تضحك الفتاتان في طريق عودتهما من مدرستهما، ظهيرة يوم أمس. المصوّر الذي ظهر فجأة أمامهما جعلهما تضحكان. فعلتا في محاولة لإخفاء الخجل الذي راحتا تشعران به أمام عدسته. هو كان يلتقط صور ثلوج ديسمبر/ كانون الأوّل المتساقطة على ملاطية التركيّة، عندما صادفهما. لم يطلب إذنهما وبدأ يلتقط صورهما وصور آخرين في تلك الساحة التي غطّاها الأبيض. شعرتا بشيء من الإرباك، فحنت إحداهما رأسها لعلّها تنجح في إخفاء وجهها. أمّا الأخرى، فلم تبالِ كثيراً بآلة التصوير وظلّت تنظر إليها.
أمس الأربعاء، راحت الثلوج تتساقط على مناطق مختلفة من تركيا، معلنة بداية موسم أبيض جديد. الأبيض، غالباً ما يبشّر بالخير. أمّا اليوم فتكثر الاستثناءات، في بقاع مختلفة من العالم. هذا الأبيض يضحي أشبه بكابوس بالنسبة إلى كثيرين. وهؤلاء إمّا فقراء معدمون يفتقرون إلى وسائل تدفئة ملائمة في أماكن سكناهم المتواضعة، وإمّا لاجئون إلى بلاد الله الواسعة يتحصّنون بخيم وشوادر بالية، وإمّا نازحون داخل أوطانهم الممزّقة يحتمون بما توفّر لهم من أسقف أو ما يشبه الأسقف. هؤلاء قد يكونون غزيّين يحاصرهم الاحتلال في قطاعهم، وقد يكونون مصريّين أو لبنانيّين أو سودانيّين أو نيباليّين - وغيرهم - يعانون من أزمات معيشيّة حادّة، وقد يكونون سوريّين أو عراقيّين أو أفغاناً - وغيرهم - لجأوا إلى أوروبا هرباً من مآس كثيرة، وقد يكونون سوريّين أو عراقيّين أو يمنيّين - وغيرهم - هُجّروا من منازلهم واستقرّوا في مناطق أخرى من الوطن أكثر أماناً.