أعلنت أحزاب التحالف الشعبي الاشتراكي، والدستور، والكرامة، والعيش والحرية (تحت التأسيس) المصرية، وعدد من الشخصيات العامة المنضوية في "الحركة المدنية الديمقراطية" المعارضة، على غرار حمدين صباحي، وجورج اسحق، وعبد الجليل مصطفى، ومصطفى كامل السيد، مقاطعتها لانتخابات مجلس الشيوخ المزمع إجراؤها يومي 11 و12 أغسطس/ آب المقبل، وذلك حرصاً منها على أن يكون موقفها واضحاً من القضايا الهامة التي تواجه الوطن.
وقالت هذه الأحزاب والشخصيات العامة، في بيان مشترك الخميس، إن قرارها بعدم المشاركة في انتخابات مجلس الشيوخ سببه أن اقتراح إضافة غرفة ثانية للبرلمان "كان واحداً من التعديلات الدستورية التي رفضتها الحركة المدنية، لما تمثله من خروج على ما اتفقت عليه لجنة الخمسين، وأيدها الشعب في استفتاء حظي بموافقة واسعة، وتوج بإقرار دستور عام 2014، والذي كان يعكس تطلعات الشعب المصري نحو حياة ديمقراطية سليمة".
وأضافت، في بيان أن "التعديلات الدستورية التي جرت في العام الماضي عصفت بكل ما تضمنته مواد دستور 2014، من إسقاط الحظر على تولي رئاسة الجمهورية أكثر من مدتين، ومد فترة رئيس الجمهورية من أربع إلى ست سنوات"، مستطردة بأن "رفض الحركة اقتراح إنشاء مجلس الشيوخ كان مستنداً إلى تجربة مجلس الشورى في ظل دستور عام 1971، والذي لم يضف جديداً إلى الحياة السياسية في مصر".
وتابعت أن "مجلس الشيوخ سيكون شأنه شأن مجلس الشورى، في ما يخص محدودية سلطاته في التشريع والرقابة على السلطة التنفيذية، بل جاء نص التعديل الدستوري في عام 2019 ليحد من هذه السلطات، ويسقط شرط حصول عضو هذا المجلس على شهادة جامعية، ليجعله فقط ملماً بالقراءة والكتابة، وهو ما يلغي إمكانية أن يكون الشيوخ مجلساً للكفاءات، بحيث يُعين المجلس الأدنى، وهو مجلس النواب، في أداء مهامه".
وقالت الأحزاب المصرية إن "تجربة مجلس النواب الحالي بتواضع أدائه، لا توحي في أفضل الأحوال بأن يكون أداء مجلس الشيوخ أفضل منه كثيراً"، مستكملة بأن "القانون الذي ستُجرى على أساسه انتخابات مجلس الشيوخ هو قانون لا يطبق في أي دولة ديمقراطية، لأنه يقضي بأن يكون نصف المقاعد بنظام القوائم المغلقة، والتي تحظى بجميع مقاعد الدائرة في حالة حصولها على 50% + 1 من جملة الأصوات".
وزادت بقولها إن "نظام القوائم المغلقة يلغي مبدأ عدالة الانتخابات، لأنه يحرم القائمة التي تحصل على 49% من أصوات الناخبين من أية مقاعد"، مضيفة: "كما هو معروف في تاريخ الانتخابات النيابية في مصر، وفي ظل افتقاد حرية نشاط الأحزاب، فإن القائمة التي ستحصل على الأغلبية في كل دائرة من دوائر القوائم هي القائمة التي تساندها أجهزة الإدارة الحكومية، بما يغلق الباب أمام تمثيل عادل لكافة القوى الحزبية".
وتابعت الأحزاب: "نظراً لأن أحزاب القوائم ستتنافس كذلك على المقاعد الفردية، فإن الأمر سينتهي بها إلى السيطرة المطلقة على مقاعد مجلس الشيوخ، وبالتالي تتضح صحة الترتيبات التي جرت قبل هذه الانتخابات، والمتعلقة بتشكيل ما يسمى بقائمة موحدة، أشرف عليها ظاهرياً حزب مستقبل وطن المؤيد لنظام الحكم القائم، من خلال انتقاء أحزاب، واستبعاد أخرى، بعد وصف الأولى بأنها تساند الدولة".
شددت الأحزاب على أن المناخ المُحيط بهذه الانتخابات بعيد عن كونه مناخاً صحياً لإجراء انتخابات حرة ونزيهة
وبينت أن "مقاعد القائمة جرى توزيعها من دون أي معايير واضحة، أو حتى توضيح لما يجمع كل هذه الأحزاب من مبادئ أو سياسات، سوى القول إنها تساند الدولة اختزالاً للدولة في نظام الحكم، وكأن كل الأحزاب القائمة في مصر الآن لا تساند مصر الدولة، حتى مع اختلافاتها مع بعض أو كل سياسات نظام الحكم ممثلاً في الرئيس عبد الفتاح السيسي".
