دخل الأب منزله بعد يوم طويل. لم يكن في عمله بل في المقهى مع أصدقائه. ليس لديه أي عمل يقوم به. يستيقظ صباحاً ويستحم ويخرج من منزله في الوقت نفسه، كأنه ملتزم بدوام عمل. يقصد المقهى القريب من منزله، حيث يلتقي رفاقه وقد وصل بعضهم قبله، فيما سيصل الآخرون تباعاً. يتحدثون ويدخّنون ويشربون القهوة. يتباحثون بأمور بلدهم والمستقبل الذي ينتظرهم وحاضرهم. يفضفضون لبعضهم بعضاً، ويأخذون استراحة من استراحتهم. يقصد الأب منزله ظهراً لتناول طعام الغداء ويستريح قليلاً. ربّما ينام أو يشاهد التلفزيون. لا يرغب في الاختلاط كثيراً بسكان المنزل. يفضّل الانزواء وعدم التحدّث إلى زوجته أو أولاده. يخرج مجدداً في العصر إلى المقهى ليشرب الشاي أو القهوة، ويلتقي بأصدقائه. تنتهي السهرة ويعود إلى منزله متعباً بعد يوم طويل.
***
كان النقاش محتدماً بين الأم والأب والأخ الأكبر. برأي الأب، ما يحصل لابنته هو أفضل ما قد يحصل لها ولهم في الحياة. فرصة حياتها وحياتهم معاً قد جاءت إليهم. زواجها من العريس "اللقطة" لا يحتاج إلى نقاش. هي أصلاً لا تعرف مصلحتها. هذا رأي شقيقها أيضاً. ومهما حاولت الأمّ إقناعهما بأن العريس لا يناسب ابنتها، لن يقتنعا. ليسا في هذا الوارد أصلاً. أصرّا وخضعت. أما الفتاة، فلم تُسأل عن رأيها.
***
بطل القصة الأولى لاجئ سوري يعيش في لبنان. لا يملك عملاً، ولا يقضي وقتاً مع أطفاله. لكنّه ربّ الأسرة. أحدهم أخبر هذا الرجل أو أقنعه بأن قضاء يومياته في المقهى هو بمثابة ضمان لعدم اهتزاز صورته كرجل. لديه أطفال، أحدهم في السادسة عشرة من عمره. هذا الصبيّ الذي يعمل نادلاً في أحد المقاهي يودّ أن يسمع كلمة تشجيع من والده حين يعود إلى منزله مساءً. يكفيه أن يشعر معه فقط. ملاحظة: المياه في هذا المنزل، على غرار منازل أخرى يسكنها لاجئون، شحيحة. لكن الأب يستحم يومياً قبل الخروج من منزله.
بطل القصة الثانية أيضاً لاجئ سوري يعيش في لبنان. يرى أن تزويج صغيرته التي لم تبلغ الرابعة عشرة من عمرها هو أفضل ما قد يحدث لها ولهم.
قبل ثلاثة أيام، كان عيد الأب. وقبله، اليوم العالمي للاجئين. احتفل كثيرون بآبائهم سواء أكانوا حاضرين أم غائبين. رأينا صوراً جميلة وقديمة على مواقع التواصل لآباء ربما تعود إلى سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي. لا بد أنه شعور جميل أن يكون للأب عيد يُحتفل به وطنياً. ما لم نره أو نسمعه هو كيف عيّد اللاجئون آباءهم في يومهم؟
(ناشطة نسوية)
اقــرأ أيضاً
***
كان النقاش محتدماً بين الأم والأب والأخ الأكبر. برأي الأب، ما يحصل لابنته هو أفضل ما قد يحصل لها ولهم في الحياة. فرصة حياتها وحياتهم معاً قد جاءت إليهم. زواجها من العريس "اللقطة" لا يحتاج إلى نقاش. هي أصلاً لا تعرف مصلحتها. هذا رأي شقيقها أيضاً. ومهما حاولت الأمّ إقناعهما بأن العريس لا يناسب ابنتها، لن يقتنعا. ليسا في هذا الوارد أصلاً. أصرّا وخضعت. أما الفتاة، فلم تُسأل عن رأيها.
***
بطل القصة الأولى لاجئ سوري يعيش في لبنان. لا يملك عملاً، ولا يقضي وقتاً مع أطفاله. لكنّه ربّ الأسرة. أحدهم أخبر هذا الرجل أو أقنعه بأن قضاء يومياته في المقهى هو بمثابة ضمان لعدم اهتزاز صورته كرجل. لديه أطفال، أحدهم في السادسة عشرة من عمره. هذا الصبيّ الذي يعمل نادلاً في أحد المقاهي يودّ أن يسمع كلمة تشجيع من والده حين يعود إلى منزله مساءً. يكفيه أن يشعر معه فقط. ملاحظة: المياه في هذا المنزل، على غرار منازل أخرى يسكنها لاجئون، شحيحة. لكن الأب يستحم يومياً قبل الخروج من منزله.
بطل القصة الثانية أيضاً لاجئ سوري يعيش في لبنان. يرى أن تزويج صغيرته التي لم تبلغ الرابعة عشرة من عمرها هو أفضل ما قد يحدث لها ولهم.
قبل ثلاثة أيام، كان عيد الأب. وقبله، اليوم العالمي للاجئين. احتفل كثيرون بآبائهم سواء أكانوا حاضرين أم غائبين. رأينا صوراً جميلة وقديمة على مواقع التواصل لآباء ربما تعود إلى سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي. لا بد أنه شعور جميل أن يكون للأب عيد يُحتفل به وطنياً. ما لم نره أو نسمعه هو كيف عيّد اللاجئون آباءهم في يومهم؟
(ناشطة نسوية)