متطوعاً ومن دون أن يحمّلهم أيّ ثمن. بعدما شاهده أصدقاؤه، تطوع اثنان منهم ليساندوه في العمل الخيري. أما في يوم الجمعة فيرفض العمل بالنقليات تماماً، فيستيقظ منذ ساعات الصباح الأولى ليحضّر نفسه ويرافق من هم في خيام العودة والحدود لتزويدهم بالماء حتى نهاية النهار.
يحضر أبو غسان الزجاجات البلاستيكية من منزله وبعض منازل جيرانه، وأخرى من المحلات التجارية، ليعبئها بالماء. هو يعتبر أنّ استمرار عمله في تزويد الشبان على الحدود لليوم الحادي عشر على التوالي (أمس الإثنين) جزءاً من دعم صمود الشبان على الحدود واستمراراً لمسيرة وخيام العودة.
صادف أبو غسان عدداً من المواقف مع الشبان وحتى الأطفال خلال نشاطه. وفي "جمعة الكوشوك" الأخيرة، خرج إليه من بين الدخان شاب يتمايل في المشي، وعندما شرب الماء سقط على الأرض، ولم يكن غير أبو غسان بالقرب منه. لكن، عندما سقط على الأرض ألقى جنود الاحتلال قنبلة غاز سقطت بالقرب منهما، فسارع أبو غسان لإسعاف الشاب بنقله إلى النقطة الطبية بالقرب من الخيام.
لم يمضِ نصف ساعة بعدها، حتى علم أبو غسان أنّ الرجل هو مجدي شبات الذي استشهد، لينهار من البكاء. يضيف: "حتى اللحظة لا أستوعب كيف خرج من وسط الدخان الأسود وهو مصاب، ويطلب منّي شرب الماء. يكاد لا أحد يصدقني عندما أخبره أنّه طلب مني الماء وسقط، لكنّها كانت أنفاسه الأخيرة أمام عيني. عدت إلى المنزل ومشهده لا يغيب عن بالي".
هذا الموقف لم يكن الموقف الأول في نقل أبو غسان للمصابين، ففي عدة مرات وجد أحد المصابين أمامه بينما فرق الإسعاف بعيدة عنه أكثر من 700 متر. لذلك، أسرع لتثبيته على الأرض ووضعه على قطعة قماش كبيرة بشكل يراعي حالته، ثم وضعه مع أصدقائه فوق التوك توك الى أقرب نقطة للإسعاف.
أصبح أبو غسان معروفاً بالنسبة للشبان على الحدود، وفي كثير من المرات تحضر له نساء على الحدود زجاجات مياه ليزود الشبان بها. لكنّه ينزعج عندما يشاهد الأطفال على الحدود، ودائماً ما يحاول أن يعيدهم إلى الخلف وقد يستخدم التوك توك لهذا الغرض.
ينظر أبو غسان إلى الأطفال على أنّهم يحملون طاقة كبيرة يريدون مشاركة الشبان فيها. لكنّه مع أصدقائه يحاولون منعهم من الوصول إلى الحدود. يقول: "أشعر أنّهم أبنائي. أعطيهم الماء لكن أطلب منهم العودة، لأنّ العدو لا يفرّق بين طفل وبالغ، وبين رجل وامرأة" مشيراً إلى استشهاد الطفل حسين ماضي يوم الجمعة بعمر 16 عاماً.