وشددت الأحزاب على أن "المناخ المُحيط بهذه الانتخابات بعيد عن كونه مناخاً صحياً لإجراء انتخابات حرة ونزيهة، في ظل اكتظاظ أعداد كبيرة من المواطنين في السجون بسبب الحبس الاحتياطي لشهور، وربما لسنوات من دون محاكمة، أو حتى تحقيق قضائي، ومع القيود المفروضة على كل أدوات الإعلام التقليدي والجديد، وعلى حريات التنظيم والتجمع السلمي، وهي قيود سابقة على جائحة فيروس كورونا".
وأشارت إلى أنه "لا توجد أي بادرة إلى تخفيف هذه القيود، تشجيعاً على المشاركة في الانتخابات النيابية، بل وحرصاً على تحقيق الوحدة الوطنية الضرورية، على الرغم من الظروف الدقيقة التي يمر بها الوطن نتيجة التحديات الناجمة عن خطر اقتراب الإرهاب من حدود مصر الغربية، ومواصلة السلطات الإثيوبية التعنت في مفاوضات سد النهضة الذي اكتمل بناؤه، وجرى بالفعل ملء البحيرة وراءه".
وكانت مصادر حزبية مصرية قد كشفت أن خلافاتٍ حادة نشبت بين عددٍ من الأحزاب الموالية للسيسي، والمنضوية تحت لواء حزب "مستقبل وطن" في قائمة موحدة لانتخابات مجلس الشيوخ، وهي القائمة التي يشرف على اختيار أعضائها جهاز الأمن الوطني، بالتنسيق مع الاستخبارات العامة، بغرض حصد الأغلبية الكاسحة لمقاعد الغرفة الثانية للبرلمان في الانتخابات المرتقبة الشهر المقبل.
وقالت المصادر، في حديث سابق مع "العربي الجديد"، إن الخلافات نشبت بعد قرار "مستقبل وطن" الحصول على 40 مقعداً من أصل 100 مقعد مخصصة لنظام القوائم المغلقة، فضلاً عن دفعه بعدد 93 مرشحاً من أصل 100 مقعد فردي، وتوزيع المقاعد الأخرى على بعض الأحزاب الموالية، مثل الشعب الجمهوري، وحُماة الوطن، والوفد الجديد، مع استبعاد أحزاب بارزة من تلك القوائم، كالمصريين الأحرار.
وقسم قانون مجلس الشيوخ الجمهورية إلى 27 دائرة تخصص للانتخاب بالنظام الفردي (كل محافظة دائرة واحدة)، و4 دوائر تخصص للانتخاب بنظام القوائم، يُخصص لدائرتين منها عدد 15 مقعداً لكل منهما، ويُخصص للدائرتين الأخريين عدد 35 مقعداً لكل منهما، على أن يُنتخب عن كل دائرة عدد الأعضاء الذي يتناسب وعدد السكان والناخبين بها.
وسبق أن أعلن رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات في مصر، لاشين إبراهيم، قبول أوراق 750 مرشحاً لانتخابات مجلس الشيوخ، مع استبعاد 150 مرشحاً آخرين لعدم استيفائهم الشروط والأوراق المطلوبة، مشيراً إلى أن لجان فحص الطلبات والبت في صفات المرشحين تأكدت من توافر شروط الترشح في أسماء المقبولين من واقع المستندات، وبتت في مدى صحة انتماء كل مرشح على النظام الفردي، والمستندات المقدمة من المرشحين الأصليين والاحتياطيين للقوائم.
إلى ذلك، قرر حزب المحافظين المصري عدم المشاركة في انتخابات مجلس الشيوخ، بعد الاطلاع على تقرير اللجنة الدائمة للانتخابات بالحزب، والذي جاء فيه أن بعض مرشحي الحزب على قوائم شرق وغرب الدلتا تعرضوا للتعنت والمضايقات والعرقلة، أثناء تقديمهم أوراق الترشح والكشف الطبي، رغم التزامهم الكامل بالقرارات والتعليمات التي أعلنت عنها الهيئة الوطنية للانتخابات.
وقال حزب المحافظين في بيان له: "استشعر الحزب بأن ضمانات إجراء انتخابات نزيهة، وعادلة، غير متوفرة، وعليه قرر عدم خوض انتخابات مجلس الشيوخ، آملا في أن يكون هذا دافعاً لتوجيه بتحسين المناخ العام، حتى يتمكن الحزب من المشاركة في انتخابات مجلس النواب المقبل، ليتمكن من أداء دوره كحزب سياسي وطني في تعزيز المشاركة السياسية، في ظل احترام التعددية الحزبية التي نص عليها الدستور".