احتشد التونسيون منذ الصباح الباكر، وحوالى الساعة العاشرة صباحاً تعالت الأناشيد الوطنية والأغاني الوطنية كحماة الحمى، على نخلك يا وطن، وقد كانت الأصوات تزداد حماسة كلما اقتربت من باردو... كما رفعت الشعارات واللافتات التي كتب عليها :"لا للإرهاب"، والتحفت النساء والأطفال بالعلم الوطني وطغى اللونان الأحمر والأبيض، لونا الراية التونسية، كما اغتنم البعض هذه المناسبة لارتداء اللباس التقليدي التونسي ولارتداء أجمل الحلل فبدت المسيرة بمثابة العرس المميز.
ووسط أجواء أمنية مشددة ومع تحليق الطائرات العسكرية في السماء...انطلقت مسيرة "العالم باردو...ضد الإرهاب" لتتعالى الحناجر المنددة بالإرهاب أكثر فأكثر، وتتعالى زغاريد النسوة، الأجواء التي ذكرت التونسيين بأيام الثورة التونسية.
لقاؤنا الأول كان مع الحاجة فوزية، التي قدمت من محافظة الكاف للمشاركة في المسيرة. قالت إنها استيقظت الساعة الخامسة صباحاً للمشاركة في هذه التظاهرة، وإنها رغم المرض وآلام قدميها، جلبت معها "كرسياً صغيراً" كانت تجلس عليه بين الفينة والأخرى وتمشي مرددة "إلى الأمام إلى الأمام ".
تقول فوزية:"هذا الكرسي يرافقني منذ أيام الثورة، ورغم أني مريضة وليست لدي قدرة على مجاراة نسق الشباب، إلا أن حب الوطن يدفعني إلى الحضور للتنديد بالإرهاب."
وأضافت أنّ سعادتها اليوم لا توصف وهي ترى هذه الحشود الكبيرة من الناس، مبينة أنها ضد "الدواعش وضد الإرهاب".
منصف، كهل تونسي في عقده الخامس، كان يرفع الراية التونسية ويصرخ: "لا للإرهاب، لا للإرهاب". كان فخوراً بالمسيرة ومتحمساً لرؤية الشباب يحضرون بكثافة، واعتبر أنّ الشعب التونسي بحضوره المكثف تحدى الإرهاب وردّ على هجمة باردو، وقال إنّ الشعب التونسي بيّن للعالم أنه من أروع الشعوب، معتبراً أنّ التونسيين وأحفاد الزعيم بورقيبة لا يمكن أن يخافوا أو يركعوا للإرهاب .
وفي هذا الصدد قال:"تونس، التي أراها اليوم، هي تونس التي أرادها الزعيم بورقيبة، تونس التي يحبها الشعب التونسي وليست تلك التي يريدها الإرهابيون."
اقرأ أيضاً: تونس: مسيرة عربية دولية تنديداً بالإرهاب
في السياق ذاته، أكدّت شابة، تدعى آمنة جمل، أنّ الأجواء حماسية للغاية وهو يوم غير عادي في نظرها، وأن المسيرة أعادت للأذهان مشاهد الثورة في 14 يناير، وأضافت أنها جهزت نفسها منذ الصباح الباكر وتركت شؤون البيت وكل المواعيد من أجل الحضور والتنديد بالإرهاب.
واعتبرت آمنة أنّ كل المشاغل اليوم من طبخ وأكل وشؤون البيت تعتبر ثانوية أمام المشاركة في هذه المسيرة الحاشدة، وأشارت إلى أن التونسيين وجهوا رسالة قوية للإرهابيين، وللعالم، مفادها أن التونسي يحب الحياة ويحب السلام، مؤكدة أن وحدة الشعب التونسي في مثل هذا الظرف مهمة جدا فمثلما أبهر التونسيون العالم بالثورة وبتجاوزهم المرحلة الانتقالية فإنهم قادرون على دحض الإرهاب.
ربيع عرفاوي، الذي كان يتأمل الحشود في انبهار، وينشد النشيد الوطني، قال إن الارهابيين لن يتغلبوا على الشعب التونسي ولن يهزموا عزيمته، مبيناً أنّ جهل الإرهابيين قادهم إلى ارتكاب تلك المجزرة الشنيعة، مضيفاً: "لن تمروا، لن تمروا، وتونس ستعيش في سلام وأمان، فالشعب صامد والجيش والأمن قويّان ويحميان التونسيين".
كان البعض ينادي: "الجيش يحمينا...الأمن يحمينا...صامدون"، عندها قال توفيق الكثيري، إمام خطيب في جامع عقبة بن نافع في الحرارية، إن مشاركتهم في هذه المسيرة ضد الإرهاب هدفها بعث رسالة للشباب وللعالم، فلا يكفي الحديث عن الاعتدال في المنابر وفي الإعلام بل حتى في الميدان يجب أن يدافعوا عن الوطن.
وبيّن عبد الوهاب حمادي أنّهم كأئمة وخطباء يوجهون رسالة للعالم ويصرخون: نحن "ضد الإرهاب والدين الإسلامي يرفض الإرهاب"، معتبراً أن أئمة تونس ضد كل الدعوات الإجرامية التي تستغل الدين لتبرير هجماتها، مؤكداً أن الدين الإسلامي بريء من هؤلاء.
واعتبرت مواطنة جزائرية، تدعى زينب، أنّ الإرهاب لا يمكن أن يمرّ وأنها فخورة جداً بمشاركتها في هذه المسيرة، وأن تونس وجهت رسالة قوية للعالم بأنها ستبقى في أمان وسلام.
اقرأ أيضا: تونس: القبض على 23 إرهابياً متورطاً في عملية باردو